دمشق ـ وكالات ارتفع عدد القتلى في مناطق مختلفة من سورية الأربعاء إلى 53 شخصا، واستمرت الاشتباكات بين الجيش الحكومي والجيش الحر في أنحاء متفرقة من البلاد، في وقت بث ناشطون سوريون صورا على الإنترنت تظهر اقتحام مقاتلي المعارضة المسلحة مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب. في هذه الاثناء أفادت المعارضة السورية أنَّ مدينة الرستن في حمص تعرضت لقصف عنف بالمدفعية وراجمات الصواريخ من كتيبة الهندسة أدى إلى سقوط جرحى وتدمير عدد من المباني، وأشارت المعارضة إلى أنَّ قصفاً عنيفاً استهدف مناطق الريف في حماة مصدره مطار حماة العسكري.
وفي ريف دمشق، اندلعت اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية في محيط إدارة المركبات بحرستا، وأخرى في محيط إدارة الدفاع الجوي بالمليحة، وتجدد القصف المدفعي العنيف من الفوج 175 في إزرع على في بصر الحرير بمحافظة درعا.
من ناحية أخرى أفرج الجيش السوري الحر عن 48 إيرانيًا كانوا محتجزين لديه في صفقة تبادل بسجناء معتقلين لدى الحكومة السورية وفقا لما أعلن التلفزيون الإيراني الأربعاء،
وذكرت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية أن عملية تبادل أسرى بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة ستجرى في أماكن مختلفة من العاصمة السورية.
وقال رئيس الهيئة بولنت يلدرم إن عملية تبادل الأسرى التي ستشمل إيرانيين محتجزين لدى المعارضة السورية ومدنيين معتقلين لدى الحكومة السورية، بدأت في عدة أماكن دمشق، وفقاً لما ذكرته وكالة الأناضول التركية للأنباء.
وأوضح يلدرم أنَّ المفاوضات مازالت مستمرة بشأن صفقة التبادل، التي تنص على إخلاء سبيل 48 إيرانيّاً يحتجزهم مقاتلو المعارضة، مقابل إطلاق الحكومة السورية سراح 2130 معتقلاً مدنيّاً بينهم أتراك.
ووفقاً للوكالة فإنَّ وسطاء في الصفقة توزعوا بين مناطق وجود المعارضة، حيث سيتم إطلاق "الأسرى"، ونقلت عن رئيس الهيئة التركية أنَّه تمت إقامة مركز عمليات بإشراف منظمة تدعى هيئة الإغاثة الإنسانية.
وقال يلدرم إنَّهم لم يتوصلوا بعد "إلى معلومات قاطعة عن الصحفي الفلسطيني الأصل بشار القدومي" العامل في قناة الحرة التلفزيونية الأميركية،
وأكد رئيس هئية الإغاثة التركية سعيها من أجل تحديد مكانه، وناشد كل السوريين والعالم، إبلاغهم عن أي معلومات عن القدومي.
يشار إلى أن يلدرم سبق له أن ساهم، من خلال الدبلوماسية الإنسانية العام الماضي في سورية، بإطلاق عدد كبير من المعتقلين الأتراك في سورية، وفي مقدمهم الصحفيان آدم كوسة وحميد جوشكون، إضافة إلى 28 إيرانياً، و7 سوريين كانوا معتقلين في السجون السورية.
جدير بالذكر أنَّ إيران طلبت من تركيا وقطر المساعدة في تأمين الإفراج عن الإيرانيين الذي احتجزهم الجيش الحرن الذي قال إن الإيرانيين المحتجزين لديه هم عناصر في الحرس الثوري الإيراني، واعترفت إيران بوجود عناصر من الحرس الثوري في سورية ولبنان، لكنها قالت إنهم مستشارون، غير أنها عادت لاحقاً لتنفي وجود قوات لها في البلدين العربيين.
وأكدت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أنَّها "لا تملك أي معلومات تشير إلى اتجاه النظام السوري لاستخدام الأسلحة الكيميائية الموجودة لديه".
وأشار المتحدث باسم الوزارة، جورج ليتل، إلى أنَّ "وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، لازال عند رأيه بأنَّ الترسانة الكيميائية السورية في مأمن حتى الساعة وتحت سيطرة النظام".
سياسيًا قال المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي إنَّ خطاب الرئيس السوري بشار الأسد يمثل "خطوة إلى الوراء"،
وأشار في رسالة بعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان غي مون إلى أنَّ خطاب الأسد "يمثل عودة للخلف ولا يوفر البيئة المناسبة التي تصب في دعم مهمته، ولا يتماشى مع محددات المقترح الذي طرحه مؤخرًا للحل السياسي للأزمة التي تتفاقم على نحو سلبي".
وكان الإبراهيمي المعروف بالحذر والحيادية، التقى أيضا وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في أحد فنادق القاهرة الكبرى في اجتماع استمر أكثر من ساعتين، لمناقشة التفاصيل المتعلقة باتصالاته الأخيرة،
كما بحث الإبراهيمي الأزمة السورية هاتفيًا مع وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي الذي أثنى على جهود الوساطة التي يبذلها للتوصل إلى حل سياسي للأزمة التي وصفها بـ”المنعطف الخطير”.
