مهرجان البستان

على وقع موسيقى النشيد الوطني اللبناني يواكبه بلغة الإشارة تلامذة مدرسة الصم والبكم في لبنان، انطلقت فعاليات «مهرجان البستان» الدولي مساء أمس، معلنةً افتتاحه.

المشهد كان مؤثراً وقوبل بتصفيق حار من الحضور الذين قصدوا فندق «البستان» في بلدة برمانا ليشاركوا في افتتاح الأمسية الأولى من المهرجان.

فمنذ عام 1994 استهل «مهرجان البستان» نشاطاته في فندق «البستان» في بلدة برمانا المتنية، آخذاً على عاتقه تزويد اللبنانيين بجرعات من متع الموسيقى الكلاسيكية على مدى خمسة أسابيع متتالية. واختار خلال تلك السنوات موضوعات تحتفي بثقافة مدينة أو بلد أو مؤلف موسيقي عالمي معين.

وهذه السنة انطلق «مهرجان البستان» تحت عنوان «لودفيغ» كتحية للموسيقي الكبير لودفيغ فان بيتهوفن في الذكرى الـ250 لولادته.

ويؤكد القيمون على المهرجان من خلال تمسكهم بإقامة هذا الحدث السنوي الذي يستمر لغاية 22 مارس (آذار) المقبل، صلابة قرار اتخذوه على الرّغم من أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد. فهم لم يشَأوا أن يحرموا اللبنانيين من فسحة أمل يحتاجون إليها. فيتنفسون معها الصعداء ويستمتعون بمقطوعات موسيقية عالمية لبيتهوفن، المعروف بمقاومته كل الصعوبات في حياته فكان المثل الأفضل للصمود والمثابرة.

وتقول لورا لحود، نائبة رئيسة المهرجان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كان طموحنا تقديم أجمل الموسيقى الكلاسيكية العالمية، لأنّنا نعد من المهرجانات اللبنانية العالمية التي ذاع صيتها في أرجاء الكرة الأرضية. وارتأينا هذه السنة ألا نغيب عن الساحة ونقدم نسخة جديدة من المهرجان غنية بموسيقى من ريبرتوار بيتهوفن يشارك فيها فنانون عالميون ومحليون. فعادةً ما نختار سنوياً موضوع المهرجان ونبني عليه البرنامج برمته. ونستكشف أسماء لامعة ومبهرة لموسيقيين نالوا جوائز في مهرجانات عالمية وندعوهم للمشاركة».

وجديد الدورة الـ26 للمهرجان هو اتباعها تسعيرة واحدة في جميع بطاقات الحفلات الـ15 التي يقدمونها وهي 30 ألف ليرة. فكانت بمثابة لفتة إنسانية تحققها لجنة المهرجان في ظل أزمة اقتصادية تعصف بجيوب اللبنانيين. كما تخصّص هذه السنة حفلاً موسيقياً يقام في الظلام مع «الرباعي ساكوني» دعت إليه مؤسسات الصم والبكم في لبنان، ويتوافر خلاله مترجم للغة الإشارات. وترى لحود أنّه «كان من الضروري في دورة (بيتهوفن) أن يسلط المهرجان الضوء على المصابين بالصم لأن بيتهوفن يمثلهم. ففكرنا أن نتعاون مع المؤسسات التي ترعاهم ليتعرف اللبنانيون إلى الجهد الذي تبذله في هذا الإطار وكذلك إلى قدرات طلابها الموهوبين».

وسيقام مساء 13 مارس المقبل في كنيسة «مار يوسف» للجامعة اليسوعية في الأشرفية، حفلاً خاصاً بالصم أيضاً تُعزف فيه السمفونية التاسعة لبيتهوفن (نشيد الفرح) يرافقه ثلاثة أشخاص بلغة الإشارة. وتشارك فيه إلى جانب السوبرانو سابينا سفيلاك، الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية.

وتشير لحود إلى أنّ معظم حفلات المهرجان ستقام على خشبة «أوديتوريوم إميل البستاني» في فندق «البستان»، بينما ثلاث منها فقط ستجري خارجها في كنيستي «مار يوسف» في الأشرفية و«مار إلياس» في القنطاري.

وكان المهرجان قد انطلق في ليلته الأولى (في 18 الجاري) مع السيمفونية الخامسة لبيتهوفن. وعزفتها على البيانو الإيطالية غلوريا كامبانير، ترافقها الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية بقيادة المدير الفني للمهرجان جانلوكا مارتشانو.

ويُختتم المهرجان في 22 مارس بالسيمفونية السابعة التي تُعدّ إحدى روائع بتهوفن. ويؤديها على البيانو الأوكراني فيتالي بيزارينكو، بمعاونة كورس الجامعة الأنطونية بقيادة الأب توفيق معتوق، وأوركسترا الحجرة الوطنية الأرمنية بقيادة مارتشانو.

ويطغى على برنامج المهرجان هذه السنة عازفو البيانو المعروفون، منهم الإيطالي فيليبو غوريني (21 سنة)، الفائز بجائزة مسابقة «بيتهوفن تيليكوم» في مدينة بون الألمانية عام 2015، وهو سيعزف سيمفونية بيتهوفن الأولى، ترافقه الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة ميشال خير الله.

أمّا السيمفونية الثالثة فتعزفها على البيانو الإيطالية فانيسا بينيلي موسل، في حين يعزف الأوكراني ألكسندر رومانوفسكي، ترافقه أوركسترا الحجرة الأرمنية بقيادة مارتشانو، السيمفونية الثانية التي كرّست شهرة بيتهوفن. وعلى البيانو أيضاً، يعزف الإيطالي جوزيبيه غاريرا السيمفونية الرابعة، مع الأوركسترا الأرمنية بقيادة مارتشانو. وتعمل لجنة مهرجانات البستان هذه السنة وكعادتها كل عام على إبراز القدرات اللبنانية في فنون الموسيقى العالمية. ومن هذا المنطلق تتعاون مع الأوركسترا الفيلهارمونية الوطنية من ناحية ومع مؤلفي موسيقى وكتّاب لبنانيين ذاع صيتهم ليتجاوز بلاد الأرز من ناحية ثانية. ففي 26 فبراير (شباط)، يسلط الكاتب اللبناني ألكسندر نجار الضوء على حياة بيتهوفن وطفولته وإعاقته ضمن لقاء بعنوان «اعترافات بيتهوفن». ويرافقه عزفاً على البيانو اللبناني عبد الرحمن الباشا، ومعهما الممثل جان فرنسوا بالمير. توضح لحود في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط».

وكان جميع الفنانين العالميين المشاركين في المهرجان قد أبدوا تجاوباً كبيراً لزيارة لبنان وإحياء مهرجان البستان».

 

قد يهمك أيضًا

"الشارقة للفنون" تفتح باب المُشاركة في "وجهة نظر 7"

متحف الشارقة للفنون يستضيف معرضًا لأعمال اثنين من الفنانين التشكيليين