الرباط ـ زياد المريني
رصدت هيئة رقابية مغربية عدد من الاختلالات المالية، على مستوى التدبير المالي لحزب العدالة والتنمية، ذراع تنظيم الإخوان بالبلاد. المجلس الأعلى للحسابات، هو مؤسسة رقابية دستورية مُستقلة عن الحُكومة، وجه عدة انتقادات إلى جوانب مختلفة من التدبير المالي لحزب العدالة والتنمية المغربي، كاشفاً عن وجود عدد من الاختلالات.
جاء ذلك في أعقاب عملية فحص وتدقيق قام بها قضاة المجلس للحسابات السنوية لجميع الأحزاب المغربية، في إطار الدعم الحكومي السنوي الممنوح للأحزاب للمساهمة في تغطية نفقاتها وبينها نفقات تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية خلال العام المالي 2020.
وتستند هذه الخطوة لأحكام الفصل 147 من الدستور المغربي، وتطبيقا لمقتضيات المادة 44 من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية، وكذلك المادة الثالثة من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
وكشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن الحزب الإخواني منح دعماً يقدر بـ 200 ألف درهم مغربي، أي أكثر من عشرين ألف دولار، إلا أنه لم يُضمن شيئاً من تفاصيل هذا الدعم والجهة التي ذهب لها، في الجدول المخصص لمثل هذه المصاريف.
واكتفى الحزب بتضمين عبارة "لاشيء" في الوثائق المحاسباتية التي قدمها إلى المجلس، دون الحديث عن تفاصيل صرف هذا الدعم.
وفي تبريره لهذا الخلل المحاسباتي، أوضح حزب العدالة والتنمية في رده على المجلس أن مبلغ الدعم المذكور، وإن كان كانت قيمته مرتفعة" قد "سقط سهوا من الجدول الخاص بالدعم الممنوح من طرف الحزب للمترشحين”.
ملاحظة أخرى سجلها المجلس على التدبير المالي للدعم العمومي الذي يحصل عليه الحزب، على غرار باقي الأحزاب المغربية، وتتمثل في عدم تبريره سبل صرف بعد الأموال، علما بأن الحزب يحصل على دعم حكومي يقدر بـ١.٦ مليون دولار سنويا.
ووقف قضاة المجلس على وجود مجموعة من الفواتير غير مستوفية للشروط القانونية، والتي قدمها حزب العدالة والتنمية لصرف مجموعة من المبالغ المالية.
وأورد المجلس في تقريره أن الحزب حاول تبرير نفقات بقيمة 50,311.16 درهم مغربي (1 دولار أميركي = 9.26 درهماً مغربياً)، بفواتير غير مستوفية للشروط القانونية الجاري بها العمل في هذا الصدد.
وكشف التقرير أن هذه الفواتير لا تتضمن رقم القيد في السجل التجاري ورقم القيد في الرسم المنهي المنصوص عليهما في القوانين والأنظمة ذات الصلة، ولاسيما القانون رقم 95.15 المتعلق بمدونة التجارة (المادة 49)، ومدونة الضرائب والمرسوم رقم 503.12.2 المعني بتطبيق بعض أحكام القانون رقم 08.31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك(المادة 25) .
وعلل الحزب ما قام به، بكون المبالغ المشار إليها في تلك الفواتير،"عبارة على مبالغ صغيرة"، إلا أن المجلس شدد على أنه لا يمكن اعتبار هذه النفقات ضمن النفقات الصغرى.
وفي أعقاب ذلك، دعا المجلس الأعلى للحسابات، حزب العدالة والتنمية إلى المزيد من التقيد بالمبادئ والقواعد الجاري بها العمل في مجال المحاسبة.
ونبه إلى ضرورة التقيد بمبدأ تخصص الدورات المحاسبية وقاعدة عدم المساس بالموازنة المنصوص عليهما ضمن الدليل العام للمعايير المحاسبية.
وشدد عليه بأن يحرص على تقديم كل الوثائق المكونة للحسابات السنوية معبأة على النحو الواجب”.
كما ألزم المجلس، الحزب، أيضا، بـ”الالتزام بتقديم وثائق الإثبات المطلوبة لدعم صرف النفقات المنجزة في شكل فاتورات أو اتفاقيات أو بيانات أتعاب أو أي مستندات الإثبات المستوفية لجميع الشروط القانونية والتنظيمية ذات الصلة.
وكشف تقرير هيئة الرقابة في المغرب، أن 20 حزبا سياسيا أرجع بين عامي 2020 و2021، جزء من الدعم الممنوح لها من خزينة الدولة، والذي لم يتم تبريره، ويتعلق الأمر بتقديم الحسابات السنوية، وصحة النفقات المصرح بصرفها، ومدى التزام تلك الأحزاب بإرجاع مبالغ الدعم غير المبررة إلى خزينة الدولة.
