بيروت - لبنان اليوم
حدث فني كبير شهدته خشبة مسرح «إروين هيل» في الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) مع الأوركسترا السيمفوني لـ تايبيه (عاصمة تايوان) وكورال تونس 88 الفخري، بما يعني 83 عازفاً وكوالاً، ملأوا المنبر الجامعي وأمتعوا حضوراً نموذجياً من نخبة المثقفين والسميعة والشخصيات التي تلتقي دائماً على مواعيد ذات قدر كبير من المستوى والقيمة الفنية.
(From Faraway) (من بلاد بعيدة) هو عنوان العرض الذي نظمته الجامعة، شاملاً فنانين من تايوان، أميركا، تونس، مصر، ولبنان، مما جعل المادة الموسيقية الغنائية منوّعة، وعميقة التأثير في جمهور الحاضرين الذين كان موعدهم عند الثانية من بعد ظهر الأحد في الثاني من شباط/ فبراير الجاري، وصل معظمهم قبل ساعة من الموعد لكي يفوزوا بمقاعد خالية لهم.
أوركسترا تايبيه (عاصمة تايوان) السيمفوني تألفت من 51 عازفاً وعازفة، لاحظنا أن معظمهم عازفون على آلة الكمان القديمة، وهي صغيرة الحجم ربما لكي تتناسب وتنسجم مع أجسامهم الصغيرة شباباً وصبايا، إضافة إلى كون الابتسامة لم تفارق وجوههم، وكانوا يوزعون التحيات على كل من يقع نظرهم عليه في الصالة، كنوع من الود والمحبة، وبدوا شديدي الإلتزام وقت العزف، مع المايسترو المتواضع وبحركات بسيطة وقليلة ومن دون عصى القيادة، جعل من الإصغاء إلى الموسيقى سواء كانت من تايوان أو من النتاج العالمي، أو العربي الذي شدّنا إليه بإعجاب كبير.
وكان لحضور الكورال التونسي رهجته، خصوصاً من بعض التونسيين المقيمين في لبنان، وقد صرخ عدد منهم تحية للكورال الوافد، والمتميّز مع 32 عنصراً من الجنسين، أمنوا مشاركة في مؤلفات عالمية وأخرى عربية عامة أو لبنانية خاصة، وهو ما إستوقفنا فعلياً خصوصاً مع التوزيع المتميّز (وجدي أبو دياب) لنماذج من: لما بدا يتثنى، عالندا الندا، أمي نامت ع كبير، وبعض غيرها، مما جعل الصالة تموج بالتفاعل وبصوت عالٍ مع قدرة الأوركسترا ومعها الكورال بقيادة لافتة لمايسترو التايواني الوافد «شنغ هونغ كاو»، الذي بدا في ملابس متواضعه «سبور» ومن دون رسميات، وإصراره أن يكون أول المصفقين لعازفيه عند كل بداية إستراحة.
هذا النموذج الراقي بدا أيضاً شديد الجودة، والابداع مع الموهبة الأوبرالية اللبنانية الـ ميزو سوبرانو آية ليل طربيه (إبنة الفنان رفعت طربيه) التي رافقتها على البيانو مسؤولة الإدارة الفنية في الجامعة صبا علي التي بدت مستنفرة وحاضرة بقوة كمتحدثة عن هذا الكونسرت الأوركسترالي، ثم كعازفة بيانو ماهرة، كانت وآية ليل على تواصل عالٍ، وقد إحترمنا في المغنية حسن إطلالتها الأنيقة، البعيدة في مظهرها عن أي نوع من الفانتازيا، لذا كانت في محلها، وكنا باركنا في وقت سابق وقفتها على الخشبة نفسها عندما أخذت رقتها أكثر في التعريف بموهبتها وقدراتها اللافتة والكبيرة. أكثر من سبب جعلنا نحتفي بهذا الحفل والقيّمين عليه، والمشاركين فيه لبنانيين وعرباً وأجانب، في ظروف ربما لم تكن لتقنع أي مرجعية فنية خارجية بالمجيء إلى لبنان للمشاركة في حدث مثل هذا. لكن هناك ما هو أكثر من الثقة بلبنان، جعل هؤلاء يقولون نعم من دون تردّد حين وصلتهم الدعوة.
بيروت حاضرة، حيّة، ومتجذرة في الأرض والحاضر وفيها كل الصور المستقبلية الحضارية، ولا صحة لأي إستنتاج يعتبر الواقع السلبي الراهن مؤشراً سلبياً على الغد. أبداً إن للغد صورة مشرقة هي نفسها التي لطالما عشناها ودعمناها وعرفنا قيمتها أيام سلام وخير وعافية لبنان.
قد يهمك ايضا : زلزال بقوة 5.2 درجة يهز المباني في تايبه عاصمة تايوان
الجامعة اللبنانية الأميركية تشيد بالوعي الفني للمجتمع البحريني