بيروت - لبنان اليوم
أجزم أن رئيس الحكومة ووزراءه، وبالأخص وزير الإقتصاد، لم يقصدوا "السوبرماركت" أو اللحام أو الخضرجي في الأيام الأخيرة، ولا سيما بعدما أعلنت الحكومة أنها ستتخذ التدابير اللازمة للحد من جشع التجار وكبح جماح الأسعار وجنونها، التي أصبحت بمثابة "كل شاطر بشطارته" أو "حارة كل مين أيدو ألو"، وكأن أصحاب المحلات التجارية لا يأبهون لتهديدات وزير الإقتصاد، الذي على ما يبدو يعيش في "غير دني"، وهو يحاول كي لا نظلم الرجل، ولكن محاولاته هذه سيكون مصيرها الفشل الذريع، لأن التجار يتحججون بإرتفاع سعر الدولار وعدم ثباته على رقم محدّد، وكأن البندورة أو الخيار تُستقدم من الخارج، وهكذا بقية السلع الإستهلاكية الضرورية، وهي لا تدخل في خانة الكماليات، التي أصبحت بدورها خاضعة لمعايير جديدة غير المعايير المألوفة، كالأجبان على أنواعها وعلب التونة، ولهذين الصنفين قصة سترد تفاصيلها لاحقًا.
أحسب أن الحكومة تريد مكافحة الغلاء باساليب غير مجدية، وهي تلجأ عبر وزارة الإقتصاد ومصلحة حماية المستهلك إلى تسطير محاضر ضبط في حق التجار الذين لا يلتزمون بالربح الشرعي المشروع، من دون أن تكون تعمل بموازاة ذلك على منع الأسباب التي تجعل أسعار السلع الإستهلاكية "تتربل"، الأمر الذي يصيب المواطنين بهستيريا يومية بعد كل زيارة لـ"السوبرماركت"، وقد اصبح غلاء الأسعار حديث الساعة أو حديثًا مشتركًا بين الجميع الذين تكويهم نار الغلاء الفاحش.
وعلى رغم كل ذلك تحاول الحكومة التذاكي على الناس وتقول لهم إنها في صدد مكافحة الغلاء، من دون أن تقول لهم كيف ستتم هذه العملية، وما هي الإمكانات المتوافرة لها، التي يمكن أن تمكّنها من لجم ما يجب لجمه. ومنذ أن أعلنت الحكومة عن هذا الأمر أصبحت أسعار المنتجات المحلية مضاعفة، بحيث لم تعد ست البيت قادرة على شراء أي شيء يذكر بمئة ألف ليرة.
تخيّلوا أن جاط الفتوش، ونحن في زمن رمضان المبارك، أصبح يكّلف ما يقارب الـ 20000 ليرة، وهكذا سائر السلع، إذ بات أكل اللحم محصورًا بالفئات، التي لا تزال تُعتبر ميسورة، وهي تعدّ على اصابع اليد الواحدة. هل يعرف رئيس الحكومة أن كيلو لحم الغنم بات يلامس الستين ألف ليرة، وهل يعرف، على سبيل المثال، كم هو سعر كيلو البندورة غير المستوردة، وكم بلغ سعر مجمع الحليب، وكيلو العدس أو الفاصولياء؟
دولة الرئيس عندما تريد أن تقصد "السوبرماركت" في المرّة المقبلة لا تصطحب معك الإعلام الموالي، الذي لا يرى عادة بعيون المواطن العادي، وهو بالتالي لن يتركك ترى ما يجب أن تراه.
أما حكايتنا مع الجبنة والتونة فهي أننا اردنا في أحد الأيام (يوم أحد) "التفنطز" فقررنا طلب "دليفري" من أحد المطاعم المشهورة في المنطقة (ديك المحدي – بيت الشعار). وقد فوجئنا بأنه لم يعد يصنع "البيتزا" و"التونا ساب"... سعر كيلو الجبنة يا أستاذ ما عاد يتقوقش، وكمان سعر علبة التونة.
هذا مثل واحد من ألف مثل يحصل يوميًا، في كل شارع وفي كل حيّ وفي كل بيت.
فقصة السلحفاة والأرنب هي قصة التدابير الحكومية وغلاء الأسعار، من دون أن نتكّهن عمّن سيربح في نهاية الشوط.
قد يهمك ايضا:سعر صرف الدولار للتحاويل النقدية الإلكترونية اليوم الاثنين