ديفيد كاميرون في الهند
لندن ـ ماريا طبراني
أثارت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال الأسبوع الماضي إلى الهند، والتي اصطحب معه فيها أكبر وفد تجاري بريطاني إلى الهند، تساؤل البعض عن سر زيارة كاميرون للشرق وانصرافه عن علاج الكم الهائل من المشكلات الداخلية في بريطانيا، وما إذا كانت رحلاته تلك قد أحدثت فارقًا ولو
ضئيلًا، أو أسفرت عن شيء يذكر. وكانت آخر زيارة قام بها كاميرون إلى الهند العام 2010 لم تمنعها من شراء صفقة طائرات مقاتلة فرنسية خلال العام الماضي، مفضلة عليها طائرات التايفون البريطانية.
وكان الوفد التجاري البريطاني المصاحب لكاميرون خلال الزيارة يضم ما يزيد عن 100 مؤسسة تجارية بريطانية، بعضها من كبار الشركات مثل "بي بي" وشركة "بي إيه إي" المتخصصة في الصناعات الدفاعية وشركة يونيليفر، إضافة إلى عدد من الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تمثل أهمية كبرى.
وكانت شركة "بلوووتر بيو" المتخصصة في تكنولوجيا معالجة المياه، مع نهاية العام الماضي قد أبرمت اتفاق شراكة في الهند مع شركة تاتفا للبيئة العالمية، وقامت لتوها بتسليم أول نظام فلترة في أحد المنتزهات التجارية "الخضراء" في ضواحي بومباي.
وتسعى بلوووتر الآن للحصول على عقود شراكة مع سلطات البلدية في الهند وشركات تتعامل في مجال مشروعات تكثيف المياه.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة بلوووتر، دانيال إيشاغ إن "الناس يتساءلون، لماذا نذهب بصحبة وفد تجاري بريطاني في الوقت الذي لدينا شريك في الهند. وبما أن هناك مناطق تشهد نمو متصاعدًا في الهند، ينبغي علينا كشركة أن نأخذ المبادرة والمشاركة في الاجتماعات وانتزاع الفرصة في ظل دعم الحكومة البريطانية".
وأضاف أن "نمو المجتمع السكاني في الهند وحركة التصنيع السريعة باتت محط اهتمام شركة بلوووتر التي تستخدم وسائل تكنولوجية بيولوجية وبكتيرية في تطهير المياه ومضاعفة كمياتها".
وكانت هذه التكنولوجيا قد شهدت تطورها في جامعة كرانفيلد، وقد قامت شركة بلوووتر بشراء تلك الأبحاث، ويؤكد إيشاغ أن "هناك نقصًا في المياه النظيفة في ظل النمو السكاني في مناطق لا يوجد بها ماء، ونظرًا لأن نقص المياه، يجعل من النمو أمرًا مستحيلًا، فإننا نتوقع عمليات تقدر قيمتها بما يزيد عن مليار جنيه إسترليني سنويًا بحلول العام 2016".
وفيما يتعلق بشركة إيست إند للأغذية التي تتولى توريد المكونات والعناصر الغذائية للمحلات الصغيرة والسوبر ماركت وتحقق مبيعات سنوية تقدر بحوالي 155 مليون جنيه إسترليني، فقد كشفت الشركة بصورة غير متوقعة عن إمكان إقامة خط تجاري جديد.
ويقول مدير المبيعات في الشركة، بول ديب إن "هناك فرصة هائلة للشركة في الهند، فنحن نقوم باستيراد المواد الخام من هناك، ولكننا نستطيع في واقع الأمر أن نعيد تصدير منتجاتنا إلى الهند".
وأضاف أن "بيع توابل ومواد غذائية معلبة، مثل مسحوق الكاري إلى الطبقات المتوسطة التي تتوسع في الهند، ليس كبيع الثلج في الإسكيمو"، ويشير إلى أن "البعثة التجارية البريطانية قد اصطحبتهم إلى بعض محلات السوبر ماركت، وهناك شاهد منتجات على الأرفف تسمح لشركته عرض منتجاتها بجودة ومهارة وتغليف وتعليب بصورة منافسة". وأكد أنه "زار الكثير من منشآت التصنيع الغذائي في الهند على مدى السنوات الماضية، ولاحظ مدى التحسن الذي طرأ عليها"، ولكنه يرى أنهم "مازالوا في حاجة إلى تعلم المزيد من البريطانيين في مجال المعايير القياسية والآمان الغذائي".
وستستهدف الشركة أثرياء الهند ويقول مدير المبيعات إن "الطبقات المتوسطة في الهند يتراوح عددها ما بين 300 إلى 400 مليون نسمة، وأن هؤلاء يمثلون شريحة واحدة من السوق الهندية، الأمر الذي يفتح مجالًا مثيرًا أمام الشركة من خلال تقديم وصفات غذائية أصيلة، ومن دون تغيير في مواصفات المنتج والنزول بالجودة من أجل خفض سعره".
وأضاف أن "فكرة اصطحاب الوفد بمعية رئيس الوزراء، تعني أن الناس في الهند يتعاملون معك من منطلق أكثر جدية، وهو الانطباع نفسه الذي خرج به إيشاغ الذي يقول إن "الهند تستحق هذا الاهتمام الخاص من رئيس الوزراء البريطاني بسبب حجمها وبسبب تسيد اللغة الإنكليزية فيها". وفي ضوء ذلك فهو يعتقد أنه "في غضون خمسة إلى عشرة أعوام، ستصبح الهند أكثر جاذبية من الصين أمام الشركات البريطانية، والسبب في ذلك، انتفاء عامل الحاجز اللغوي، إضافة إلى سهولة التعامل مع القوانين والتشريعات الهندية، مقارنة بالصين".