الرباط - العرب اليوم
يملك المغرب المؤهلات اللازمة لتحقيق أكبر نهضة اقتصادية في منطقة شمال أفريقيا على المدى المتوسط، استنادًا إلى توقعات مركز "بي أم آي ريسرتش" التابع لمجموعة "فيتش غروب" للتصنيف الائتماني، كاشفًا عن أن "المستثمرين الأجانب مهتمون بزيادة استثماراتهم، خصوصًا في مجالات الصناعات الموجهة إلى التصدير نحو أسواق أوروبا ومنطقة غرب أفريقيا، التي زاد فيها حضور الشركات المغربية في السنوات الأخيرة".
وسيصدر التقرير الجديد حول الاقتصاد المغربي بداية العام المقبل، من ضمن تقارير إحصائية تشمل عددًا من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. واعتبر المركز الذي يتخذ من لندن مقرًا، أن المغرب يمثل أحد أكبر منتجي السيارات وقطاع غيار الطائرات في المنطقة والمصدرين لها، وهو رهان صناعي يعزز مكانة الاقتصاد المحلي ويساعد على دمجه في منظومة الاقتصاد العالمي في مجال شبكة المهن الجديدة.
ورأى أن الاستقرار الأمني الذي يتميز به المغرب مقارنة ببقية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يساعد في تنشيط معدلات النمو خلال الأعوام المقبلة، استنادًا إلى الإمكانات الطبيعية والبشرية الموجودة في المملكة، فضلاً عن قدرتها على الاستفادة من التحولات الجيوسياسية والتطور الاقتصادي الدولي.
وعرض المركز آفاق الاقتصاد المغربي خلال العام المقبل خصوصًا فيما يتعلق بخفض عجز الحسابات الكلّية وترشيد الإنفاق العام ، وتوقع تراجع عجز الموازنة والميزان التجاري إلى نحو 3 في المئة من الناتج الإجمالي و3.3 في المئة على التوالي العام المقبل، ما قد يزيد في هامش الإنفاق على قطاعات اجتماعية ومجالات تنموية أخرى، ويقلص الأخطار السيادية إلى أدنى درجة قياساً إلى بقية دول المنطقة.
وذكر أن الاقتصاد المغربي سيحقق نموًا نسبته 4.3 في المئة من الناتج الإجمالي هذا العام ، ليتراجع قليلًا إلى 3.8 في المئة العام المقبل ، وأعلن أن هذه المعدلات من الأعلى في المنطقة العربية التي تضررت من تراجع أسعار النفط، وغياب الاستقرار الأمني والجيوسياسي في بعض الدول المستوردة للطاقة.
وأوضح أن عودة الحسابات المالية الكلية إلى التوازن وتجاوز فترة الصعوبات الماكرو اقتصادية، سيغيّب الأخطار الافتراضية السيادية على المدى المتوسط.
ويتطلع المغرب إلى ارتقاء مركزه السيادي في تصنيف وكالات تحديد الأخطار. وتضعه وكالة "ستاندرد أند بورز" في درجة "إنفست غرايد الاستثمارية"، كما تصنفه "فيتش" في درجة "بي بي بي" مستقرة، في حين منحته "كوفاس" الفرنسية مرتبة "A4" في مجال التجارة الخارجية وتمويل الواردات.
وأكد التقرير أن الاقتصاد المغربي ازداد بقيمة 8 بلايين دولار في ثلاثة أعوام ويقدر الناتج الإجمالي الاسمي بنحو 109 بلايين دولار ، كما أثنى على قرار المصرف المركزي القاضي بتحرير صرف العملات الأجنبية مع الدرهم، واعتبرها خطوة مهمة لتحسين التجارة والتدفقات المالية الخارجية ، لافتًا إلى أن اعتماد سعر العملة بنسبة 60 في المئة لليورو و40 في المئة للدولار، يمنح بعض الوقاية من أخطار تقلب أسواق صرف العملات.
ولاحظ التقرير أن المطالب الاجتماعية ستظل قائمة في المغرب، نظراً إلى الأسباب التي تدفع سكان تلك المناطق إلى المطالبة بتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ، وتوقع استمرار مثل هذه المطالب على المدى المتوسط ، مشيرًا إلى أن تلك التظاهرات الاجتماعية لا تمثل أي خطر على استقرار البلد.
لكن المغرب من وجهة نظر مجموعة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، يواجه تحديات على المدى المتوسط أبرزها مرتبط بالتغيرات المناخية واعتماد الزراعة المغربية على التساقطات المطرية، فضلاً عن ارتباط قطاع الصادرات المغربية في الأسواق الأوروبية ومنطقة اليورو.