بيروت - لبنان اليوم
منذ انتشار وباء كورونا، فشلت كل المساعي الحكومية في وقف نزيف التدهور الاقتصادي، الذي وصل لحدود غير مسبوقة، وذلك بعد انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي.
يواصل سعر صرف الدولار ارتفاعه اليوم ليسجل 3425 ليرة لبنانية للشراء و3475 ليرة للمبيع لدى الصرافين صباحاً، وبعد الظهر سجل 3720 للشراء و3780 للمبيع.
وأعلنت نقابة الصرافين الدخول في إضراب مفتوح حتى يوم الاثنين للتحذير من استمرار تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، فيما شهدت عدة مناطق لبنانية احتجاجات واسعة وقطعا للطرق من قبل المتظاهرين، اعتراضا على انهيار سعر صرف الليرة، وما ترتب عليه من غلاء كبير في أسعار السلع الأساسية والغذائية وتفاقم الأزمات المعيشية والاجتماعية.
يقول عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني، إن "ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية ووصوله لأرقام قياسية حيث وصل إلى 4 آلاف ليرة لبنانية، له انعكاسات سلبية جدا على المواطنين اللبنانيين وعلى قدرتهم الشرائية".
وأضاف عكوش في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "لبنان يستورد 80% تقريبا من احتياجاته الاستهلاكية من الخارج ومعظمها بالدولار، مما سيؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني على المواطن، الذي يعاني أساسا من مفاعيل الحجر نتيجة لأزمة كورونا، حيث أن العديد من الشركات وخاصة في القطاع الخاص قد أوقفت جزئيا أو كليا رواتب موظفيها".
وتابع الخبير الاقتصادي اللبناني: "أما من ناحية الحكومة فقد جاء هذا الحدث ليلقي على الحكومة عبئًا ثقيلًا، إن لم تقم بمعالجته منذ البداية وهو فلتان أسعار الصرف في ظل امتناع مصرف لبنان عن القيام بواجباته وفقا لمنطوق المادة ١٧٤ من قانون النقد والتسليف والذي ينص صراحة على تدخل مصرف لبنان للحفاظ على الاستقرار النقدي".
وأكد أن "الحكومة كانت قد درست قانونًا خاص بتنظيم العمل المصرفي وتنظيم العلاقة ما بين المودعين والمصارف التجارية لتخفيف أثر الواقع الحالي، لكن تم سحبه قبل المصادقة عليه لاعتراضات سياسية من أطراف مؤثرة، وتم ترك الأمر لمصرف لبنان لمعالجة هذا الواقع عبر تعاميم يصدرها لم تكن على قدر الآمال بل جاءت متخبطة وغير واضحة مما زاد في الأزمة".
استفادة حكومية
أما من الناحية الاقتصادية، أضاف عكوش: "الارتفاع في سعر صرف الدولار يمكن الاستفادة منه من قبل الحكومة لتخفيف عبء القطاع العام والذي تمثل رواتبه حوالي 60% من واردات الدولة وبالتالي تخفيف هذا العبء سيساعد على تخفيض عجز الموازنة لاحقا، بعد الخروج من أزمة كورونا، لكن يحتاج الأمر الى خطة اقتصادية تعمل الحكومة على إقرارها".
تدهور الليرة اللبنانية تحد يهدد الحكومة
وأشار إلى أن "من ناحية أخرى فقد أدى هذا الانخفاض في سعر الليرة إلى انخفاض الدين العام اللبناني، أكثر من 60% بالليرة اللبنانية وبالتالي هذا سيؤثر بطبيعة الحال على كلفة خدمة الدين العام، لكن يبقى المطلوب توحيد سعر الصرف للاستفادة من هذه المميزات في تصحيح وضع الخزينة وتصحيح الوضع الاقتصادي وبالتالي الاستفادة من رفع قيمة الواردات الجمركية والضريبية والتي ما زالت لغاية اليوم تحتسب على السعر الرسمي وليس سعر السوق".
وأنهى حديثه قائلًا: "بالتأكيد سيساعد ارتفاع سعر صرف الدولار على تحفيز الإنتاج المحلي ولا سيما الزراعي والصناعي، وهذا سيخفض بالتأكيد فاتورة الاستيراد وهو ما حدث بالفعل خلال الثلاثة أشهر الماضية".
إجراءات مطلوبة
بدوره قال الناشط المدني، رياض عيسى، إن "هناك أزمات عدة تواجه لبنان يواجه من بينها الوضع الاقتصادي والمالي، والديون الخارجية والداخلية وأزمة المصارف، وكذلك مواجهة فيروس كورونا".
وأضاف عيسى في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الحكومة عليها التركيز للدخول في مفاوضات حول إعادة هيكلة الديون، ومحاولة تأخير تواريخ الاستحقاقات المالية، وتصغير حجم المبالغ المسددة، لأن الكبيرة منها لن تكون الدولة قادرة على دفعها".
وتابع الناشط المدني: "على الحكومة وضع خطط لتخفيض الهدر والنفقات ومعالجة الفساد، وتنشيط القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، من أجل استعادة الوضع الاقتصادي مرة أخرى".
مضاربة قوية
قال مصدر في مصرف لبنان المركزي إن المصرف حدد سعر صرف الليرة عند 3625 للدولار، لتطبقه جميع شركات تحويل الأموال اليوم الجمعة، وهو ما يقل بنسبة 58% عن سعر الربط الرسمي، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة مالية كبيرة.
وحث رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أمس الخميس الحكومة على استخدام سلطاتها القانونية لوقف "الانهيار الدراماتيكي" لليرة اللبنانية قبل فوات الأوان.
وقال وزير المالية غازي وزني لصحيفة الجمهورية إن الانخفاض "لا يمكن شرحه لا اقتصاديا ولا ماليا ولا نقديا"، وإن ما حدث "هو مضاربة قوية وتلاعب في السوق"، وأضاف: "وقد زاد هذا الأمر من خوف المواطنين وقلقهم مما أحدث زيادة الطلب على الدولار".
قد يهمك أيضا:
الليرة اللبنانية "تحترق" أمام الدولار وضوء أخضر لإسقاط الحكومة
المجتمع الدولي غير مهتم بأزمات صرف الليرة و"كورونا" في لبنان