وكشف المجلس الأعلى للحسابات، وهو هيئة رقابية سيادية، في التقرير الذي يتناول صحة نفقات الأحزاب في إطار الدعم السنوي الممنوح لها، والصادر الجمعة، تدقيق حسابات الأحزاب برسم سنة 2020، وفحص صحة نفقاتها في إطار الدعم السنوي الممنوح لها للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، ومصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية برسم السنة المالية 2020.
وأسفرت عملية تدقيق هذه الحسابات عن تسجيل ملاحظات، همت بالخصوص تقديم الحسابات السنوية، فقد أودع ثلاثون حزبا حساباته السنوية لدى المجلس من أصل 34 حزبا، من بينها 25 حسابا يقول المجلس إنه مشهود لها بصحة الحسابات دون تحفظ، وحسابات مشهود بصحتها بتحفظ، فيما سجل حساب واحد يتضمن تقرير خبير محاسب غير مطابق للمعايير المعتمدة، فيما تم الإدلاء بحسابين لا يتضمنان تقرير الخبير المحاسب.
وأعلن المجلس الأعلى للحسابات استفادة حزب الحركة الشعبية (يميني عريق مقرب من الدولة) من موارد مالية غير مصنفة من ضمن موارد الأحزاب المحددة في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، مطالبا إياه بضرورة الالتزام بالقانون الذي يحصر سبل الحصول على موارد مالية للأحزاب السياسية في المغرب.
وكشف أن 79 بالمئة من موارد الحزب تأتي من مساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير، و13 بالمئة من عائدات غير جارية، وواجبات الانخراط التي تمثل 6 بالمئة من نسبة العائدات.
وسجل المجلس أنه تم إيداع حسابات الحسابات السنوية لـ30 حزبا من بين 34 حزبا، من بينها 25 حسابا مشهودا بصحبته بدون تحفظ، وحسابان مشهود بصحبتهما بتحفظ، وحساب واحد يتضمن تقرير خبير محاسب غير مطابق للمعايير المعتمدة، فيما تم الإدلاء بحسابين لا يتضمنان تقرير الخبير المحاسب.
كما طالب التقرير المجلس الأعلى للحسابات، الوضعية المالية حزب الاشتراكي الموحد، بضرورة تقديم وثائق الإثبات المطلوبة لدعم صرف النفقات المنجزة، بعد رصده عدم تقديم أمينته العامة نبيلة منيب لتبريرات كافية حول صرف مالي.
وانكب التقرير على النظر في صحة النفقات المصرح بصرفها من قبل الأحزاب، وفي هذا الاطار سجل المجلس ملاحظات تهم تنفيذ نفقات بمبلغ إجمالي قدره 1.33 مليون درهم، أي بنسبة مجموع النفقات المصرح بصرفها، مقابل 2.34 مليون درهم سنة 2019، و3.17 ملايين درهم سنة 2018، وهو ما يعكس المجهود المستثمر الذي تبذله الأحزاب السياسية بخصوص إثبات صرف نفقاتها.
الملاحظات التي أوردها تقرير الهيئة الرقابية، تهم نفقات تتجاوز 929 ألف درهم لم يتم بشأنها تقديم وثائق الإثبات، ونفقات تتجاوز 54 ألف درهم تم بشأنها تقديم وثائق إثبات غير كافية، ونفقات فاقت 344 ألف درهم تم بشأنها تقديم وثائق في غير اسم الحزب.
كما سجل المجلس، في ما يتعلق بمسك المحاسبة، عدة ملاحظات ذات صلة بالتقيد بمبادئ وقواعد المحاسبة، إذ قامت 8 أحزاب من أصل 30 بمسك محاسبتها وفق مقتضيات “الدليل العام للمعايير المحاسبية”، دون مراعاة الملاءمات المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، كما قامت 9 أحزاب من أصل 30 حزبا بمسك محاسبتها دون احترام بعض المبادئ والقواعد المحاسبية المنصوص عليها في المخطط المحاسبي سالف الذكر، لا سيما مبدأ الوضوح وقاعدتي الشمولية وعدم المساس بالموازنة.
وبخصوص إرجاع مبالغ الدعم غير المبررة إلى خزينة الدولة، قام 20 حزبا خلال عامي 2020 و2021، بإرجاع جزء من الدعم الممنوح لها من خزينة الدولة، والذي لم يتم تبريره بما مجموعه على التوالي 7.09 ملايين درهم و7.34 ملايين درهم.
وكشف التقرير أنه لم يتم إرجاع مبلغ دعم عمومي غير مبرر بما قدره 7.76 ملايين درهم، يتوزع ما بين الدعم غير المستحق، والدعم غير المستعمل، أو المستعمل لغير الغايات التي منح من أجلها، وكذا الدعم الذي لم يتم الإدلاء بشأن صرفه بوثائق الإثبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة المعمول بها.
قد يهمك ايضا:
ممثلو المغرب يناقشون إنجاح اتفاقية "كوب 22" في اجتماعات "الفرنكوفونية"