الجزائر ـ نورالدين رحماني
أرجأ الرئيس الجزائريّ عبدالعزيز بوتفليقة، تعديل الدستور، إلى أجلٍ غير مُسمّى، فيما أشارت بعض المصادر أن التعديل سيُجرى حتمًا بعد الرئاسيات المقبلة في نيسان/أبريل 2014، لأسباب سياسيّة وإجرائيّة.
وقد أعلن بوتفليقة في السابع من نيسان/أبريل الماضي، تشكيل لجنة لصياغة تعديل الدستور الجزائريّ، على أن يطرح مشروع
التعديل قبل نهاية العام 2013، والتزم الرئيس بأن تستند اللجنة إلى الاقتراحات التي قدمتها الأحزاب السياسيّة وقوى المجتمع المدنيّ إلى لجنة المشاورات السياسية في أيار/مايو 2011، وأكدت فوزية بن باديس، عضوة في اللجنة التي شكّلها بوتفليقة في أيلول/سبتمبر الماضي، أن اللجنة سلّمت بوتفليقة مقترح التعديلات الدستوريّة، وأنها على مكتب الرئيس، إلا أن بوتفليقة فاجأ الجميع وأرجأ التعديل.
وقد فاجأ الرئيس الجزائريّ بقراره الجميع، وكان يُفترض أن يُدرج في جدول أعمال مجلس الوزراء الأخير، الذي انعقد الإثنين الماضي، إلا أن بوتفليقة على ما يبدو أرجأ ذلك إلى ما بعد الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، وهو الذي أبدى عندما وصل إلى الحكم في الجزائر 1999، عدم رضاه عن الدستور الحالي ووعد بتعديله، إلا انه لم يفعل ذلك سوى مرة في العام 2008، حينما ألغى المادة التي تفرض عهدتين رئاستين فقط على الرئيس، مما سمح له بالترشّح لحكم الجزائر للمرة الثالثة تواليًا.
ورأى محللون سياسيون في الجزائر، أن مسألة تعديل الدستور التي تحدّث عنها الرئيس بوتفليقة والتي طالما دعت إليها أحزاب الموالاة، ووقفت ضدها أحزاب المعارضة، هي مجرد مناورة من بوتفليقة لإسكات غضب الشارع الجزائريّ بعد أحداث "الربيع العربي" التي هزّت عرش عدد من الأنظمة العربية، ويشير في هذا الصدد المحلل السياسي حسين جيدل، أن منطق السلطة عند بوتفليقة وممارستها ليس منطقا إصلاحيًا، وتعديله الدستور في 2008 أعطى صورة واضحة عن ذلك، فقد عدل الدستور للترشح لعهدات متتالية ضاربًا مبدأ التداول على السلطة عرض الحائط، وأن السلطة ككل عاجزة اليوم عن أية مبادرة إصلاحية، لأن منطق النظام يفضل احتكار السلطة واحتكار الثروة، ولقد رأينا أن مراجعة قوانين الانتخابات والأحزاب والإعلام لم تحمل ما يمكن اعتباره إصلاحات، كما أن العملية توقفت أو لم يعد لها أي ضرورة، خصوصًا بعد التطورات التي عاشتها كل من تونس ومصر وما تعيشه سورية من اقتتال، مما يعكس أنه رد فعل ليس إلا من بوتفلقة بدل أن يكون قناعة".
واشار المحللون، إلى أنه كان مقررًا أن يحمل التعديل الدستوريّ المُرتقب العودة إلى عهدتين رئاسيتين، وأن يُعيد منصب رئيس الحكومة بدل الوزير الأول، وإنشاء منصب نائب الرئيس، وهو بيت القصيد في التعديلات التي روّجت لها دوائر القرار وأحزاب المعارضة في الجزائر، لأن صحة بوتفليقة، واحتمالات أي تطوّر في وضعه الصحي قد يطرح مسألة رئاسة الدولة بالنيابة، وهي في دستور 2008 تعود لرئيس مجلس الأمة و يراد لها ان تعود الى شخص من محيط من الرئيس يعيّنه.