رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون
لندن ـ سليم كرم
زعم أنه "مخول" و"قادر" على أن يعيق مساعي دول منطقة اليورو، الرامية إلى إجراء تعديل على المعاهدة، التي يمكن أن تسفر عن توحيد فعال للعملة الأوروبية، وذلك ما لم يوافق شركاؤه الأوروبيون على مطالبه الخاصة بشأن التعديلات المقترحة على المعاهدة قبل التعديل، والتي
يمكن أن تسفر عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قائلاً "إن حاجتهم إلى التغيير تعني أنه تغيير طبيعة الكيان الذي ننتمي إليه، وعلى هذا الأساس وفي ضوء احتياجهم للتغيير فإننا مخولون تمامًا، بل قادرون بالفعل، على المطالبة من جانبنا ببعض هذه التغييرات".
جاء هذا التهديد خلال المقابلة التي أجراها معه أندرو مار في تليفزيون "بي بي سي"، الأحد، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التكهنات بشأن مضمون الخطاب التاريخي الذي من المنتظر أن يلقيه كاميرون في وقت لاحق من هذا الشهر، ويحدد فيه خططه بشأن علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي.
وكرر كاميرون في المقابلة ما سبق وأن قاله بأنه لا يحبذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنه قال "إن البلدان الأروربية الغير المنضمة للاتحاد الأوروبي مثل النروج تخضع إلى قواعد الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا القواعد لا تؤثر على سياساتها".
وبشأن كيفية قيام بريطانيا بممارسة نفوذها على بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي للمطالبة باستعادة قدراتها وجدارتها، قال كاميرون "إن ما يحدث في أوروبا الآن هو تغيرات شاملة بسبب اليورو، وإنه بات على بلدان اليورو أن تتغير من أجل البقاء على اليورو"، وقال أيضًا "إنهم في حاجة إلى مزيد من التكامل والاندماج، وإنهم على وعي بأن هذا ما ينبغي فعله، لأنه لا يوجد عملة موحدة في العالم دون وجود وحدة على مستوى البنوك والمصارف، وشكل من أشكال الوحدة المالية".
وأضاف كاميرون قائلاً "إن حاجتهم إلى التغيير تعني أنه تغيير طبيعة الكيان الذي ننتمي إليه، وعلى هذا الأساس وفي ضوء احتياجهم للتغيير فإننا مخولون تمامًا، بل قادرون بالفعل، على المطالبة من جانبنا ببعض هذه التغييرات".
يذكر أن بريطانيا بما تملكه من حق "الفيتو" داخل الاتحاد الأوروبي، تستطيع أن تمنع إجراء أي تعديلات على معاهدة تهدف إلى إضفاء مزيد من الفعالية على اليورو، مثل زيادة سلطات الاتحاد الأوروبي في الإشراف على بنوك الدول الأعضاء، ومعدلات العجز في الموازنة. المعروف أن هذه التغيرات والتعديلات كافة تتطلب موافقة أعضاء الاتحاد الأوروبي بالإجماع، ومن المرجح قيام أعضاء منطقة اليورو بالتحفظ ضد تهديدات بريطانيا بإعاقة التعديلات الرامية لزيادة فعالية اليورو، في إطار صفقة تسمح لبريطانيا بالانسحاب من قوانين وقواعد الاتحاد الأوروبي، لا سيما القوانين الرامية إلى تحقيق المساواة الاجتماعية.
وزعمت مصادر في الاتحاد الأوروبي أن الحاجة إلى إجراء التعديلات على المعاهدة ليست يقينية، وأنه في حالة إذا ما تطلب الأمر ذلك، فإن بريطانيا سوف تسعى إلى استخدام حق الرفض "الفيتو"، وعندئد فإن تلك التغييرات يمكن أن يتم الاتفاق عليها في ما بين الحكومات، دون الاستعانة بمؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وقال كاميرون إنه يدعم من حيث المبدأ إجراء تعديلات على المعاهدة، بهدف زيادة فعالية اليورو. وقال أيضًا إنه واثق جدًا بشأن التغييرات التي يحتاجون إليها، ولكنه يعتقد بأنه يمكن القول بأنه "في الوقت الذي يحتاجون هم فيه إلى التغييرات فإن هناك أيضًا تغييرات تحتاج بريطانيا لاتخاذها. وقال أيضًا إن بريطانيا ترغب في أن تظل عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وخاصة في السوق الموحدة، ولكن هناك بعض التغييرات التي تحتاجها بريطانيا أيضًا".
كما أصر كاميرون على أن بقية دول الاتحاد الأوروبي سوف تذعن للمطالب البريطانية التي لم تتحدد بعد، وقال إنه "لا يؤمن بالقدر المحتوم"، وقال أيضًا إن الناس أبلغوه أنه من غير الممكن إجراء تغييرات على علاقاتها، وأنه كرئيس للوزراء "نجح في التخلص من سطوة الإنقاذ المالي، التي وضعتنا فيها الحكومة البريطانية السابقة".
وردًا على نوع المطالب التي ترغب بريطانيا في استعادتها من الاتحاد الأوروبي اكتفى كاميرون بالقول "إن هناك الكثير من الأشياء التي من شأنها أن تجعل بريطانيا في وضع أفضل"، وقال أيضًا "إن بريطانيا لن تضع في البداية مسألة تعليمات الاتحاد الأوروبي بشأن مواعيد ومزايا العاملين في الاتحاد الأوروبي، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر على الأمور التي ندير بها المستشفيات البريطانية، وليس الأمور الخاصة بالتجارة والسوق الموحدة".
كما كرر تحذير وزيرة الداخلية البريطانية تريزا ماي بأنه سوف يزيد من صعوبات المواطن الأوروبي في الحصول على مزايا داخل بريطانيا إذا عملوا في بريطانيا، وهو إجراء قد يتطلب تعديلات على المعاهدة الأوروبية.
وقال أيضًا: إن أحد الأسباب الرئيسية للبقاء في الاتحاد الأوروبي هي ما يسمى بالحريات الرئيسية، المتمثلة في حركة الخدمات وحركة البضائع وحركة الناس، ويوجد حاليًا قيود في الوقت الراهن على حركة الناس في أوقات الطوارئ. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو هل ينبغي زيادة الصعوبات أمام الناس لدخول بريطانيا والعيش فيها والتمتع بالمزايا فيها؟ والإجابة بمنتهى الصراحة "نعم ينبغي ذلك".
كما دافع عن المراجعات وإعادة النظر في الاختصاصات في ما بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، والتي أجراها مكتب الشؤون الخارجية، والمنتظر أن تكتمل بحلول العام 2015.
ورفض كاميرون التطرق إلى طبيعة الاستفتاء الذي سوف يعرضه على الشعب البريطاني، انتظارًا لما سوف يقوله في خطابه المقبل، ولكنه أكد على أنه سيكون خيارًا حقيقيًا للبريطانيين وليس زائفًا.
ورفض فكرة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقال إن 50 في المائة من تجارة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي، وإنه في حال خروجنا من الاتحاد الأوروبي سوف يظل تبادلنا التجاري مع الدول الأوروبية، ولكننا في تلك الأثناء لن يكون لنا حق النقاش.