بيروت - لبنان اليوم
عقد منتدى التّنمية والثقافة والحوار "FDCD" بدعم من المؤسسة الكنسية الدنماركية "دانميشن" مؤتمرًا لمدة ثلاثة أيام في فندق روتانا-جفينور في الحمرا تحت عنوان "الحوار الاسلامي – المسيحي: تجدد، تغيير، ونقلة نوعية مستقبلية". ضمّ الحضور فعاليات دينية وسياسيين واعلاميين وباحثين وطلاب وخبراء مختصين في مجال الحوار من لبنان وسوريا والأردن ومصر والدانمارك.
وفي اليوم الافتتاحي للمؤتمر رحّب رئيس المنتدى القسّ الدكتور رياض جرجور بالحضور مذكرًا بهدف هذا اللقاء: "موجودون هنا كي نطلق برنامج جديد يهدف الى تغيير وتجديد ماهية ونوعيّة الحوار بين الأديان". وشدّد قائلًا: "سنركّز على الجيل الصاعد، وسنعمل كي نصون التنوّع فيما بيننا وكي نصون الحريّات في عالمنا العربي".
بعد كلمة جرجور الترحيبيّة، خطب سماحة العلّامة السيد علي فضل الله لافتًا الى عدّة عقبات تحول دون تطبيق الحوار ومنها ذكر: "الجمود الديني، والذي تستغله القوى المعادية وتيارات التطرف للعبث بأوطاننا، وهنا يأتي التحدي الأبرز الذي ينبغي للعاملين في الميدان الديني الإسلامي ــ المسيحي مواجهته، وذلك من خلال السعي لتجديد الدين وإلباسه لبوس العصر الذي نعيش فيه، وبالارتكاز إلى القيم الروحية والإيمانية والمسلمات الإنسانية، وتطهيره من موروثات وشوائب شوهت صورته وهمشت إنسانيته".
في الإطار عينه، ذكّرت كيرستن أوكن المديرة التنفيذية للـ"دانميشن" بأهمية الغاء وتفكيك الصور النمطية بين المتدينين/ات والعاملين/ات في مجال حقوق الانسان للوصول الى نتائج حسيّة تحقق السلام والازدهار والأمن وقالت: "لدينا الكثير لنتعلمه من بعضنا البعض فيما يتعلق بتعزيز العلاقات بين الأديان والتعايش السلمي بالإضافة إلى المواطنة الشاملة لإظهار بديل عن الطائفية والقوالب النمطية والتطرف العنيف".
اختتم اليوم الافتتاحي مع دراسة الدكتور طارق متري ومن أبرز النقاط التي أشار اليها هي أن "الاستعانة الطارئة بالحوار لحل النزاعات الناشبة أو المحتملة انفجارها لا تؤدي الى نتيجة تذكر ما لم تستند الى عملية تراكمية طويلة تنسج فيها بصبر وبشكل منتظم علاقات الثقة والصداقة والانفتاح على الغير. وفي سياق هذه العملية التراكمية تكمن أهمية الجهود الثقافية والتربوية والإعلامية المرافقة للحوار في قطاعات المجتمع على اختلافها".
في اليوم التالي، تحدّث كل من الدكتور سمير مرقس، والدكتورة رينيه حتّر، والدكتور ايلي الهندي، والدكتور زياد فهد، والدكتورة مارسيل جوينات، والاستاذ عمّار ياسين، والاب الدكتور أمير جاجي والسيّدة داليا سعيد حول موضوعان أساسيّان وهما "دور المؤسسات العاملة المهتمة بالحوار في احداث نهضة وتغيير" و"دور الشبيبة في نهضة ودعم مسيرة ثقافة الحوار".
وذكّر الدكتور سمير مرقس بـ "الوثيقة الأخويّة الانسانية" الموقع عليها من قبل البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، معربًا عن ضرورة ترجمة هذه الوثيقة القيّمة ميدانيًا لأنها وبحسب تقديره بقيت حبرًا على ورق، وقال: "ان لم نتعاط مع قضايا اللامساواة وعدم الانصاف وتحوّلات المجتمعات الجديدة لن نحصد نتيجة فيما خصّ الحوار. ويتوجّب على اهل الحوار التفاعل مع الأجيال الجديدة لإحداث تغيير، لأنها أملنا الوحيد".
وشدّدت الدكتورة رينيه حتّر على دور التعليم المركزي في قضية الحوار بين الأديان وتأثيره على المجتمع. وبناء على ذلك أقامت مبادرة هدفها بناء قدرات المدرسين/ات وتزويدهم بأساليب وطرق معرفيّة تسمح لهم/ن بالتواصل السليم والصحي مع أنفسهم/ن لكي يصبحوا/ن جاهزين/ات لتربية الطلاب/ات على ثقافة الحوار خلال أي حصّة تعليميّة وأي موضوع أو قضيّة، داخل المدرسة أو خارجها.
