غزة ـ محمد حبيب
شهدت المخابز في قطاع غزة توقفًا جزئيًا، في الفترة الأخيرة، جرّاء تواصل أزمة الوقود واشتداد أزمة الكهرباء، التي لم تعد تنير غزة سوى 6 ساعات فقط يوميًا، مما أثّر على على توافُر رغيف الخبز.
وتعمل مخابز غزة على الطاقة الكهربيّة، وعندما تنقطع الكهرباء يستخدم أصحابها مولّدات الوقود البديلة التي
تعمل على "السولار"، لكن تزامن الأزمة في مصدري الطاقة السابقين هدد عمل المخابز في القطاع، واضطر كثير منها إلى تسريح عمّالها وتقليص عدد ساعات العمل, فيما بدأ الناس منذ أسبوعين يصطفّون في طوابير أمام المخابز للحصول على حصتهم اليومية من الخبز.
وأكد رئيس نقابة أصحاب المخابز في غزة عبدالناصر العجرمي، أن "المخابز في القطاع مهددة بالتوقف جزئيًا عن العمل، في ظل الانقطاع الكبير في التيار الكهربائيّ، وأن قرابة 60 مخبزًا في القطاع تأثّرت سلبًا نتيجة زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائيّ، وارتفاع أسعار الوقود الخاص بالمولّدات".
وأشار العجرمي، إلى أن "استخدام البدائل يُسبب الخسائر لأصحاب المخابز، حيث ترتفع التكلفة لربطة الخبز التي تباع بسبعة شواقل، داعيًا المسؤولين في غزة إلى العمل على توفير الوقود لأصحاب المخابز، مضيفًا "منحتنا الحكومة اليوم 40 ألف لتر سولار لتغطية عمل أسبوع، لكنها لا تكفي، لأن أزمة الكهرباء اشتدّت، وأصبحنا نستهلك كمية مضاعفة من السولار، وبالتالي نضطر إلى شراء سولار إسرائيلي ثمنه مرتفع".
ووصف أسامة البنا، صاحب "مخبز البنا"، أحوال العمل في ظل أزمة الكهرباء والوقود، بأنها "صعبة للغاية"، مؤكدًا أن "غياب الكهرباء يتعدى أحيانا 16 ساعة عن مخبزه، مما يضطره إلى تشغيل مولده البديل، لكن نقص السولار يقف عائقًا جديدًا أمامه، وأنه يحتاج 100 لتر سولار كل نوبة قطع كهرباء، مما يكلفه يوميًا قرابة 1200 شيكل، وهو وضع صعب لم يعشه طوال حياته، بينما انعكست المشكلة على ثمن الدقيق الذي ارتفع والمبيعات التي انخفضت كثيرًا".
وعلّق شريكه أحمد البنا على المشكلة قائلاً، "ثمن لتر سولار الإسرائيلي يبلغ تقريبًا 2 دولار، وسعر ربطة الخبز أصبحت تكلفنا 7 شيكل، أي قرابة الدولارين، ونبيعها بـ7 شيكل، فكيف سنواصل العمل؟، ولذلك اضطررنا إلى خفض وزنها من 3 كيلو إلى 2.7 كيلو".
وأكد صبحي عوض، والذي يعمل منذ عشرين عامًا في توزيع الخبز على المحلات والمطاعم، أن نقص السولار هدد عملية التوزيع، حيث يحتاج كل يوم لأكثر من 15 لتر سولار لتغطية منطقة فرعية بالخبز، بمعدل 3 مرات يوميًا حتى لا يفقد زبائنه.
واشار علاء عوض، أحد عمال المخابز، إلى أنه بات يخشى من شبح البطالة، بعد أن أخبره صاحب المخبز باحتمال فقده لعمله، بسبب الأزمة وارتفاع التكلفة، موضحًا "نعمل 10 ساعات يوميًا لتوفير قوتنا, واليوم غلاء الدقيق وأزمة السولار تهدد مصدر رزقنا، لأن صاحب المخبز خيّرنا بين تقليص عددنا أو خفض الأجرة" .
وتعيش مخابز "القرشلة والبيتيفور وخبز الصاج"، الأزمة ذاتها، حيث بدا مخبز "أبو فادي جودة" خاليًا من الزبائن، بعد أن نفد مخزونه من الغاز، وعجز عن شراء السولار في نوبة طويلة من انقطاع التيار الكهربائيّ.
واكد صاحب المخبز، أن "خبز الصاج" هو الصنف الوحيد الذي يخبزه من 18 عامًا، لكنه في الأيام الأخيرة أصبح شبه عاطل عن العمل، وينتظر وصول الوقود أو أنبوبة غاز طال غيابها، والفرن والمولد يستهلكان السولار بشكل كبير، ونوبة العمل في مخبزنا 12 ساعة, وهذا أثّر على كمية المبيعات والزبائن، حتى اضطررت إلى تقليص كثير من الأصناف وخفض كمية الإنتاج، فلم نعش ظرفًا كهذا من قبل".
ورغم أن أزمة الكهرباء والوقود طالت مناحي الحياة كافة في غزة، إلا أن أزمة رغيف الخبز تحمل طابعًا خاصًا عنوانه الجوع أو الركوع أمام صخرة الحصار المتواصل.