القاهرة - لبنان اليوم
على الرغم من مرور نحو ستة أشهر فقط على افتتاح متحف الغردقة بمحافظة البحر الأحمر (جنوب شرقي القاهرة) وتداعيات جائحة «كورونا» على القطاع السياحي في مصر، استطاعت كنوز توت عنخ آمون، الملقب بـ«الفرعون الذهبي» اجتذاب زوار متحف الغردقة، عبر معرض مؤقت يعد الأول من نوعه داخل متحف مصري، ويضم 10 قطع نادرة من مجموعة «توت» التي أُعيدت إلى مصر أخيراً بعد انتهاء جولاتها الخارجية، التي بدأت عام 2018، زارت خلالها مدينة لوس أنجليس في الولايات المتحدة الأميركية والعاصمة الفرنسية باريس والبريطانية لندن، حيث حقق معرض «كنوز الفرعون الذهبي» نجاحاً غير مسبوق في هذه الدول، خصوصاً في فرنسا التي حطم فيها الرقم القياسي في تاريخ تنظيم المعارض الثقافية بها، حيث زاره أكثر من مليون و400 ألف زائر خلال ستة أشهر في عام 2019، حسب «السياحة والآثار المصرية التي كشفت أن المجلس الأعلى للآثار قرر عرض 10 من هذه القطع بصفة مؤقتة في متحف الغردقة، و10 أخرى في متحف شرم الشيخ الذي سيُفتتح نهاية العام الجاري، لتفعيل استراتيجية ربط السياحة الثقافية بالسياحة الشاطئية في مصر.
ويهدف المعرض الجديد إلى تفعيل استراتيجية ربط السياحة الشاطئية بالسياحة الثقافية التي تتبناها وزارة السياحة والآثار المصرية، ويقول المهندس خالد محفوظ، ممثل القطاع الخاص في متحف الغردقة، لـ«الشرق الأوسط»: «استطاع المتحف الذي افتُتح رسمياً في نهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، جذب السائحين الأجانب خلال الفترة الماضية رغم تداعيات جائحة (كورونا) التي أثرت على القطاع السياحي في العالم كله»، مشيراً إلى أن «معرض توت عنخ آمون جذب الكثير من السائحين الأجانب في المدينة، لاسيما أنه يعد فرصة جيدة للتعرف على حياة الملك الفرعوني الشهير، ومقتنيات المتحف الأخرى النادرة، خصوصاً بعد تفعيل برامج استقبال السائحين عبر كبريات شركات السياحة الدولية».
وتسعى وزارة السياحة والآثار المصرية إلى تجاوز أزمة «كورونا» عبر تنفيذ عدة خطوات من بينها فتح السياحة الداخلية بإجراءات احترازية من ثم إعادة استقبال السائحين الأجانب مع استئناف حركة الطيران وفتح المواقع والمتاحف الأثرية في جميع أنحاء البلاد، وفق محفوظ.
وستظل قطع «الفرعون الذهبي» في متحف الغردقة حتى تُنقل إلى مقر عرضها الدائم في المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه عام 2021. حسب مؤمن عثمان رئيس قطاع المتاحف، الذي أكد في بيان صحافي لوزارة السياحة والآثار أخيراً أن «عرض هذه الكنوز في متحف الغردقة يعد الأول من نوعه خارج المتحف المصري في التحرير».
ويعد التمثال الخشبي المذهب للمعبود بتاح القطعة الرئيسة للمعرض، بجانب تمثال أوشابتي يرتدي النمس المذهب، وغطاء إناء كانوبي ملون على هيئة رأس الملك، وتمثال أوشابتي يرتدي تاج الخربش، ويمسك بالمذنبة والصولجان، وتمثال أوشابتي يرتدي شعرا مستعارا وحية «كبرى» مصنوعة من البرونز وقلادة مذهبة، وسدادة من الخشب الملون تُوضع داخل البوق مصنوعة من الفضة وبوق من الفضة المذهبة، بالإضافة إلى مسند رأس من الفيانس الأزرق، وكرسي توت عنخ آمون المطعم بالأبانوس والعاج، وإناء الملك في شكل زهرة لوتس متفتحة، وعلبة للمرآة من الخشب المذهب على شكل علامة العنخ ومطعمة بالزجاج والعقيق.
ويبرز متحف الغردقة وسائل الجمال والرفاهية في الحضارة المصرية عبر العصور؛ حيث يضم قطعاً تجسد وسائل الراحة في المنازل وأثاثها وأدوات الزينة التي استخدمها المصري القديم من زينة شعر وملابس وكريمات وعطور وإكسسوارات، كما يتناول العرض المتحفي أيضاً المظاهر الرياضية كالصيد النيلي والبري، إلى جانب الآلات الموسيقية وصور من حفلات بها رقص وعزف، بداية من العصر الفرعوني حتى العصور الحديثة، كما يضم بعض مقتنيات أسرة محمد علي، التي جرى انتقاؤها من متاحف أخرى، على غرار متحف المجوهرات في الإسكندرية، وقصر عابدين في القاهرة، لخدمة العرض المتحفي.
متحف الغردقة الذي تبلغ تكلفة إنشائه نحو 160 مليون جنيه مصري (10 ملايين دولار أميركي تقريباً)، يعد أول متحف يتم إنشاؤه بالشراكة بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص؛ وعائدات المتحف تتقاسمها وزارة السياحة والآثار، والشركة الخاصة التي تولت عملية الإنشاءات، ويضم قطعاً أثرية نادرة من مناطق تاريخية، في محافظة البحر الأحمر.ويعود تاريخ المحافظة إلى عصور الفراعنة، وتضم بين جنباتها مناطق أثرية متنوعة، من بينها «أم الفواخير» في وادي الحمامات، ومنطقة «جبل أبو دخان»، وقلاع إسلامية أثرية.