بيروت - لبنان اليوم
هي تعد نجمة لا تشبه غيرها في بيروت، لبنانية الجنسية وهوليوودية الهوى، تعيش تحت الأضواء والشهرة منذ نحو 36 سنة من يوم ولادتها في عام 1983.إنها سينما «متروبوليس أمبير صوفيل» في الأشرفية، التي تقع بالتحديد على تقاطع شارعي التباريس والعكاوي. فقد أقفلت أبوابها مؤخراً متأثرة بالأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان في هذه الفترة. وأنزلت الستارة الحديدية على أبوابها لتبدو مهجورة وباردة،
لأن المشروع بات يخسر بدل العكس. فهي هذه المرة لم تفلح بمقاومة واقع أليم بدأ يرخي بظلاله الثقيلة على مختلف المجالات الحيوية والخدماتية في لبنان. صحيح أن تاريخ معاناتها يعود إلى أشهر ماضية، إلا أن حالتها بدأت تسوء فعلياً مع انطلاق الحراك المدني في لبنان. فالطرقات المقطوعة بالمظاهرات المطلبية قطعت أوصالها وبلغت خسارتها بالملايين، بعدما قل عدد رواد صالة هذه السينما التي كانت تعد نجمة المهرجانات السينمائية التي تستضيفها بيروت على مر أيام السنة، ومنها الأوروبية والوثائقية والأميركية والعربية وغيرها.
«لقد ولدت وترعرعت في أحضان هذه السينما التي أعتبرها بيتي ومدرستي وملاذي المفضل. ولكن ومع الأسف عندما وصلنا إلى شفير الهاوية رفعنا الصوت وطالبنا أصحاب الملك (عودة - صوفيل) بأن يرأفوا بحالتنا ويراعونا، إلا أن نداءاتنا جميعاً ذهبت سدى». يروي مدير البرمجة في صالات سينما أمبير بسام عيد.
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تراسلنا مع الجهة المالكة للعقار وطلبنا منهم أن يعفونا من دفع الإيجار في هذه الفترة الصعبة التي نمر بها كغيرنا من اللبنانيين، إلا أنه لم يصل إلينا أي جواب منهم. حتى الساعة وهو ما دفع بنا إلى إقفال هذه الصالة حتى إشعار آخر».
ويشير عيد في سياق حديث صحافي إلى أن هذا القرار لا ينطبق على مجموعة أمبير برمتها، بل يقتصر فقط على هذه السينما بالذات المستقلة بصالتيها وببرمجتها.
فهي تقع في منطقة وزارة الخارجية التي تشهد قطع طرقات واحتشادات ومظاهرات مستمرة، ما انعكس سلباً عليها بشكل مباشر. ويتابع: «إن عام 2019 بمجمله لم يبشر بالخير منذ بداياته. إذ هبطت نسبة رواد سينما أمبير من 3 ملايين و200 ألف شخص إلى مليوني و700 ألف شخص. وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة بالكاد وصل عددهم إلى 600 ألف شخص. وإذا قمنا بحساب سريع حول دخول نحو 80 ألف شخص بالسنة إلى صالة (أمبير صوفيل) بالذات مقابل سعر بطاقة تبلغ 10 آلاف ليرة للشخص الواحد، فهذا يعني أننا نحصد نحو 800 مليون ليرة، وإذا حسمنا منها نحو 200 مليون ليرة كلفة الإيجار و4 ملايين ليرة كلفة الكهرباء لتشغيلها، وبالتالي كلفة شراء الأفلام؛ فكيف بإمكاننا أن نستمر؟»، يتساءل بسام عيد الذي يؤكد أن صالة «أمبير» كانت تحييها المهرجانات السينمائية التي تقام فيها فتعيش على نبضها كي تستمر. وعندما تم إلغاء ما تبقى منها في الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الأوضاع غير المستقرة في لبنان وقعت الكارثة وكان ما كان.
والمعروف أن سينما «متروبوليس أمبير صوفيل» تتألف من صالتين استضافتا أهم الأفلام الهوليوودية والعربية منذ نشأتها حتى اليوم. فمر على شاشتها الذهبية نجوم وأفلام كثيرة كـ«جيمس بوند» و«تايتانيك» و«بودي غارد» و«أفاتار» و«ذا روك» و«غلادياتور» و«بيرل هاربر» وغيرها، إضافة إلى أفلام لبنانية عالمية كـ«كاراميل» و«هلأ لوين» لنادين لبكي. فهي عاشت حياتها بالطول والعرض كأنها لن تشعر بالتعب يوماً أو يمكن أن يتوقف قلبها بين ليلة وضحاها.
ويشير بسام عيد إلى أن الدولة اللبنانية لم تساند يوماً قطاع السينما، «إنها حتى لم تحمِنا من أعمال القرصنة التي كنا نواجهها بنسخ أفلامنا وبيعها على أسطوانات مدمجة بصورة غير شرعية. فهي لم تمد لنا يد العون لا مادياً ولا معنوياً ولا قانونياً».
أما هانية مروة رئيسة «جمعية متروبوليس» التي تقوم بالإشراف على عقود برمجة الأفلام وتأمينها للعرض في صالات «متروبوليس أمبير صوفيل»، وبينها تلك المتعلقة بالمهرجانات والعروض السينمائية الخاصة التي تستضيفها. فهي تشرف على أقسامها من كلاسيكية و«جمهور يافع» وعالمية ووثائقية وغيرها، فتقول: «لقد أصبحنا اليوم من دون صالة سينما نمارس من خلالها عملنا بعد أن أخذوها منا عنوة (قشطونا ياها). وما ذنبنا نحن إذا هناك من مشاكل بين أصحاب الصالة وأصحاب الملك؟ فنحن لا دخل لنا بذلك لا من بعيد ولا من قريب. ولذلك نقوم حالياً بالبحث عن صالة سينما أخرى لنكمل ونستمر في عملنا، فنحن ضحية خلاف واقع بين طرفين لا ذنب لنا فيه».
إذن هو خلاف بين مستثمر صالة «أمبير» وأصحاب الملك (مركز صوفيل) أسهم في إقفال سينما «متروبوليس» وغيابها عن الساحة. وموقعها سيفتقده من دون شك عشاق السينما من لبنانيين وأجانب كانوا يغرفون من شاشتها متعة مشاهدة أعمال مخرجين كبار. وكذلك سيشعر الطلاب بالحنين إلى هذا المركز الثقافي الفني التاريخي الذي كان يتيح لهم مشاهدة أفلام المهرجانات بأسعار مخفضة تخصصها لهم جمعية متروبوليس تحت عنوان «إتاحة السينما للجميع».
قد يهمك ايضا: