لرئيس المصري محمد مرسي في مكتبه في القصر الرئاسي في القاهرة
القاهرة ـ أكرم علي
أكد الرئيس المصري محمد مرسي، خلال إلقاء خطابه أمام أعضاء مجلس الشورى في دورته الجديدة، أن "إقرار الدستور الجديد أنهى فترة انتقالية طالت أكثر مما ينبغي، وأن مصر لن تركع ولن تفلس، وأن أمن بلاده لا يقف عند حدودها إنما يمتد لما هو أبعد من ذلك"، مشيرًا إلى أن "أمن الخليج مسؤولية
قومية، وسيقف العرب جميعًا صفًا واحدًا لحماية أمنهم القومي العربي".
وأكد مرسي "أن مصر لن تركع ولن تفلس، وأن من يتحدث عن إفلاس مصر فهو المفلس، فمصر لن تركع طالما لديها القدرة على الإنتاج، وأن السياحة سجلت وصول 4 ملايين سائح خلال 4 أشهر، وهو ضعف ما سجتته خلال 6 أشهر في التوقيت ذاته من العام الماضي، وارتفعت عوائد قناة السويس بزيادة ملياري دولار في ربع عام"، مضيفًا أن "معدل الاستثمار بلغ 50 مليار جنية بمعدل للاستثمار بلغ 11%، ونجح الاقتصاد المصري خلال الربع الأول من عام 2012 في تحقيق نمو يصل نحو 2.6 %، وأن معدل التضخم وصل لأدنى مستوياتها على الرغم من التحديات الضخمة التي تواجه الاقتصاد، وأن صافي الاحتياط الأجنبي وصل إلى 15.5 مليار دولار بزيادة نحو مليار دولار".
وتطرق الرئيس في حديثه لمجلس الشورى إلى الحالة الاقتصادية، وقال إن "الدولة الحديثة لا يمكن لها توطيد أركانها وسط حالة اقتصادية صعبة وموازين مختلة نتجت عن زمن ساده الفساد وسادت فيه سياسات اقتصادية غير عادلة، لذا فمنذ أول انعقاد للحكومة وإلى بداية آب/اغسطس الماضي، كانت خطواتي واضحة لخطة مكافحة الفقر وسد منابع الفساد"، مضيفًا "أود تذكير الشعب المصري أننا نعرف معنى الإيمان مسلمين وأقباط، ونحن جميعًا نؤمن بالله ونعرف ما قاله الله (والسماء رزقكم وما توعودن)، فلا نقلق عن الرزق ولكن نحرص على العمل والإنتاج .
وقد هنأ الرئيس محمد مرسي، أعضاء مجلس الشورى، وقال "أيها السيدات والسادة أعضاء مجلس الشورى الموقر إنكم وباكتمال تشكيل مجلسكم المحترم، أصبحتم بالدستور وبإرادة الشعب المصري لا مِنة من أحد، تتولون سلطة التشريع كاملة ذلك حتى انعقاد مجلس النواب الجديد"، داعيًا إلى "العمل الجاد والتعامل مع الحكومة والحوار مع الأحزاب والقوى السياسية كافة، وقال "إن مجلسكم الموقر أصبح للمرة الأولى يقوم بالتشريع كاملاً، وبعد أن يتم انتخاب مجلس النواب الجديد يشارك حينئذ مجلس الشورى في التشريع"، موضحًا أنه "على ثقة من قدرة المصريين على إنجاز الاستحقاق الدستوري، من خلال الإقبال على الترشح والتنافس على انتخابات مجلس النواب الجديد، والذي يكون للمرة الأولى شريكًا في اختيار الحكومة ورقيبًا عليها"، مشيرًا إلى أن "جميع المصريين متساوون أمام القانون، وأن مصر لن يبنيها بعض أبنائها من دون آخرين، ومصر لكل المصريين، وكل الحرية لأبناء الشعب بلا استثناء، والديمقراطية ثمرة الجميع بعد نجاح ثورة 25 يناير، وأن بناء دولة عصرية بعد الاستبداد والفساد والديكتاتورية، لا يمكن القيام به إلا بتكاتف جميع قوى المجتمع".
وعن القضية الفلسطينية، قال الرئيس المصري إن "القضية الفلسطينية في بؤرة اهتمامنا، ولن ندخر وسعًا في دعم حق الشعب الفلسطيني لتحقيق المصالحة الوطنية بإرادته هو، وليحصل على حقه بتقرير مصيره".
