التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين أثّر على خطط الإنفاق لدى الشركات والمصانع الأميركية بشكل ملحوظ.وأظهر استطلاع رأي أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية أتالانتا، الشهر الماضي، أن 12% من الشركات التي شملها الاستطلاع، بما في ذلك واحدة من كل خمس شركات مصنّعة، خفضت أو تراجعت في إنفاق رأس المال في النصف الأول من عام 2019 بسبب التوتر التجاري، والمخاوف بشأن التعريفات الجمركية.   وقدّر الاستطلاع حجم التراجع في استثمارات الشركات الأميركية بـ40 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري، بسبب الحرب التجارية. ويعادل نحو 3% من إجمالي الاستثمارات الثابتة غير السكنية، أو الإنفاق الرأسمالي على المعدات، والمباني والمركبات وأجهزة الكومبيوتر، ومثيلاتها. وتبلغ القيمة المقدرة لهذه الاستثمارات 1.4 تريليون دولار، خلال نفس الفترة. وأشار الاستطلاع إلى أنه منذ عام 2000 لم تشهد هذه الاستثمارات أي تراجع، بل إنها نمت بنسبة 4% سنويًا.   وبينما ارتفع الإنفاق الرأسمالي للشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 0.8%، في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنةً بالربع الثاني، فإن هذه الزيادة المتواضعة ترجع إلى زيادة الإنفاق من عدد قليل من الشركات العملاقة. حيث تشير بيانات مؤشري "ستاندرد آند بورز" و"داو جونز" إلى أن شركتي "أمازون" و"آبل" العملاقتين قامتا وحدهما بزيادة الإنفاق الرأسمالي بمقدار 1.9 مليار دولار خلال نفس الفترة. ومن دون ذلك، فإن إجمالي الإنفاق لباقي الشركات الأخرى كان سيتراجع.   وكانت شركة "هارلي ديفيدسون"، عملاق صناعة الدراجات البخارية في أميركا، قد أخبرت، في أواخر الشهر الماضي، أن الإنفاق الرأسمالي للشركة لعام 2019 سينخفض بنحو 8% مقارنةً بالتوقعات السابقة، أي ما يعادل نحو 225 مليون دولار. كما أعلنت شركة "إيه تي آند تي"، عملاق مقدم خدمات الاتصالات في الولايات المتحدة، أنها تتوقع إنفاقًا أقل على استثمار رأس المال في عام 2020، بسبب تدابير توفير التكاليف التي تسمح لها بالاستثمار في شبكات الجيل الخامس دون زيادة الإنفاق. وأعلن مسؤولو الشركة أن الإنفاق الرأسمالي السنوي من المرجح أن يصل إلى 3.1 مليار دولار، بتراجع نسبته نحو 11% عن التوقعات السابقة، مشيرين إلى احتمالية تراجعه خلال العام بعد المقبل إلى 2.5 مليار دولار.   وجاء أكبر تراجع بين شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز"، في القطاع الصناعي، حيث انخفض إجمالي الإنفاق بقيمة 1.8 مليار دولار، أي ما يعادل 10%.   وانخفض الاستثمار الثابت غير السكني، وهو مقياس يتم مراقبته على نطاق واسع لقياس حجم التغير في استثمارات الأعمال في الولايات المتحدة، بنسبة 3%، في الربع الثالث، و1% في الربع الثاني، من العام الجاري. ويعد هذا أول انخفاض فصلي على التوالي منذ عام 2009، حسبما أظهرت بيانات مكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة.   وتشير هذه الأرقام إلى عكس ما يردده المسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترمب بأن الحواجز التجارية تهدف، في جزء منها، إلى منع الواردات والمساعدة في إنعاش التصنيع في الولايات المتحدة. فمنذ بداية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين العام الماضي، قام العديد من كبرى الشركات الأميركية بتعديل إنفاقها على المعدات واستثمارات رأس المال الأخرى.   وخلصت البيانات إلى أن بيئة العمل غير المؤكدة تدفع البعض إلى تأجيل الإنفاق أو تأجيل مشروعات واعدة بسبب تخوفات من حالة عدم اليقين، ما قد يشكّل عقبة مستمرة في النمو الاقتصادي.   وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن تصاعد التوترات التجارية ترك الشركات غير متأكدة من سلاسل التوريد والتسعير والأرباح. وضاعف من مخاوف المستثمرين هذه، علامات على تباطؤ النمو العالمي، وزيادة مخاوف المستهلكين بشأن المستقبل. وأدى ذلك إلى قيام بعض الشركات بتأجيل أو إلغاء خطط توسعاتها المستقبلية حتى تتضح الرؤية فيما يتعلق بالعلاقات التجارية مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم.   من ناحية أخرى، حذر بعض الشركات من أنها قد تستمر في التراجع في الإنفاق الاستثماري حتى العام المقبل، حيث من المتوقع أن تضيف الانتخابات الرئاسية، وتحقيق العزل الذي يجريه الديمقراطيون في الكونغرس حاليًا، مزيدًا من عدم اليقين إلى عملية صنع القرار في مجال الأعمال.   وعلى الرغم من احتمالية وجود أسباب وراء تراجع الإنفاق الاستثماري للشركات الأميركية، بخلاف النزاعات التجارية، فإن المحللين الاقتصاديين يربطون بين توقيت هذا التراجع الملحوظ، وغير المسبوق في بعض الحالات، وبين توقيت بداية الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

قد يهمك أيضاَ:

رئيس "المركزي" الأميركي يتحدى دونالد ترامب ويؤكد استمراره في وضع السياسة القندية​

وزير المال يؤكد أن السلطات التونسية تعول على عودة نشاط قطاع الفوسفات