بيروت - لبنان اليوم
تستعيد فيلا ليندا سرسق في الأشرفية إيقاع عملها الطبيعي من جديد بعد توقف قسري دام لأشهر طويلة، فهي اضطرت إلى إقفال أبوابها أمام أي نشاطات اجتماعية وثقافية وفنية منذ اندلاع الثورة في لبنان، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مروراً بانتشار وباء «كوفيد 19».
يقف هذا المبنى الشاهد على تاريخ بيروت العريق والواقع في حي «السراسقة» في الأشرفية منتصبا منذ إنشائه في عام 1880 وبعد ترميمه في عام 2013 كمعلم سياحي يشكل نقطة التقاء للنخب والمناسبات.
في 17 و18 يونيو (حزيران) الجاري وابتداء من الثالثة بعد الظهر ستعود الحياة لتنبض من جديد في حديقة هذه الفيلا، لتستضيف حدثا فنيا ذا لمسة إنسانية، حيث يحضر معرض «جاكو أيوب» للسيراميك الذي يعود كامل ريعه لـ«جمعية بيت الطفل اللبناني» (AFEL)، وهو من تنظيم غاليري «أليس مغبغب». تقدم فيه الفنانة اللبنانية مجموعة من أعمالها الفخارية المغمورة بدفء أجواء لبنان العريق. فضمن 44 قطعة فنية تتنوع بين الأكواب والمزهريات سيتفرّج الزائر على أعمال يدوية اشتغلتها أيوب بشغف وحبّ الأطفال. «إنّها مجموعة عزيزة على قلبي وكم كنت سعيدة أنّ أرباحها كاملة ستؤول إلى جمعية خيرية تعنى بالأطفال المعوزين». تقول جاكو أيوب في حديث لـ«الشرق الأوسط».
أما منظمة الحدث أليس مغبغب فتروي لقاءها بأيوب وسبب اختيارها لها للقيام بهذه المهمة الإنسانية. «كنت بصدد زيارتها عندما لفتتني أوانٍ فخارية تعرضها في منزلها. وبما أنّنا كغاليري مغبغب ننظم سنويا حدثا مشابها لدعم «جمعية بيت الطفل اللبناني» فكرت مباشرة بها وبما يمكننا أن نحقق من مساعدات من خلال أوانيها الفنية الرائعة». وتتابع مغبغب في سياق حديثها: «لقد تكرّمت علينا إدارة فيلا سرسق بمبادرة منها لاستقبال هذا الحدث الفني. واليوم نستعد لافتتاحه ونحن سعداء بالهدف الذي نحققه من خلاله خاصة أنّنا في لبنان نمر بأوقات صعبة. فهؤلاء الأطفال يستحقون منا التفكير بهم ومساعدتهم سيما أنهم يعانون من حياة صعبة متروكين ومهملين من أهاليهم. والجمعية تهتم بتربيتهم وإعالتهم وإقامتهم تحت سقف بيت يؤمن لهم الحب والعاطفة والحنان».
أوانٍ من البورسيلين وأخرى من الفخار الترابي الأحمر والأسود، إضافة إلى قطع فنية اتبعت فيها أيوب تقنية الـ«راكو» اليابانية يتضمنها المعرض.
وبين ألوان زاهية تتدرج من الأسود والرمادي والأبيض إلى الأصفر والأخضر والبرتقالي المزركش تتألف قطع السيراميك المعروضة. «إنّها جميعها أوانٍ للاستعمال المنزلي بعيدة كل البعد عن تلك الخاصة بالديكورات. فأنا من الأشخاص الذين يفضلون استخدام قطع السيراميك والفخار بدل عرضها من دون أي فائدة تعود بها علينا». توضح جاكو أيوب، وعن ميزة تقنية الـ«راكو» التي تتبعها أيوب في أعمالها اليدوية تقول: «إنها تقنية تقوم على إعطاء الوعاء أشكالاً طبيعية تحفر بشكل تلقائي. وتتمثل بمرور القطعة بمراحل عديدة بدءا من الفرن والشمع الخشبي، وصولاً إلى تغطيسها بالمياه التي ترسم عليها تشققات طبيعية جميلة».
وتتزين الأواني ذات السطح الأملس من الداخل بمجملها، برسوم ناعمة من ورود وسنابل قمح وفراشات تذكرنا بالطبيعة اللبنانية، صورتها عليها الفنانة يدويا.
وتشير أيوب إلى أنّ ميزة العمل بالسيراميك تكمن بأسلوب الفنان، إذ يضطر إلى اللحاق بالطريق المرسوم على الفخاريات له وليس العكس. فتقولب الأواني ضمن قواعد تفرضها مادة السيراميك، ولذلك فعلى هواة هذا النوع من الفن التمتع بالصبر والبال الطويل.
قد يهمك أيضًا
الهواة يتهافتون على تعلُّم صناعة الفخار المغربية لانقاذها من الاندثار