بيروت - لبنان اليوم
تم إطلاق تقرير بعنوان «سبل بناء لبنان أفضل»، أعدته مجموعة من الخبراء، خلال مؤتمر افتراضي نظمته مجموعة «الاقتصاد والأعمال» بالتعاون مع «المجلس الأطلنطي» و»مركز ويلسون» و»المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية». ويناقش التقرير الذي شارك في إعداده الاقتصادي راند غياض، وكل من ماريسا خرما وجايمس جيفري من «مركز ويلسون» وهانغ تران من «المجلس الاطلنطي»، الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي يعاني منها لبنان بشكل حاد منذ قرابة العامين والخيارات المتاحة لوقف الانهيار الحاصل والدخول في الاصلاحات المطلوبة لوضع البلد على مسار التعافي والنهوض.
ويظهر التقرير أن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة وصفها البنك الدولي بأنها من بين أسوأ ثلاث أزمات مرّت منذ العام 1850، عازياً السبب إلى الانهيار الكبير للاقتصاد وغياب الحلول الناجعة لمشاكل هيكيلية متراكمة ولاستشراء الفساد الذي أدّى إلى إهمال تام لأولويات المواطن والتنمية الاقتصادية. ويبيّن التقرير أن انهيار ثقة الشعب في الدولة والحكومة ظهر بشكل لافت في ثورة 17 تشرين الأول في العام 2019.
انكماش وانهيار غير مسبوقين
ويضيف التقرير أن تفشي جائحة كورونا وما ترافق معها من إغلاق تام للبلاد لفترة طويلة أدّى إلى ركود اقتصادي غير مسبوق، وجاء انفجار المرفأ في 4 آب 2020 والخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي نتجت منه ليسلّط الضوء بشكل أكبر على عجز الحكومة والمنظومة السياسية الحاكمة عن حماية المواطنين وصيانة مصالحهم وعن إعادة بناء هذا الشريان الأساسي للاقتصاد.
ويكشف التقرير أن جملة عوامل على رأسها الجمود السياسي وزيادة الاختلال في ميزان المدفوعات فضلاً عن الأزمة المالية والنقدية أدّت الى انكماش غير مسبوق في الاقتصاد وانهيار متسارع في مستوى المعيشة وإلى حرمان عدد كبير من اللبنانيين من الحياة الكريمة وفرص العمل، لافتاً النظر إلى أن الإصلاحات ستستغرق عقوداً، لا سيما أن أكثر من 55 في المئة من السكان باتوا عند خط الفقر، وأن معدل البطالة بلغ مستويات قياسية متخطياً عتبة الـ40 في المئة، فضلاً عن أن مشاركة المرأة في سوق العمل انخفضت إلى ما دون 23 في المئة . ووفق التقرير، هذا الواقع يؤدي إلى هجرة الكثير من الكفاءات وأصحاب الخبرات من البلاد ويسبّب أضراراً جسيمة تنعكس على إنتاجية البلاد. ولبنان يواجه تحديات ديموغرافية باعتباره يستضيف أكبر عدد من اللاجئين نسبةً إلى سكانه.
برنامج إصلاحي شفاف
ويحدد مؤلّفو التقرير الطريقة المثلى لخروج لبنان من الأزمة، معتبرين أنه في ظل عدم اليقين وغياب الاستقرار ينبغي أن يكون أي برنامج إصلاحي للبنان واضحاً وشفافاً على أن تديره حكومة إصلاحية ذات مصداقية. ويسلّط المؤلفون الضوء على الخطوات اللازمة والفورية التي ينبغي اتخاذها لوقف النزيف المالي للنظام المصرفي اللبناني قبل الشروع في رحلة تدريجية نحو إعادة الهيكلة والإصلاح. ويركّزون على ضرورة أن يتحوّل لبنان إلى اقتصاد يرتكز أكثر على القطاعات الانتاجية بدلاً من الاعتماد الكبير على الاقتصاد الخدماتي عبر تمكين أصحاب الأعمال وتحفيزهم على زيادة استثماراتهم في الاقتصاد وتعزيز دور رواد الأعمال وتوفير بيئة داعمة لهم.
ويخلص التقرير إلى اقتراح الخطوات التالية لإنقاذ لبنان ووضعه على مسار الانتعاش:
تتمثل الخطوة الأولى بإعادة الثقة في لبنان عبر إعادة هيكلة القطاع المالي وحماية الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً في المجتمع. ويشمل ذلك الاتفاق على خطة إنقاذ مالي، وإنشاء صندوق استثماري لتمويل إعادة تأهيل الاقتصاد، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج إصلاحي وإشراكه في عملية إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي.
تتمثل الخطوة الثانية في حماية الدخل وتأمين استمرارية الخدمات العامة، ويتضمن ذلك طلب توفير موارد مالية جديدة من صندوق النقد الدولي، مع التركيز على ترشيد حجم القطاع العام وتعزيز الضرائب التصاعدية وإصلاح قطاع الكهرباء وإعادة هيكلة المؤسسات المملوكة للدولة.
وتتمثل الخطوة الثالثة بدعم القطاع الخاص بهدف بناء اقتصاد منتج، وذلك عبر إنشاء حاضنات وصناديق استثمار لدعم منظومة ريادة الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل ودعم رائدات الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وإعادة تقييم مناهج التعليم والتدريب التقني والمهني وتطوير وحدات تدريبية بالتعاون مع المدارس المهنية والفنية. ويتضمن ذلك أيضاً العمل مع المنظمات غير الحكومية للاستثمار في أصحاب المهارات بين الشباب اللبناني ومعالجة الثغر الحاصلة بين مناهج التعليم ومتطلبات سوق العمل، فضلاً عن إنشاء مناطق اقتصادية خاصة.
خارطة طريق النجاح
ويخلص التقرير إلى أنه بهدف إنجاح خارطة طريق الإصلاح ينبغي اتخاذ خطوات عديدة منها إشراك الشركات اللبنانية الصغيرة والمتوسطة في أي حوار أو نقاش هدفه تعافي وازدهار البلاد، وإشراك المتخصصين والمعنين في النقاشات حول إصلاح قطاعي الكهرباء والمحروقات، وتعيين أصحاب الكفاءات والخبرات في المراكز الإدارية بدلاً من التعيين القائم على أساس المحسوبيات، والعمل على زيادة الوعي بأهمية الإصلاحات وضرورتها لوقف الانهيار والدخول في مرحلة التعافي.
قد يهمك ايضا :