في غضون ذلك، التقى وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ، أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، وناقش معه الوضع في سورية،
وقال هيغ: "ناقشنا الوضع في سورية والجهود المبذولة لتحقيق الانتقال السياسي ووضع حد للعنف وجدَّدنا دعمنا جهود الإبراهيمي، للمضي قدما في وضع حل سياسي ذي مصداقية للأزمة".
يذكر أنَّ خطاب الأسد أثار العديد من ردود الفعل الدولية الغاضبة، إذ قال وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس في صفحته على موقع تويتر: "نعلم بالفعل أنَّ بشار قاتل لشعبه، لكنَّنا نلاحظ من خلال خطابه المثير للشفقة أنَّه أيضا أصم وأعمى".
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست فقال إن زيارة وزير الخارجية علي أكبر صالحي إلى مصر الأربعاء، ستركز على خطة الأسد للحل،
ورأى أنَّ كلمة الأسد كانت إيجابية، وتأتي في إطار تسوية الأزمة بالطرق السلمية والسياسية.
وسط هذه الاجواء ، كشف مركز بريطاني لمكافحة التطرف أنَّ "جبهة النصرة" الإسلامية تقاتل القوى الحكومية في سورية انطلاقا من عقيدة جهادية، وتسعى إلى "إعلان قيام الخلافة في بلاد الشام" بعد سقوط النظام الحالي في سورية.
وأوضح التقرير الذي أعده نعمان بن عثمان ورويزن بليك من مركز "كويليام" أنَّ الجبهة المتشددة تعتبر واحدة من جماعات قليلة من الثوار تقاتل بناء على "أسس أيديولوجية جهادية"، في حين أنَّ "غالبية جماعات الثوار تركز في المقام الأول على مسألة التغيير السياسي للحكومة".
ونقلت صحيفة الحياة عن التقرير: "على رغم أنَّ كل جماعات الثوار تشترك في نفس الهدف الآني وهو مقاتلة النظام، فإنه يبدو على الأرجح أنَّه بعد السقوط المتوقع للأسد (الرئيس السوري) ستظهر اختلافات خطيرة حول الأهداف البعيدة المدى".
ووفقًا للتقرير، فإنَّ جذور "جبهة النصرة مرتبطة بالخلايا التي تم بناؤها على أيدي أبو مصعب الزرقاوي منذ العام 2000 في المشرق العربي"، والتي تعززت عندما انتقل من هرات الأفغانية إلى العراق حيث تولى قيادة فرع "القاعدة" هناك.
وأضاف أنَّ قائد "جبهة النصرة" المعروف باسم "أبو محمد الجولاني" كان يعمل ضمن خلايا الزرقاوي في سورية بهدف نقل مقاتلين إلى العراق لمواجهة الأميركيين، وأنَّه فر مع آخرين إلى العراق بعدما بدأت السلطات السورية التضييق على "الجهاديين" عام 2007، قبل أن يعود إلى سورية مجددًا عام 2011.
وتابع التقرير أنَّ "قيادة الجولاني (على رأس جبهة النصرة) لا يمكن تحديها نظرًا إلى خبرته في العراق. غيابه الطويل عن سورية لا يعني شيئا نظرًا إلى رفض أيديولوجية الجماعة للحدود (التي تقسم) أراضي المسلمين".
ولا تزال الجبهة تتلقى "حاليًا الإرشاد الاستراتيجي والأيديولوجي من الدولة الإسلامية في العراق، وتطورها ما زال محل مراقبة من فرع القاعدة العراقي. ومع الوقت، ربما تلجأ جبهة النصرة إلى تعريف نفسها باسم تنظيم القاعدة ببلاد الشام".
أهداف "جبهة النصرة"
وأضاف التقرير أنَّ "جبهة النصرة" تسعى إلى تحقيق 5 أهداف أساسية: تكوين جماعة تضم جميع الجهاديين في إطار كيان متماسك، تعزيز الوعي بالطبيعة "الإسلامية" للنزاع الدائر، الحصول على ما أمكن من سلاح وبناء مناطق آمنة تمارس فيها الجبهة حكمها، إنشاء دولة إسلامية في سورية، وإعلان قيام الخلافة في بلاد الشام".
وتُعرّف الجبهة "الثورة السورية على أنها قضية إسلامية، وتدعم بنصوص دينية"، في إشارة إلى أحاديث نبوية شريفة يرد فيها ذكر الشام ودمشق وأهمية هذه الأرض بالنسبة إلى المسلمين.
ويسبب صعود نجم جبهة النصرة التي تعد فرعًا من تنظيم القاعدة، أزمة للمعارضة السورية التي تقاتل من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد ودفع الغرب إلى رفض تقديم الدعم العسكري لفصائل المعارضة المسلحة، وقد أضافت الولايات المتحدة الأميركية الجبهة في كانون الاول/ ديسمبر الماضي، إلى قائمتها للمنظمات الإرهابية