أما عن الشعب السوري، فقد أعلن مرسي عن دعمه للثورة السورية، وقال "إن ثورة الشعب السوري ستمضي بإذن الله ونحن ندعمها، ستمضي إلى تحقيق أهدافها في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، سورية هي جناحنا في الشرق التي نطير به مع باقي الأشقاء، وستكون سورية موحدة وحرة مستقلة لكل أبنائها، وأعلن أمام الجميع أن أولولياتنا في سورية في هذه المرحلة تقوم على وقف نزيف الدم السوري، ودعم عودة اللاجئين السوريين حتى يعودوا إلى وطنهم الأم".
من جهة أخرى، قال الرئيس مرسي، إن العمل سيستمر في مشروع إقليم قناة السويس كمركز خدمات، والذي يعد أحد أهم المشاريع لنهضة مصر لمضاعفة عائد القناة لـ20 ضعف والأخذ في الاعتبار تنمية سيناء"، مضيفًا أن "مصر طرحت عدد من الأفدنة من أجل الاستثمار في المجال الزراعي والدواجن، وأن المساحة المرزوعة من القمح زادت إلي 300 ألف فدان بزيادة 204 ألف فدان عن العام الماضي، وتم توفير20 ألف فرصة عمل في القطاع الصناعي.
وأكد مرسي أن "إقرار الدستور الجديد أنهى فترة انتقالية طالت أكثر مما ينبغي، وأنه منذ فجر التاريخ ونحن أمة تصنع الحضارة وتقدم شواهد ملهمة في تاريخ الإنسانية كلها، أمة توحد الله منذ نشأتها، وتفجر طاقات الإنسان في كل مناحي الإبداع"، مضيفًا "لقد عرفت مصر بهذا المفهوم منذ قدمها عصور الشهداء منذ آلاف السنيين، واستمرت هذه المسيرة على اختلاف مراحلها حتى ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث سقط الشهداء حتى يومنا هذا، نحن أمة الحضارة والشهداء، والنهضة وانبعاث المفاهيم الراقية، فتحية لأرواح الشهداء الأحرار الأطهار وتحية واجبة لذويهم والمصابين من أبنائنا"، مضيفًا "نتحدث إليكم في مرحلة مهمة من تاريخ مصر، هذه الأيام لحظات تاريخية من عمر المجتمع والدولة المصرية، إن إقرار الدستور يعني بالوضوح والحزم، يعني إنهاء فترة انتقالية طالت أكثر مما ينبغي".
وقد افتتح رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي، الجلسة أمام الأعضاء قائلاً "في تاريخ الأمم والشعوب لحظات فارقة، تشهد فيها تحولات تاريخية تتجلى فيها إرادة الشعوب، واليوم تتجلى هذه اللحظة بحضور رئيس اختاره الشعب قائدًا لمسيرة العمل الوطني في أول انتخابات رئاسية نزيهة، فأكد صوت الشعب وإرادة الأمة تقرير مصيرها، ويأتي لقاءنا السيد الرئيس ومصر تحتفل بمسيرة نضال الشعب من أجل حريته".
وكان مصدر رئاسي، قد أكد في وقت سابق، أن "قوات الحرس الجمهوري تسلمت مباني البرلمان عصر الجمعة، استعدادًا لمراسم الجلسة البرلمانية الخاصة، التي يحضرها رئيس الجمهورية للمرة الأولى، لإلقاء بيانه أمام مجلس الشورى لمناسبة دورة الانعقاد الـ33"، فيما ِأشار المصدر إلى تسلم الحرس، مبنى وزارة الصحة والمباني المطلة والمجاورة للبرلمان، واتخاذ كل التدابير الأمنية، وتشديد الحراسة والتأمين اللازم والمتبع في مثل تلك الأحوال.
وتُعد تلك الجلسة هي الأولى التي يحضرها مرسي إلى البرلمان بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية، وقد كثفت الأمانة العامة استعدادها، الجمعة، لاستقبال هذا الحدث.
يشار إلى أنه تم إغلاق مبنى مجلس النواب الحالي بعد قرار حله، بحكم المحكمة الدستورية العليا في 14 حزيران/يونيو الماضي، لعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابه.
وفي السياق ذاته، انطلقت مسيرة ضمت المئات من المتظاهرين من ميدان التحرير إلى محيط مجلس الشعب، مرددة هتافات "الشعب يريد إسقاط النظام"، للمطالبة بـ"إسقاط الدستور والنظام الذي سيطر عليه جماعة (الإخوان) المسلمين"، حسب قولهم.