أسواق المال العالمية

بعدما عانت من التذبذب طوال تعاملات الأسبوع مع التوتر المتفشي جراء ترقب أنباء حاسمة من هنا أو هناك، رحّبت أسواق المال العالمية في يوم ختام التعاملات الأسبوعية الجمعة «على طريقتها الخاصة» بإعلان التوصل لاتفاق أولي للتجارة بين الولايات المتحدة والصين، وكذلك بالفوز الكبير الذي حققه المحافظون في الانتخابات التشريعية في بريطانيا والذي يفترض أن يسمح بحسم كل القضايا العالقة المرتبطة ببريكست، إذ سجلت مؤشرات كثيرة مهمة أرقاما سنوية قياسية خلال تعاملات الجمعة.

وتعتقد الأسواق أن فوز حزب المحافظين سيسمح لرئيس الوزراء بوريس جونسون بإتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال أسابيع، مما يهدئ المخاوف من خروج عشوائي وقد ينهي عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته بريطانيا لثلاث سنوات ونصف. كما رحب المستثمرون أيضا بإعلان الجانبين الأميركي والصيني عن اتفاق التجارة الأولي، وتعليق الرسوم التي كان من المفترض تطبيقها ابتداء من غد الأحد.

وقبل الإعلان عن الاتفاق مساء أمس، قال هيرويوكي أوينو، المحلل في سوميتومو ميتسوي تراست لإدارة الأصول: «الأسواق لم تكن تتوقع أن تخفض الولايات المتحدة الرسوم القائمة، فإذا صدق ذلك فستكون مفاجأة إضافية».

في وول ستريت، وبعد إغلاق قياسي يوم الخميس، واصلت الأسهم الأميركية انتعاشها أمس رغم بعض التذبذبات. ومع إغلاق الخميس، سجلت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية مستويات قياسية مرتفعة، وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 220.75 نقطة بما يعادل 0.79 في المائة ليصل إلى 28132.05 نقطة، وزاد المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بمقدار 26.94 نقطة أو 0.86 في المائة مسجلا 3168.57 نقطة، وتقدم المؤشر ناسداك المجمع 63.27 نقطة أو 0.73 في المائة إلى 8717.32 نقطة. 

وفي أوروبا، سجلت بورصة باريس أمس أعلى مستويات منذ بداية العام الحالي. وفي الساعة 1113 بتوقيت غرينتش، كان المؤشر «كاك 40» قد بلغ أعلى مستوياته لهذا العام، حيث بلغ إلى 5972.17 نقطة مقترباً من ستة آلاف نقطة التي لم يتمكن من تجاوزها منذ يوليو (تموز) 2007.

وكذلك اقترب مؤشر «داكس» في بورصة فرانكفورت من رقمه القياسي التاريخي (13559 نقطة)، وسجّل ارتفاعاً بنسبة 1.45 في المائة ليصعد إلى 13423.41 نقطة، وهي أعلى مستوياته في عام كامل.

وبعد أن فتحت بورصة لندن على تراجع إثر تباطؤها بسبب ارتفاع سعر الجنيه الإسترليني، سرعان ما سجّل مؤشرها الأساسي «فوتسي 100» ارتفاعاً بلغ 1.90 في المائة، ليصل عند الظهيرة إلى مستوى 7411.92 نقطة. أما المؤشر «فوتسي 250» الذي يمثل الاقتصاد البريطاني بشكل أوسع، فقد ارتفع 4.5 في المائة في تعبير عن تفاؤل السوق بشأن بريكست.

والتوجه نفسه سجل في بورصة ميلانو التي فتحت على ارتفاع نسبته 1.38 في المائة، بينما تقدم مؤشر «إيبيكس 35» في مدريد و«آي إكس» في أمستردام 1.72 و0.94 في المائة على التوالي.

وقال مايكل هيوسن المحلل في مجموعة «سي إم سي ماركيتس» لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «بعد ثلاثة أعوام من التأخير والتقلبات والمعارك الشرسة، بدأ ضباب بريكست يتبدد مع الفوز الواسع للحكومة المحافظة الحالية».

لكن الخبيرة الاقتصادية المستقلة فيرونيك ريش فلوريس رأت أن «التقلبات لم تنته... وفي الواقع ملحمة بريكست بدأت الآن بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء»، مشيرة إلى أن «فترة طويلة من المفاوضات حول الاتفاق التجاري الذي سيحدد العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي» ستبدأ الآن.

وكانت الأسواق الآسيوية مهدت لهذا الموقف، إذ أغلقت بورصة طوكيو على ارتفاع نسبته 2.55 في المائة لمؤشر نيكي، قافزا إلى أعلى مستوياته في 14 شهرا، ومحققا أكبر مكاسبه اليومية في عشرة أشهر، مدعوما بمكاسب في أسهم القيمة مثل البنوك وصناع الصلب بفعل الآمال حيال نمو عالمي قوي بعد أنباء إبرام اتفاق تجارة بين الولايات المتحدة والصين. وتقدم المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.59 في المائة إلى 1739.98 نقطة في معاملات كثيفة بلغت قيمتها 3.442 تريليون ين (31.68 مليار دولار)، وهو أعلى مستوى هذا العام.

بينما سجلت بورصتا شنغهاي ارتفاعا نسبته 1.78 في المائة وشينزن 1.48 في المائة. وأغلق مؤشر هانغ سينغ لبورصة هونغ كونغ في أجواء من الأمل الكبير، على ارتفاع نسبته 2.57 في المائة.

كما انعكس الارتياح بعد فوز المحافظين في الانتخابات في السوق البريطانية على سعر الجنيه الإسترليني الذي سجل ارتفاعا. وتجاوزت قيمة العملة البريطانية 1.35 دولار أميركي للمرة الأولى منذ مايو (أيار) 2018 في أقوى ارتفاع منذ عشر سنوات. وعند الساعة 0730 بتوقيت غرينتش، بلغت قيمتها 1.3427 دولار في ارتفاع نسبته 2 في المائة.

ومقابل اليورو، بلغ الجنيه أعلى مستوياته منذ يوليو 2016، إذ ارتفعت قيمته بنسبة 1.7 في المائة مقابل اليورو ليصل إلى 83.15 بنس لليورو الواحد.

وقال نيل ويلسون المحلل في موقع «ماركيتس. كوم» الإلكتروني إن فوز المحافظين «يؤمن بعض الوضوح للمستثمرين حيث كان يسود التباس». 

وأضاف ملخصا الوضع: «بالنسبة للأسواق والشركات، إنها النتيجة المثالية، أغلبية واضحة للمحافظين وابتعاد خطر زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن وتراجع كبير في الشكوك المحيطة ببريكست وحتى ميزانية سريعة لدعم الاقتصاد».

وكانت الحكومة وعدت في الواقع بميزانية في الأيام المائة الأولى من حكمها تتضمن زيادة في النفقات من أجل إنهاء عقد من التقشف، وصرح جاسبر جولر المحلل في مجموعة «لندن كابيتال غروب» بأن «المستثمرين قد يحصلون على هديتين في عيد الميلاد، اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة، وإنجاز بريكست». 

والحرب التجارية بين واشنطن وبكين مستمرة منذ 19 شهرا وتتجلى في تبادل فرض رسوم جمركية إضافية على سلع بمئات مليارات الدولارات.

قد يهمك ايضا:

إثيوبيا تتمكن من دعم اقتصادها بـ9 مليارات دولار من "المانحين"​

  الرئيس الأميركي يدعو البنك الدولي للتوقف عن منح الصين قروضًا مالية