بيروت – رياض شومان
أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام أن "الانتخابات البلدية والاختيارية التي جرت الاحد الماضي، أسقطت كل الذرائع عن عجز اللبنانيين عن خوض غمار الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية وأثبتت أن الدولة ومؤسساتها وقواها الأمنية، قادرة على إدارة وحماية أكثر التحديات الإنتخابية صعوبة وتعقيدا، وبين أنه ليس مستحيلا البناء على هذا الانجاز، للتقدم نحو إعادة بناء هيكلنا الدستوري وأول ركائزه رئاسة الجمهورية ووضع قانون انتخاب عصري".
وقال في كلمة ألقاها في افتتاح منتدى الاقتصاد العربي 2016 في فندق “فينيسيا: " أود أن أغتنم هذه المناسبة لأوجه من بيروت، تحية حارة الى قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يخوض اليوم مع إخوانه، غمار تجربة تطويرية كبيرة، عنيت بها الخطة التي أطلق عليها إسم "الرؤية الاقتصادية 2030. إننا نتطلع بكثير من الاهتمام، إلى الخطوات الأولى في هذه المسيرة النوعية الطموحة، ونتمنى لها النجاح في تحقيق ما يعود بالخير على الشعب السعودي الشقيق".
وأضاف: "بعد أسبوعين، ننهي للأسف عامين كاملين من الشغور الرئاسي، الذي يشكل إساءة بالغة للبنان واللبنانيين، ويعكس عجزا مخجلا للطبقة السياسية عن الخروج من أسر المصالح الداخلية والارتباطات الخارجية، وعن حفظ الأمانة التي أعطاها إياها الناس، لتدبير شؤونهم ورعاية مصالحهم. إن هذا التقصير المتمادي، هو السبب الأساس لما تعاني منه المؤسسات من شلل وتعثر، مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لعدد كبير من القضايا المتعلقة بحاجات اللبنانيين المباشرة والبعيدة الأمد".
وأكد أنها تعكس أيضا أسوأ صورة ممكنة عن البلد، في وقت يحتاج لبنان إلى صورة توحي للمستثمر بالثقة التي لا وجود لها من دون استقرار سياسي. إن هذا الواقع، هو أحد الاسباب الرئيسية لغياب النمو والتراجع الكبير في النشاط الاقتصادي، بالاضافة طبعا الى الأسباب الخارجية الأخرى وأولها التطورات المأسوية الجارية في سوريا، والتي تركت تأثيرات سلبية هائلة على الاقتصاد اللبناني، لعل أبرزها الأعباء الكبيرة لملف النزوح السوري".
وقال سلام لقد "شكلت المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية التي جرت يوم الأحد الماضي، فسحة مضيئة وسط الاجواء الملبدة المحيطة بنا، ومتنفسا للبنانيين المحرومين منذ سنوات طويلة من ممارسة حقهم الديموقراطي. إن هذه الانتخابات، التي نأمل أن تنجز بنفس السلاسة والنجاح في محطاتها الثلاث المقبلة، بثت بعض الروح في الحياة السياسية، وأعادت للمواطن حقه الطبيعي في اختيار من يمثله في إدارة الشأن العام، وأسقطت كل الذرائع عن عجز اللبنانيين عن خوض غمار الانتخابات بطريقة سلمية وحضارية. والأهم من كل ذلك، أن هذه الانتخابات، التي تمثل إنجازا لوزارة الداخلية وأجهزتها، أثبتت أن الدولة ومؤسساتها وقواها الأمنية، قادرة على إدارة وحماية أكثر التحديات الإنتخابية صعوبة وتعقيدا، في حال توافر النية السياسية لدى الاطراف والقوى الوطنية".
واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية أنه "ليس مستحيلا البناء على هذا الانجاز، للتقدم نحو محطات أخرى من الممارسة الديموقراطية، من أجل إحياء حياتنا السياسية وإعادة بناء هيكلنا الدستوري، وأول ركائزه رئاسة الجمهورية. ليس مستحيلا التوصل إلى قانون انتخاب عصري، والذهاب نحو انتخابات عامة تعيد تجديد المجلس النيابي. ليس مستحيلا تعميق الحوارات السياسية القائمة، للوصول الى توافقات تعزز الاستقرار الراهن، وتحصن لبنان من آثار الحرب المؤلمة الدائرة في سوريا، في انتظار عودته إلى ما نريد وتريدون. وجهة مثالية للاستثمار، وواحة استثنائية للأعمال، ومنصة فريدة للتجارة والصناعة والعمل المصرفي".
وختم سلام بالقول: "على رغم كل الأوضاع الداخلية الصعبة والظروف الخارجية الأصعب، فإن ما يمتلكه لبنان من خصائص، وبنى مؤسساتية راسخة، ونظم تشريعية محفزة للاستثمار، ووضع نقدي متين، وقطاع مصرفي متقدم، واستقرار أمني كبير، وما يختزنه من خبرات بشرية، أرى الكثير منها بينكم اليوم، تجعل منه مكانا ملائما للنشاط الاقتصادي والاستثماري بكل أشكاله. وهذه السمات نفسها، هي التي تؤهل لبنان ليكون منصة انطلاق لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا العزيزة، حين تصمت المدافع، في يوم نأمله قريبا بإذن الله، وينادي المنادي أن حان وقت السلام".
من جهته، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على الإستقرار في سعر صرف الليرة في لبنان وأنّ النمو مقبول نسبة لما يجري في العالم، وأضاف: “النمو المتوقع للقطاع المصرفي في الـ2016 سيزيد بنسبة 2%، إلا أنّ العجز في ميزان المدفوعات يشكل ضعفًا للقطاع المصرفي في لبنان”، لافتًا الى أنّ 67% من نسبة النمو في الإقتصاد اللبناني ناتجة عن الرزم التحفيزية التي يطلقها المصرف المركزي.
وأشار الى أنّه أصبح هناك أكثر من 130000 قرض سكني ممّا يسمح لنسبة كبيرة من اللبنانيين أن يتملّكوا منازل، كذلك أطلق المصرف المركزي أخيرًا إمكانية الحصول على قروض بـ100 مليون دولار لتمويل الإنتاج اللبناني.
ولفت الى أنّ لبنان نفّذ الاجراءات التي تمنع التهرب من الضرائب ولن يكون على أي “لائحة سوداء”، وبهذا يكون كلّ الكلام عن هذا الموضوع قد سقط، ولم يعد هناك أي مشكلة للقطاع المصرفي مع الخارج.
وبدوره، أوضح رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزيف طربيه أنّه لا يكمن التصفيق بيد واحدة أمام المخاطر التي تهدد مجتمعنا، بل يجب أن تزيدنا قربًا من إعادة تصويب السياسات الإقتصادية والمالية والسياسية. وقال: “لدينا نسب سيولة مرتفعة وهذا ما يميّز قطاعنا، كما تنتشر مصارفنا في 33 بلد خارج لبنان والاستقرار المالي يمثل عنوانا رئيسيًا لسياسة ينتهجها لبنان.
ودعا للإلتزام التام بالمتطلبات الدولية من قبل القطاع المصرفي اللبناني لمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال.