غزة – محمد حبيب
أختتم مهرجان فلسطين الدولي للفن التشكيلي "عبير الثرى"، أعماله في مدينة غزة الأسبوع الماضي، والذي تم تنظيمه بمشاركة أكثر من 140 فنانًا فلسطينيًا وعربيًا وأجنبيًا، جمعهم هدّفٌ واحد "إحياء التراث الفلسطيني بالفن التشكيلي دوليًا"، فعلى الرغم من الأحداث الصعبة التي تمر بها الأراضي الفلسطينية يصّرُ فنانون فلسطينيون وعرب على إحياء التراث والهوية الفلسطينية الأصيلة، وجمع أهل الشتات في يوم واحد.
وأشار إلى تميّز الفن التشكيلي الفلسطيني بالاهتمام الواسع في السنوات الأخيرة، وأكدّ على بقاء الفلسطينيين على أرضهم، على أمل أن تستمر حتى تحرير الأوطان.
وعبَّر الفنان التشكيلي فتحي غبن، البالغ من العمر 68 عامًا، عن فرحته بنجاح المهرجان وأكّد وسط جمهور عريض موجود هناك، أن المعرض يتميز بالبانوراما الجميلة من الأساليب واللوحات الفنية المشاركة، وأنه منذ خمسين عامًا وهو يخُط بريشته لوحات فنية تراثية لتعبر في مجملها عن فن فلسطيني يأبى إلا أن يرسخ في ذهن الآباء والأبناء، ويؤكدّ أن "الفن رسالة سامية تعبر عن الفلسطينيين".
وشارك غبن بلوحات فنية أطلق عليها اسم "طينة بلادي"، يصفها بأنها "تراث فلسطيني وأرض خصبة بالحصاد (..)، وتظهر المرأة الفلسطينية المكافحة في عملها وحياتها".
وأشار التشكيلي الستيني إلى ضرورة الاستمرار في تنظيم المعارض الفنية في رسالة وطنية أساسية، تقاوم التهويد ما بقيَ الفلسطينيون.
أما مدير المهرجان والمشارك أيضًا في المعرض الفنان فايز الحسني فأعلن أن المعرض يُعتبر الأضخم فلسطينيًا، بمشاركة من دول عربية وإسلامية وأجنبية.
ويحمل المهرجان في جنباته دلالات أن للفنان رسالة سامية وتعبيرًا عن قيم حضارية، ويؤكدُ أن الشعب الفلسطيني حيّ ويحب الحياة والفن، ويُظهر أن الحركة الفنية التشكيلية في تقدّم.
وأوضح الحسني "الحضور الجماهيري الكبير للمهرجان يثبت أن الفلسطينيين في غزة وكل فلسطين فهموا قيمة الفن العالية، التي توصل رسائل للعالم أن الشعب باقٍ على هذه الارض".
أما الفنان التشكيليّ الشاب محمد حرب أحد المشاركين في المعرض فأكّد أن المعرض هو فرصة للتواصل بين غزة والعالم الخارجي، وهو نوع من التمرد على الحصار.
وأضاف حرب أن الفنان لا بد من أن يقدم عمل يثبت فيه حضوره كفنان في كل القضايا التي تخص مجتمعه والتعبير عنها.
ويَهدف المهرجان إلى إثراء الحركة التشكيلية الفلسطينية بأعمال "تحت رؤية فنية حديثة"، فيما يسلط الضوء على دور الشباب والتزامهم بقضاياهم الوطنية والإنسانية، كما يقول الحسني.
ونُظمت في قطاع غزة عشرات المهرجانات الفنية والتراثية الهادفة للتمسك بالهوية الفلسطينية وإثبات الحق الفلسطيني في الوجود، رغم الممارسات "الإسرائيلية" التي تسعى لطمس الهوية وتهويد الوطن.
واعتبر المتابعون لأعمال المهرجان أن هذه التظاهرة تشكل اليوم نقله مهمة على الصعيد الثقافي، فالحركة التشكيلية الفلسطينية تزخر بالتجارب التي يجب أن تُوضع على الخارطة الفنية.
من جهته، أكّد الوكيل المساعد لوزارة الثقافة الفلسطينية مصطفى الصواف ان مهرجان الفن التشكيلي هو ظاهرة عالمية يشارك فيها فنانون فلسطينيون وعرب وعالميون، أحبُّوا فلسطين، وحملوا همها ورسالتها من أجل إيصالها للعالم.
وشدّد الصواف على "أن هذه اللوحات قبل أن تُرسم بالريشة؛ رُسمت بالأحاسيس الإنسانية، وتحمل لغة مشتركة ليست بحاجة إلى من يترجمها، لان فيها قراءة للأحاسيس والمشاعر الإنسانية لذلك تصل بشكل أسرع".
وأكّد الصواف أن الشعب الفلسطيني صاحب قضية ورسالة، وهذه الرسالة في حاجة إلى كل الأدوات لمواجهة العدو "المجرم والإرهابي"، وأعلن قائلاً: إننا كما نحتاج للبندقية، فإننا في حاجة للقلم والصورة واللوحة الفنية حتى توصل رسالتها بكل الوسائل".
وأوضح بأن وزارته مشرعة أبوابها وأيديها ممدودة للجميع من أجل خدمة المشهد الثقافي وخدمة الفنانين وفق الإمكانات المتاحة، داعيًا إلى ان تكون الإمكانات أكبر في مرحلة الوحدة، وأن تقدم ما هو واجب على الوزارة أن تقدمه، مثمناً جهود الجهة المنظمة للمهرجان وللمشاركين بمشاركاتهم الفاعلة.