بيروت - لبنان اليوم
كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": في الوقت الذي لم تسقط فيه جراح الأسرى المحررين من معتقل الخيام الجسدية والنفسية بمرور الزمن، أسقطت المحكمة العسكرية جرائم جزار المعتقل العميل عامر الفاخوري بهذه الصفة، وقررت كفّ التعقبات بحقه وإطلاق سراحه، لتعيد فتح جراح الأسرى المحررين الذين كانوا يتطلعون الى أن يكون الفاخوري عبرة لكل أمثاله من العملاء، ولتشتعل سجون لبنان التي يطالب نزلاؤها منذ زمن بالعفو العام ويصرون عليه اليوم خوفا من وباء كورونا الذي قد يجتاح السجون ويؤدي الى كارثة صحية.
اللافت أن المحكمة العسكرية تجاوزت كل مخاطر كورونا، وقفزت فوق إعلان الحكومة التعبئة العامة وتعطيل المؤسسات الرسمية والخاصة، وغضت الطرف عن قرار نقابتي محامي بيروت وطرابلس بعدم حضور المحاكمات، ورغم ذلك إنعقدت وأصدرت قرارها باطلاق سراحها، بما يشبه تهريب الحكم في زمن الكورونا لختم هذا الملف الذي جاء قبل 48 ساعة من وقف الملاحة الجوية بين لبنان ودول العالم، بما يسمح للفاخوري العميل أن يغادر الأراضي اللبنانية الى الولايات المتحدة الى غير رجعة.
كثيرة هي التساؤلات التي رافقت قرار المحكمة العسكرية لجهة: هل هو قرار سياسي بضغط أميركي بعدما باتت قضية الافراج عن الفاخوري الشغل الشاغل لكل الموفدين الأميركيين الذين تعاطوا مع المسؤولين اللبنانيين باسلوب الترهيب والترغيب؟، وكيف لقضية من هذا النوع وبهذه الخطورة أن تختتم بهذه السرعة من دون التأجيل الذي بات تقليدا في المحاكم اللبنانية، بينما هناك مئات الموقوفين أمضوا سنوات طويلة من دون محاكمة ومن دون حتى إستماعهم أو توجيه تهمة إليهم؟، وماذا ستقول الحكومة لأهالي الموقوفين الذين يستوطنون الشارع منذ سنوات للمطالبة بالعفو العام عن أبنائهم؟، وكيف ستواجه الحكومة الأسرى المحررين اللبنانيين المقاومين الذي واجهوا شتى صنوف العذاب على يد العميل الفاخوري وهم يرونه يغادر لبنان؟، وهل يكفي استنكار حزب الله ببيان لهذا القرار؟، وهل صحيح أن المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات يمكن أن يحفظ ماء وجه القضاء باستئناف قرار المحكمة العسكرية كما ذكرت وسائل إعلامية عن مصادر قضائية مطلعة؟.
في كل الأحوال، فإن القرار القضائي العسكري الذي تجاوز التعبئة العامة ضد وباء كورونا، قد كسر بالنسبة لكثير من الأهالي هذه التعبئة وخالفوا بند منع التجمعات، حيث نزلوا الى الشوارع وقطعوا الطرقات وأشعلوا الدواليب، وشددوا على مطلبهم في إنجاز العفو العام، مؤكدين أنه من غير المنطقي الافراج عن العملاء والابقاء على المظلومين في السجن، مطالبين الحكومة بالمساواة بين أبنائهم وبين العملاء.
الاحتجاج لم يقتصر على الأهالي بل إنتقل سريعا الى السجون التي شهدت تحركات غاضبة أشبه بثورة قام بها السجناء رفضا لقرار المحكمة العسكرية باطلاق سراح العميل فاخوري، خصوصا أنهم ينتظرون العفو العام منذ سنوات وقد سئموا من الوعود ومن الاستثمار السياسي والتجاذبات حول هذا الملف.
تقول مصادر مواكبة: إن قرار المحكمة العسكرية باطلاق سراح الفاخوري من شأنه أن يضع السجناء من داخل سجنهم وأهاليهم من خارجه في مواجهة السلطة السياسية التي أصابها القرار بالصميم، ففي الوقت الذي من المفترض أن تتفرغ فيه الحكومة لمواجهة الأزمة الصحية معطوفة على الأزمة المالية، ستجد نفسها أمام ثورة متعددة الأطراف من السجناء ومن أهاليهم ومن التيارات والأحزاب التي تحمل فكر المقاومة ضد إسرائيل، ومن أكثرية لبنانية عانت الأمرين من الاحتلال وعملائه، ومن الأسرى المحررين الذين إعتبر بعضهم أن قرار العسكرية جاء ليقضي على ما تبقى من سيادة الدولة وهيبة القضاء
قد يهمك ايضا:المحكمة العسكرية في لبنان تطلق سراح عامر الفاخوري من تهمة التعذيب
قاضية التحقيق العسكري تصدر قراراها الاتهامي بحق عامر الفاخوري