دبي - محمد الاحمد
تقف مجموعة من المنحوتات الرائعة بكل أناقة، في الساحة الخلفية لندوة الثقافة والعلوم في منطقة الممزر في دبي، تصافح السماء بشموخها، لتحاكي أشعة الشمس الذهبية تارة، وخيوط القمر الفضية تارة أخرى، وتروي ظمأها بماء المطر في عز الشتاء، لتجفف زواياها بعد ذلك بالرياح، غير عابئة بتقلبات الجو ودرجات الحرارة، فالفن في حضرتها لا يجرؤ إلا أن يرفع القبعة احتراماً لصمودها، وتقديراً لجمالها ورقيها وتميزها.
ولأن النظر إليها متعة بحد ذاته، أثار بقاؤها في الساحة الخلفية الواسعة لمقر الندوة فضولنا، لا سيما أنها تنفرد بروح الحداثة والإبداع والإلهام، وتحيطها قيم الجمال والرقي من كل جانب، ليكون بقاؤها بعيدا عن الأعين حكماً جائراً في حقها، كونها تصلح لأن تتسيد ميادين المدينة الجميلة، وتتربع في قلب حدائقها ومنتزهاتها ومواقعها السياحية.
وقصد الصحافيون مقر الندوة ليقفوا إلى جانب هذه المنحوتات التي أبدعها 15 نحاتاً من مختلف الدول العربية في ملتقى "نحت دبي 2013"، ويقترحوا في الوقت ذاته توزيعها في جوانب المدينة تكريماً لها ولمدعيها.
وأكّد نائب رئيس مجلس إدارة الندوة، الذي دافع عنها بكل قوة، بلال البدور: "لم نهمل هذه المنحوتات الجميلة، ولم نتركها في هذه الساحة بشكل مقصود، بل كانت هناك أكثر من رؤية وفكرة بخصوصها، أولها أن نقوم بنقلها لأكثر من إمارة، وثانيها أن نقوم بتوزيعها على الحدائق والمتنزهات والميادين، ولذا، تواصلنا مع بلدية دبي التي اقترحت تزيين مبنى الندوة الخارجي بها من خلال توزيعها على زواياه، وستبدأ إجراءات ذلك خلال هذا الأسبوع".
لكن إذا أخذنا في الاعتبار الطابع النخبوي لرواد الندوة، فإن التواصل مع هذه المنحوتات المتميزة يبقى حكراً على زوارها، وهو ما أجاب عليه البدور بقوله: "تستضيف الندوة فعاليات مختلفة تستقطب الجاليات العربية والأجنبية، إضافة إلى حفلات تخرج المدارس والجامعات، ما يجعل الطلاب على تواصل معها".
وعن توزيعها على الأماكن العامة في الدولة، أعلن البدور: "اتفقنا مع مدير عام بلدية دبي حسين لوتاه على أن يتم توزيع منحوتات الدورة المقبلة في 2015 على الأماكن العامة وسنبدأ بخور الممزر".
واتضح أن إدارة الندوة تمتلك رؤية واضحة عن مصير هذه المنحوتات وتوزرعها على مختلف أرجاء مدينة دبي التي باتت تشكل أيقونة للجمال والفن والثقافة التي لا بد أن تستثمر في كل جمالياتها لإظهارها بأفضل صورة، لا سيما أن هذه المنحوتات تشترك مع ندوة الثقافة والعلوم بحمل لواء الثقافة والتعبير عنها بأفضل صورة.
وأشار بلال البدور إلى أن ندوة الثقافة والعلوم خاضت العام الماضي تجربة جديدة هي تجربة النحت كونه فنا بصريا تجسيديا راقيا، وأوضح: يبقى هذا الفن حاضراً أمام الأعين، ويمتاز عن غيره بمواصفات تجعل الحكم عليه لصالحه، فاللوحة التشكيلية والخطية تحفظ في المتاحف والمنازل وتكون محدودة الانتشار، على عكس المنحوتات المصنوعة عادة من الرخام أو البرونز أو الجبس، فهي تبقى أمام الناس، تتحمل حالة الجو وتقلباته وتبقى صامدة وشامخة.
وعاد البدور بذاكرته إلى الوراء، ليستحضر أهم المعالم التي رسمت تاريخ دبي في فترة من الفترات، وأكّد: دوار الساعة ودوار الشعلة ودوار السمكة، معالم مهمة ارتبطت بذاكرة الناس بالمدينة العصرية الراقية، وما جعلها راسخة في الذاكرة ارتباطها بالنحت الذي خلَّدها في الذاكرة.
وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي أن النحت يخلد المكان ويرتبط به ويجعل منه معلماً مهماً وحضارياً، وأعلن: هناك رموز مهمة كتمثال الحرية والأهرامات وغيرها، وقد ارتبطت بالسياحة بشكل مباشر، وقبل السياحة فهي تشير إلى ثقافة أهل البلد وفنونهم وحضارتهم، ما يجعل من المهم الالتفات لها والاهتمام بها.