بيروت - لبنان اليوم
تنتظر الاتحاد الأوروبي تحديات اقتصادية كبيرة الفترة القادمة، أهمها تطبيق خطط الإنعاش وتقليص معدلات البطالة ووضع أسس جديدة للعلاقة مع الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، وفي تقرير نشرته صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية، ترى الكاتبة ماري شاريل أن الاتحاد الأوروبي حقق بعض المكاسب نهاية 2020 رغم استمرار أزمة فيروس كورونا وتداعيات مفاوضات خروج بريطانيا.
ومن أهم تلك المكاسب -وفقا للكاتبة- اتفاق قادة الدول الأعضاء في 10 كانون الأول 2020 على خطة التحفيز التي تقدر تكلفتها بـ 750 مليار أورو، وطُرحت للنقاش منذ أيار من العام الجاري. وقد نجحت المفاوضات بشأن الخطة بعد التغلب على اعتراضات بودابست ووارسو.
بموجب هذه الاتفاقية، وافق الأعضاء على خفض صافي انبعاثات الغازات التي تؤدي إلى الاحتباس الحراري بدول الاتحاد بنسبة 55% بنهاية 2030. كما كشفت المفوضية الأوروبية في 15 كانون الأول 2020 عن مجموعة من التدابير التي تهدف إلى الحد من هيمنة الشركات الرقمية العملاقة.
1- تنفيذ خطط الإنعاش
أول التحديات هذا العام -كما تقول الكاتبة- تحقيق قفزة نوعية وانتعاش اقتصادي ملموس، وعدم الاكتفاء بإقرار الخطة الحالية، بل ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة للبدء في تنفيذها.
وتتمثل مهمة الاتحاد في دفع المشاريع الاستثمارية التي من شأنها أن تنعش اقتصادات المنطقة، مع الالتزام بالتحول نحو الصناعات الصديقة للبيئة، وقد يستغرق تنفيذ هذه السياسات وقتا طويلا، ويمكن أن يصبح في بعض الأحيان موضوع مساومات سياسية مفاجئة، أو يتم التخلي عنها، وهو ما يتطلب المزيد من الجهود لضمان تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وفقا للكاتبة.
ويتعين على الدول الأوروبية تمديد المساعدات الطارئة للحد من حالات الإفلاس، والعمل على تقليص معدلات البطالة التي شهدت ارتفاعا الفترة الماضية، وتجنب الفوضى الاجتماعية.
وترجح الكاتبة أن يتبلور الانتعاش بأشكال مختلفة، فدول الشمال -التي لم تتكبد خسائر جسيمة ماليا وصناعيا- ستتعافى أسرع من بلدان الجنوب المعرضة للإفلاس بسبب ركود القطاع السياحي، مما يحد من قدرتها المالية على المناورة، بالإضافة إلى ذلك، ستخضع الوحدة الأوروبية للاختبار عند استئناف المباحثات حول الميزانية. كما يخشى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية نفاد صبر النمسا والدانمارك وفنلندا وهولندا والسويد على الدول التي تطلب دعمًا طويل الأمد.
2- تقليص معدلات البطالة
أما التحدي الثاني الذي يواجه الاتحاد الأوروبي فيتمثل في تقليص معدلات البطالة التي مست فئة الشباب بالدرجة الأولى، وترى الكاتبة أن صعوبات الدخول إلى سوق العمل في خضم حالة الركود الحالية تنذر بعواقب طويلة المدى، إذ إن جزءا كبيرا من القوى العاملة سيبقى دون وظيفة لفترة طويلة، وسيضطر كثيرون إلى القبول بوظائف لا تلبي طموحاتهم ولا تضمن لهم الحد الأدنى من الاستقرار المالي.
وأظهرت دراسة حديثة لشركة "أليانز" (Allianz) أن متوسط دخل الشباب بدول الاتحاد لن يعود إلى مستوى ما قبل الأزمة حتى عام 2024. وسيترتب على ذلك تعميق فجوة تفاوت الدخل بين الأجيال وتدني مستويات النمو الاقتصادي خلال السنوات القادمة.
3- التغلب على الانقسامات
تضيف الكاتبة أن التحدي الثالث ذو طبيعة جيوسياسية واقتصادية في الآن ذاته، إذ ينبغي إعادة صياغة العلاقة مع الولايات المتحدة والعمل على إنعاش سياسة الأطراف المتعددة في منظومة العلاقات الدولية.
ويرى الاتحاد الأوروبي أن انتصار بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية يشكل فرصة لإعادة صياغة العلاقات على جانبي المحيط الأطلسي، عبر تعزيز التعاون التكنولوجي، والدفاع المشترك عن القيم الديمقراطية ضد العملاق الصيني، وفق تعبير الكاتبة، لكن لوك فان ميدلار المسؤول السابق بالاتحاد الأوروبي يحذر من خطورة الاصطفاف مع الولايات المتحدة لتشكيل حلف معاد للصين، ويرى أن هذا يعني وقوع الاتحاد في فخ كبير.
وترى الكاتبة أن القارة العجوز ستكون الخاسر الأكبر إذا عادت إلى الوراء في علاقتها مع الولايات المتحدة، بعد أن انفتحت اقتصاديا وتحررت من الهيمنة الأميركية، وحسب رأيها، فإن الوقوف في وجه الصين والولايات المتحدة يتطلب من الدول الـ27 الأعضاء التغلب على الانقسامات ورص الصفوف والحديث بصوت واحد.
ويلخّص جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، ما يواجهه الأعضاء من تحديات اقتصادية قائلا "إذا لم نعمل معا اليوم، فسنصبح بلا قيمة غدا".
قد يهمك أيضًا:
ترامب يدعو لعمل شيء ضد منظمة التجارة العالمية بعد حكمها لصالح الصين