الحكومة اللبنانية

في ظل الأزمات التي تمر يها البلاد ، كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": لا يزال التخبط سيد الموقف لدى الحكومة في تعاطيها مع الأزمة الصحية في البلاد، لا سيما في مواجهة تداعيات قرار التعبئة العامة التي ستمدد إقامة اللبنانيين في منازلهم لاسبوعين إضافيين حتى 12 نيسان المقبل، مع تشدد ردعي من قبل القوى الأمنية التي أعلنت يوم أمس أنها سطرت 1350 محضر ضبط بحق مخالفين لقرار التعبئة العامة.

لا يختلف إثنان على أن الحكومة ما تزال قاصرة عن إغاثة مواطنيها الذين عطلتهم قسرا عن أعمالهم من دون أن توفر لهم البدائل الكفيلة بتأمين أبسط مقومات الحياة.

يبدو واضحا أن الحكومة تسعى الى أن تتشبه بالدول المتطورة من جانب واحد لجهة إصدار القرارات المتعلقة بالحجر المنزلي وتعطيل المؤسسات والشركات وإيقاف عجلة الحياة لمحاصرة وباء كورونا، أما الجانب الاغاثي للمواطنين لتأمين صمودهم في منازلهم فلا يزال في علم الغيب ويحتاج الى دراسات وخطط ولجان في وقت بات فيه الجوع يطرق أبواب عشرات الآلاف من العائلات اللبنانية.

بالأمس، خيّب إجتماع مجلس الوزراء آمال اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون أكثر من قرار يدعم صمودهم ويجمع شملهم مع أبنائهم المتواجدين في الخارج، ويطمئنهم الى الواقع الصحي في البلد، حيث وجدوا أن جملة تناقضات أرخت بثقلها على الحكومة ورئيسها حسان دياب الذي أعلن “أننا في مرحلة الخطر الشديد التي دفعت الى تمديد فترة التعبئة العامة لاسبوعين قابلة للتجديد أسبوعا خامسا وهي الفترة المطلوبة لاحتواء المرض”، لكن في الوقت نفسه لم يجد أن الوضع يستدعي إعلان حالة الطوارئ التي باتت مطلبا عاما بفعل عدم إلتزام المواطنين بمفاعيل التعبئة العامة ومن ثم بحظر التجول الذاتي.

كما كان ينتظر اللبنانيون أن تعلن الحكومة عن آلية توزيع المساعدات للعائلات المحتاجة، ليفاجأوا بحسب وزيرة الاعلام أن عملية توزيع المساعدات ما تزال تُدرس في وزارة الشؤون الاجتماعية لتحويلها الى خطة من المفترض أن تعرض الاسبوع المقبل على مجلس الوزراء لاقرارها ومن ثم البدء بآلية تنفيذها، ما يعني أن على اللبنانيين إنتظار إسبوعين إضافيين للحصول على المساعدات التي وعدت بها الحكومة التي كان يفترض بها أن تترك إجتماعاتها مفتوحة وأن تكون أوصلت الدفعة الأولى من هذه المساعدات الى كل المواطنين المحتجزين في منازلهم منذ أسبوعين، خصوصا أن الجوع لا ينتظر والحاجات كثيرة ولا من يستطيع تلبية كل مطالب الناس.

ومن التناقضات أيضا، أن الحكومة تنادي بمساعدة الناس بتقديمات عينية غذائية وتعقيمية، لكنها في الوقت نفسه تطلق العنان للأجهزة الأمنية بتسطير محاضر ضبط بحق المواطنين الذين دفعتهم حاجتهم وأنين أولادهم الى المخاطرة والنزول الى الشارع لتأمين لقمة العيش، ولعل ما أقدم عليه سائق التاكسي أمس الأول من إحراق لسيارته، هو أكبر دليل على القهر والذل اللذين تمارسهما الدولة بحق مواطنيها باجبارهم على العزل والجوع في آن.

واللافت أيضا، هو التناقض الواضح بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية ناصيف حتي، حيث أكد دياب في مجلس الوزراء أنه لا يمكن إعادة الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دراستهم في الخارج الى لبنان في هذه الظروف، مؤكدا أن أولاده خارج لبنان ولا يفكر في إعادتهم، لكن الوزير حتي أعلن مساء عن آلية لاعادة الطلاب وهي تأكيد عدم إصابتهم بالكورونا بفحص مخبري رسمي، ما أدى الى إلتباس لدى الأهالي التواقين الى أن يجتمعوا مع أبنائهم في فترة الحجر المنزلي.

لا شك في أن مواجهة أزمة من نوع الكورونا، لا تتم باجتماعين أو أقل لمجلس الوزراء في الاسبوع، فإذا كانت الحكومة لا تريد إعلان حالة الطوارئ لغاية من نفس يعقوب، فعلى الأقل أن تعلن حالة الطوارئ على نفسها، وأن يحجر الوزراء على أنفسهم في السراي الكبير لاتخاذ القرارات وتأمين سرعة تنفيذها، وليس هناك من داع لأن يترأس رئيس الجمهورية كل اجتماعات الحكومة، خصوصا تلك المتعلقة بحاجات الناس في زمن الكورونا!..

قد يهمك أيضًا

توقعات بتداعيات كارثية بعد انتهاء أزمة وباء "كورونا" المستجد

"كورونا" يضرب الأسواق الشعبية في طرابلس اللبنانية في مقتل