الانتخابات النيابية

بدأ ملف الانتخابات النيابية يتقدم في الأوساط السياسية، رغم الخلافات على تطبيق القانون، بالشقّ التنفيذيّ الداخليّ، وشقّ المغتربين، والهمس بعدم إمكانية إجرائها بمواعيدها المحدّدة، الّا انّ جميع الأطراف بدأت التحضيرات الجديّة، ولو بالحدّ الأدنى، عبر درس الأرض والتغييرات والأسماء، وفتحت الأحزاب ورشاً داخلية لاختيار المرشحين، ورسم خرائط محتملة للتحالفات.
وبات من شبه المحسوم أنّه إذا حصلت الانتخابات، ستكون وفق القانون الحاليّ القائم، بغضّ النظر عن بعض التفاصيل التجميلية التي يمكن أن تضاف عليه، والتي لن تغيّر بواقع الامور كثيراً.
لكنّ انتخابات 2022، بحسب الظاهر حتّى الآن، لن تشبه بتحالفاتها وأرقامها الانتخابات السابقة. فالانهيار الاقتصادي، والحراك الشعبيّ الذي جرى في 17 تشرين الأول، سيكونان من بين المؤثرين من دون شكّ.
حتى الساعة، لا زالت القوى السياسية والحزبية تعمل منفصلة عن بعضها، تدرس اوضاعها الشخصية، وتجوجل الحواصل، وبناء عليها تنطلق نحو تحالفات على اساس مصالحها، خصوصاً انّ اغلبيتها قد أجرى اعادة قراءة لتحالفاته السابقة، وفهم القانون بتفاصيله أكثر.
حراك الاحزاب الانتخابي يرافقه حراك داخل المجتمع المدني، نظراً للتباعد الذي بدأ يظهر بين المجموعات المدنية، وحيث بدأت تظهر بوادر الفرقة بانتخابات نقابة المحامين، وهي الانتخابات الابرز التي تحمل وجهاً سياسياً، حيث حتى الساعة لم تستطع الاتفاق للذهاب موحدة نحو الانتخابات كما جرى في انتخابات نقابة المهندسين، كما انّ منصّة "نحو الوطن" الانتخابية لم تحرز ايّ تقدم يذكر على مستوى توحيد اللوائح المدنية والمعارضة.
وهنا بدا بارزاً شدّ الحبال الذي يحصل بين المجموعات المدنية وجبهة المعارضة اللبنانية والنوّاب المستقلين، ويشكو اعضاؤها من وقوعهم في خيارات متطرفة، بين مجموعات تضع في اولويتها محاربة المنظومة وتحمل افكاراً يسارية، ولا تهتم بالخطاب السيادي، وهم يبتعدون عنهم بسبب خطّهم السيادي، وبين مجموعات تقدّم الخطّ السيادي على ايّ امر آخر، وتغالي في خطابها ضدّ "حزب الله"، وهي تبتعد ايضاً عنهم بسبب طروحاتهم ضدّ المنظومة، وتتّهمهم انّهم أصبحوا يمثلون الخطّ اليساريّ، ما يعمّق الخلط بين المجموعات المعارضة.
وبنظرة اولية على الدوائر الانتخابية يبدو الثنائي الشيعي مرتاحاً في دوائر الجنوب وبعلبك الهرمل، وانّ الاهتزاز التي احدثته احداث 17 تشرين في صفوف ناخبيه لا يبدو انّه يستطيع تحقيق خرق جدّي، الاّ اذا اجتمع جميع معارضيه من الاحزاب السياسية مع المجموعات، يمكن أن يشكّلوا معارك في دوائر محدودة فقط، لا بل انّه في حال استمرّ الخلاف بين "القوات اللبنانية" و"المستقبل"، يمكن ان يستعيد "حزب الله" المقاعد العشرة في محافظة بعلبك الهرمل، بعدما خسر مقعدين منها في الانتخابات السابقة، وذلك بسبب عدم قدرة ايّ طرف وحيد من الحصول على حاصل انتخابيّ منفرداً.
