الخرطوم - محمد إبراهيم
ظلت ديون السودان الخارجية المتراكمة منذ عقود طويلة، تشكل عائقًا كبيرًا أمام نهوض الاقتصاد السوداني ونمائه. وظل البحث عن حلول لإنهاء أزمة الديون قائماً دون جدوى. وبعد انفصال دولة الجنوب بدأت التحركات بصورة أكبر لإعفاء أو تقسيم الديون بين الدولتين، وبرزت عدة خيارات لذلك من ضمنها ما عرف بالخيار الصفري وهو "إعفاء كل طرف للآخر من دينه عليه" أو تحديد حجم توزيع الدين بين الدولتين على حسب المشاريع أو الصرف الذي تم من الديون على أن تدفع كل دولة دينها لوحدها.
ولكن الخيارات تبدو صعبة بسبب أن ليس هنالك قانون يحدِّد هذا الأمر أو يفرضه على طرف من الأطراف لتبقى مشكلة ديون السودان متوقفة على حسب العلاقات بين الدولتين، ويأخذ الحل بذلك طابعاً سياسياً أكثر من أنه اقتصادي، وغالباً ما يتضرر من ذلك الأمر السودان بسبب الحصار والتضييق أكثر من دولة الجنوب، وفوق ذلك كله تبقى مشكلة الديون الخارجية عائقاً كبيراً لدولتي السودان والجنوب.
حجم الديون الخارجية
تواصل ديون السودان الخارجية قفزها بصورة مستمرة إذ ارتفع الدين إلى 43 مليار دولار في العام 2013 والآن تقدر ديون السودان بحوالي 45 مليار دولار وهذا بسبب ارتفاع أرباح الدين سنوياً، إذ يبلغ أصل الدين حوالي 17 مليار دولار بنسبة 40%من إجمالي حجم الدين أي أن نسبة الفوائد الإجمالية والتعاقدية والتأخيرية حوالي 26 مليار دولار، وستزداد قيمة الدين سنوياً بهذا المنوال إن لم تحل مسألة الدين بصورة نهائية، وتبلغ قيمة الديون التابعة للدول غير الأعضاء في نادي باريس حوالي 16 مليار دولار بنسبة 73% من إجمالي الدين، بينما تبلغ قيمة ديون الدول غير الأعضاء في "نادي باريس" حوالي 14 مليار دولار مليار بنسبة 32% من إجمالي الدين، وتبلغ قيمة الديون للبنوك التجارية العالمية نسبة تصل إلى 13 % حوالي 5 مليارات دولار وتبلغ كذلك نسبة ديون المؤسسات الإقليمية والدولية 13% حوالي 5 مليارات دولار أيضاً، وتبقى هنالك نسبة 5% لصالح تسهيلات الموردين الأجانب بمبلغ 2 مليار تقريباً.
ديون الصين
وتبلغ ديون دولة الصين على السودان حوالي 8 مليارات دولار. وقد عجز السودان عن سدادها بعد جدولتها عدة مرات بسبب سوء أوضاع البلاد الاقتصادية، وكانت الصين وبحكم مصالحها مع السودان تغضُّ الطرف عن المطالبة ولكن بعد أن قل إنتاج السودان من البترول ووجدت الصين منافذ أخرى تتيح لها الدخول الى أفريقيا غير السودان أصبحت الصين على مايبدو أكثر حرصاً من ذي قبل على تسديد ديونها التي بطرف السودان، وفي ذلك قال وزير الدولة بوزارة المالية عبد الرحمن ضرار في تصريحات عقب عودته من بكين بعد زيارته الأخيرة لها لذات الأمر إن الحكومة السودانية اتفقت مع نظيرتها الصينية على جدولة ديونها، على أن يتم السداد بآجال وأقساط مريحة لكنه رفض الكشف عن حجمها وفترة السداد المتفق عليها، وعزا الوزير تأخر السودان في سداد ديونه إلى انفصال دولة الجنوب، مؤكداً الالتزام بدفع الديون. وأشار إلى الاتفاق بين الدولتين على تسهيل انسياب التمويل والتحويلات الواردة من الصين لجملة من المشروعات التنموية بالسودان عبر توجيه المصارف لتسهيل الإجراءات،
ديون غير مؤكدة
وقال الأستاذ المشارك في جامعة المغتربين الدكتور محمد الناير لـ "العرب اليوم" إن الديون الصينية على السودان غير مؤكدة القيمة حتى الآن ولا يعرف أحد قيمتها الحقيقية، مشيراً إلى أن ديون الصين واجبة السداد بسبب أنها تختلف عن الديون الأخرى التي تضاعفت بالفوائد والخدمات من 17 مليارا إلى ما يقارب الـ45 مليار دولار. وأضاف الناير أن السودان اتجه شرقًا بعد الحصار الأميركي إلى الصين التي نفذت مشاريع تنموية كبيرة، مضيفاً أن هنالك اتفاقاً على السداد عبر جدولة متفق عليها، لافتاً إلى أن انفصال الجنوب تسبب في عجز السداد، وأشار محمد الناير إلى أن الاتفاق الأخير بين السودان والصين والذي تم بموجبه الاتفاق على جدولة الديون لمدة خمسة أعوام يعتبر جيدًا جدًا، إلا أن الناير طالب بالتزام السودان بالسداد في الفترة المتفق عليها حتى يستطيع أن يحصل على قروض تنموية إضافية، وأضاف الناير أنه قبل انفصال الجنوب كانت القروض تأتي إلى السودان بضمان النفط، وأن وزارة المعادن الآن انتهجت طريقًا جديداً بجعل الاحتياطات المؤكدة من الذهب والمعادن ضماناً بديلاً للنفط.