دبي - العرب اليوم
قدّر خبراء شاركوا في "المنتدى المالي العالمي"، الذي انطلق في دبي بمشاركة 4 آلاف خبير من كبريات الشركات بشأن العالم، إجمالي عدد الشركات المرتبطة بالتكنولوجيا المالية، التي تأسست خلال السنوات الخمس الماضية، ما بين 5 و6 آلاف شركة، تتنافس للحصول على حصة في السوق ضمن القطاعات المالية المختلفة، مثل مدفوعات الهواتف الخلوية وتحليلات البيانات والخدمات المصرفية، والإقراض الإلكتروني وتطبيقات عملة "بيتكوين" الافتراضية واستخدام تقنية "البلوك شين"، والتمويل الجماعي.
وأطلق "مركز دبي المالي العالمي" خلال المنتدى صندوقًا متخصصًا في قطاع التكنولوجيا المالية قيمته 100 مليون دولار، لتسريع وتيرة تطور التكنولوجيا المالية عبر الاستثمار في المشاريع الناشئة في المنطقة العربية منذ تأسيسها، ولاحظ خبراء خلال المنتدى، الذي حمل شعار "التأقلم مع الواقع الجديد"، أن دول الخليج بدأت تعي أهمية التكنولوجيا المالية، إذ بدأت مؤسسات مالية في المنطقة تعتمدها باعتبارها تسمح بتتبع التعاملات المصرفية في شكل آمن، وأعلنت إمارة دبي أخيرًا أنها تسعى إلى أن تصبح أول مدينة "بلوك شين" في العالم بحلول عام 2020، لتكون الأولى في استخدام خدمات التكنولوجيا المصرفية في الشرق الأوسط، بهدف خفض كلفة تجهيز الوثائق من خلال التخلص من المعالجات اليدوية للإقامة ووثائق جواز السفر والتأشيرات، وتحسين العمليات الحكومية والصرافة الإسلامية عبر نقل الأوراق الحكومية الدولية إلى تقنية "البلوك شين". وأكدوا أن قطاع التكنولوجيا المالية العالمي تمكن من استقطاب استثمارات تجاوزت 50 بليون دولار منذ عام 2010، في حين أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تجذب حالياً 1 في المائة فقط من إجمالي الاستثمارات في القطاع، ولفتوا إلى أن قطاع التكنولوجيا المالية سيوفر فرصة استثمارية ضخمة لكل الشركات العاملة في دول الخليج.
وعلى الرغم من حداثة عهدها نسبيًا، فإن منظومة التكنولوجيا المالية في المنطقة استطاعت أن تحقق تقدمًا ملموسًا خلال السنوات الماضية، ومع تزايد الوعي اليوم بمفهوم التكنولوجيا المالية، والفائدة التي يمكن أن تحققها لصناعة التمويل، اتّسع نطاق الاهتمام بهذا المجال إلى حد كبير، لا سيما في منطقة لا تزال غالبية الفواتير ورسوم التعليم والأجور فيها تُدفع في شكل نقدي، وفق تقرير حديث أصدره البنك الدولي، وكان مركز دبي المالي العالمي، استبق انطلاق المنتدى بإطلاق تقرير بالتعاون مع مجموعة "إيكونوميست" البريطانية تحت عنوان "أفق جديد: مستقبل قطاع التمويل في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا"، التي يبلغ عدد سكانها نحو 3 بلايين نسمة، أي أقل من نصف سكان العالم بقليل.
وتوقع خبراء أن تشكل هذه المنطقة مصدرًا متناميًا للعرض والطلب على خدمات مالية أفضل وأوسع نطاقًا خلال السنوات المقبلة، وتنطوي هذه المنطقة على إمكانات غير مسبوقة نظرًا لوجود عدد كبير من السكان الذين لا يملكون حسابًا مصرفيًا، لا سيما بين فئتي النساء والشباب، في ظل تنامي خدمات الاتصال المتنقلة، وبروز الكثير من مراكز المال والاستثمار الواعدة فيها.