ويبدو أن المناطق المسيحية ستكون أكثر الساحات احتداماً، وستدور في رحاها المعارك الاساسية، ومن المتوقع ان تشهد دائرة الشمال الثالثة (بشري، زغرتا، الكورة البترون) وكسروان والمتن والاشرفية منافسة طاحنة، وبحسب الاحصاءات الاولية، ما تزال "القوات" محافظة على حضورها، 3 حواصل في الشمال الثالثة، حاصلين في كسروان- جبيل، وحاصل في المتن، فيما لا صورة واضحة عن الاشرفية التي تحكمها التحالفات غير الواضحة حتى اللحظة.
أمّا بالنسبة إلى التيار الوطني، فيبدو انّ هناك تراجعاً سيصيبه في اغلبية هذه الدوائر، فهو خسر حلفاء اقوياء في زغرتا عبر النائب ميشال معوّض، وفي كسروان النائب نعمة افرام، وبالتالي اذا لم يؤمّن تحالفات بمستوى هذه التحالفات وهذا مستبعد، سيكون تراجعه في الشمال الثالثة من 3 حواصل انتخابية الى حاصل مؤمّن، وفي كسروان من 3 حواصل الى حاصل واحد، فيما يحافظ على حاصله في جبيل، واذا لم يحسب تحالفه مع الطاشناق، فإن الحواصل الثلاثة التي حصل عليها في المتن الشمالي انخفضت الى حاصلين، وما يسري على القوات يسري على التيار في الاشرفية الذي خسر حليفه الاقوى في المنطقة مسعود الاشقر.
ويبدو انّ تيار المردة إذا حافظ على تحالفه مع القومي، يحسم ثلاثة حواصل في الدائرة الشمالية الثانية، بينما حصد 4 في الانتخابات السابقة، فيما حاصل حليفه فريد هيكل الخازن ينتظر تحالفات وازنة تؤمّن وصوله.
ووفق ما تقدّم، إذا احتسبنا الحواصل المحسومة مع عدد المقاعد الـ34 في هذه الدوائر يظهر ان هناك 14 حاصلاً، ويبقى 20 مقعداً، بينهم 5 مقاعد ارمن يؤمّن منها 3 الطاشناق، كيفما كانت تحالفاته، وبالتالي هناك 17 مقعداً ستشهد معارك انتخابية من دون غضّ النظر عن حواصل محسومة لجبهة المعارضة اللبنانية المتحالفة مع النائب نعمة افرام، التي سيكون حضورها بارزاً في هذه الدوائر.
وانتقالاً الى المناطق ذات الاكثرية السنية المطلقة كدوائر الشمال الاولى والثانية، ويبقى للتحالفات الاثر الاكبر في تحديد وجهة الانتخابات، كما يبقى للمستقبل المتحالف حتى الساعة مع نجيب ميقاتي الكلمة الأولى.
وفي هذا الإطار، علمت "النهار" انّ مساعي جدية تجري بين مجموعات "الثورة" في هذه المناطق، لكنّها ايضاً لا زالت في البدايات ولم تصل الى نتيجة.
امّا المناطق المختلطة في بيروت الثانية وصيدا وجزين والشوف وعاليه وبعبدا وزحلة والبقاع الغربي، وهي في أغلبها تنتظر التحالفات لتحديد المقاعد المحسومة، ويعتبر نحو ثلثي مقاعد هذه الدوائر أيضاً محسومة للأحزاب كيفما دارت التحالفات، وتبقى المعارك على الثلث المتبقّي، وهنا تجدر الاشارة الى تقدّم جدّي لمجموعات المجتمع المدني على مستوى دوائر الجبل.

قد يهمك أيضا :

  البرلماني بلال عبدالله يوجّه تحية وتقدير لنقابة الأطباء في طرابلس

بلال عبدالله يكشف عن حلول لتخفيف العبء عن المواطنين في لبنان