وتفاعل الحضور ولاسيما الشباب مع المتحدثين/ات وطرحوا إشكاليات عديدة تحول دون تطبيق الفعلي في المجالات الحياتية اليومية للحوار والاستفادة منه لتطوير المجتمع. وأعرب شاب من الدنمارك عن ضرورة أخذ بعض العوائق الاقتصادية بعين الاعتبار عند التحدث عن فعالية الحوار مع الآخرين من أديان وثقافات مختلفة. ذلك أن قلّة الموارد الاقتصادية والأجور المنخفضة وارتفاع الأسعار، الخ... هي أمور تشغل الجميع يوميًا وتبعدهم عن التواصل والتقرب من بعضهم البعض.
وفي اليوم الأخير، تناول المتحدثون/ات دور الاعلام في تعزيز ثقافة الحوار ومواجهة خطاب الكراهية. وتبلور النقاش عن المسؤولية المجتمعيّة للاعلام مع غياب الضوابط الأخلاقية والقانونيّة على مواقع التواصل الاجتماعي. فعلّقت مشاركة من مصر على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي اليوم ودورها في الحوار بين الأديان ونوّهت بضرورة التركيز على هذه المنصات لأنها قد تستخدم لأغراض تشوّه صورة الآخر وتنشر معلومات خاطئة عنه.
وفيما خص جلسة دور المرأة في اتخاذ القرار، تحدثت كل من الدكتورة حنان يوسف والدكتورة نور الامام في الجلسة بإدارة الاستاذة هالة سالم عن وضع المرأة في المؤسسات والقوانين الدينية وحقوقها. وطرحت الدكتورة نور الامام سؤالا على الحاضرين يختصر معظم ما طرح في الجلسة ومفاده: "كيف يمكن للمرأة المعنّفة اجتماعيًا وقانونيًا ان تكون فاعلة في المجتمع وشريكة في الحوار؟".
وفي الجلسة الأخيرة تناول القس مادس كريستوفرسن والسيدة آيات نور الدين والقاضي الشيخ محمد ابو زيد والاب الدكتور اسكندر الترك ديناميكيات الحوار على المستوى المحلي وميزاته وفعاليته حيث عرضت التجارب الحوارية المحلية ومعوقاتها. وحين بدأت النقاشات مع الحضور، أثارت شابة لبنانية التالي: "كل هذا العمل يأتي على نطاق المؤسسات ونسبة كبيرة من الاشخاص تجهله واعتقد انها مشكلة. فكيف يمكنكم ايصال اهدافكم الى هذه الشريحة الكبيرة من الناس التي تجهل عملكم؟ وأيضا، هناك نسبة كبيرة من الشبان والشابات غير المتعلمين ويجب أخذ هذه الفئة بعين الاعتبار وليس الفئة المعلمة فقط".
وفي الختام، انقسم المشاركون الى مجموعات بحسب بلدانهم (مصر، لبنان، سوريا والأردن) وكتبوا اقتراحات مبادرات ومشاريع سيعملون على تطويرها وتنفيذها محليًا خلال العام المقبل. تابعوا المنتدى (FDCD) لمعرفة ماهية هذه المبادرات في العام 2023.
ولفت البيان الى الأهداف الأساسيّة لهذا البرنامج والتي سيتم العمل على تنفيذها من خلال مبادرات خلال العام المقبل 2023- 2024 في لبنان، وسوريا، والأردن ومصر:
- تقويم وتحليل الوضع المحلي لطبيعة الحوار ما بين المسلمين والمسيحيين وبلورته ميدانيًا.
- تمتين العلاقات بين أعضاء الشبكة الحوارية التي أسّسها المنتدى في العالم العربي لمواجهة التّحديات الراهنة ونشر ثقافة الحوار بين الأديان، والتركيز على تعزيز وتفعيل دور النساء والشباب في المجتمعات بشكل خاص.
العمل على اقتراح مبادرات محلية مستمدّة من التوصيات الصادرة في ختام اللقاء.تشمل المبادرات التالي: مخيمات شبابيّة، مبادرات تربوية وثقافية واجتماعية، حملات إعلامية، جلسات تدريبية وبناء القدرات، محتوى اعلامي ينشر الدراسات والمعلومات حول الأديان وارتباطها بـ /وتأثيرها على المجتمع (Podcast، Webinars، مقابلات، دراسات علمية، الخ)
قد يهمك ايضاً