وركز المنتدى على بحث آفاق تقنية "البلوك تشين" التي بدأت بتغيير مفهوم المصارف التقليدية، ويمكن أن تغيّر طريقتنا في التسوق ونقل السلع وشراء المنازل وغيرها، بغض النظر عن آليات التعامل المصرفي التي نتبعها اليوم، وأكدوا أن ثمة فرصة كبيرة أمام دول المنطقة العربية عموماً ومنطقة الخليج خصوصًا، لسد الفجوة التمويلية من خلال إتاحة الفرصة أمام شركات ورواد أعمال التكنولوجيا لتبادل المعرفة، وتطوير حلول مبتكرة بشكل أسرع وأقوى، بهدف توفير موارد تمويل إضافية من شأنها دفع عجلة نمو وتطور صناعة التمويل في المنطقة، من خلال التكنولوجيا المالية.
وأكد تقرير أصدرته وكالة التصنيف العالمية "ستاندرد آند بورز"، أن التكنولوجيا المالية يمكن أن تخفض ربحية بعض خطوط عمل المصارف في دول الخليج، وتغيّر طريقة عملها مع مرور الزمن، لا سيما في مجالات تحويل الأموال وتداول العملات الأجنبية.
وتعد عملة "بيتكوين" الرقمية أحد أشهر عملات الإنترنت، والتي تعتبر بديلة للعملات الورقية، خصوصًا أنها صممت لحل مشكلات صعوبة نقل الأموال من مكان إلى آخر، والإجراءات المرهقة التي تطلبها التحويلات المالية، وبدأ انتشارها بشكل كبير، بعد دعمها من قبل الكثير من شركات التكنولوجيا، ودعا مشاركون في المنتدى دول المنطقة إلى توفير بيئة داعمة تتيح للشركات المالية وشركات التكنولوجيا العمل جنبًا إلى جنب، وهذا يعني وضع الأطر التنظيمية المناسبة لشركات التكنولوجيا المالية، وخفض كلفة تأسيسها، وتسهيل حصولها على التراخيص التجارية، وتسريع إصدار التصاريح اللازمة للبدء بمزاولة أعمالها.
وأكد موقع "كريبتو أنسايدر" أن دبي اقتربت جدًا من تحقيق طموحها بأن تصبح عاصمة "البلوك تشين" في العالم، بعدما حققت قفزة كبيرة للاستفادة من فرص تحقيق وفورات إضافية بقيمة 1.5 بليون دولار من خلال التوظيف الأمثل لهذه التقنية القوية في القطاعات الخدمية، وأكدت وكالة "أس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية" في تقرير حديث أن التكنولوجيا المالية في منطقة الخليج ستغير طريقة عمل هذه المصارف مع مرور الوقت، وسيدفع بعضها في المنطقة إلى إدخال تغييرات على عملياتها من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية، وخفض عدد الفروع، وإعادة هيكلة الموظفين.
ولاحظت المؤسسة العالمية، أن بعض المصارف في المنطقة بدأ يدرك حجم الأخطار والفرص التي تفرضها التكنولوجيا المالية، ووضع الإجراءات اللازمة للتكيف مع الحقائق الجديدة في بيئته التشغيلية، وتوقعت الوكالة أن تواصل الجهات التنظيمية الإقليمية حماية الاستقرار المالي لأنظمتها المصرفية، وتوظيف التكنولوجيا في قطاع الخدمات المالية، ما يحد من كلفة تنفيذ المعاملة
ووقتها، فضلْا عن تزويد الزبائن بتجربة أفضل في الوقت ذاته، وكان الهدف من إصدار العملة الافتراضية "بتكوين" تمكين المتسوّقين في العالم الافتراضي من التعامل بوسيلة نقدية مقبولة من الجميع، ولكن الإقبال عليها كان هائلًا، ما دفع بعض المؤسسات والأفراد في منطقة الخليج إلى ركوب الموجة واعتمادها آلية استثمارية، ولكن ارتفاع سعر العملة باستمرار على مدى السنوات الأخيرة ليتجاوز 4 آلاف دولار، دفع دولاً إلى حظرها، وتشجيع مؤسسات استشارية ومحللين ماليين على اعتبارها "فقاعة".