بيروت - لبنان اليوم
كُلّفت التحقيقات المفتوحة في فرنسا حول الثروة الكبيرة التي يملكها في أوروبا حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، إلى قضاة تحقيق في نيابة مكافحة الفساد في باريس في مطلع يوليو، وفق ما علمت وكالة فرانس برس من مصدر مطلع على الملف وأكدته النيابة الوطنية المالية الجمعة.
وكانت النيابة الوطنية المالية تجري تحقيقاً أولياً منذ نهاية أيار بعد شكويين تقدمت بهما جمعيات ضد سلامة وأوساطه، وهو مستهدف أيضاً بتحقيقات في سويسرا وشكوى في المملكة المتحدة.
يتمتع قضاة التحقيق في القسم المالي من محكمة باريس الذين تمّ تعيينهم في هذا الملف، بصلاحيات تحقيق أوسع خصوصاً في مجال التعاون الدولي واحتمال مصادرة ممتلكات تعود لمشتبه بهم.
وقال وكيل الدفاع عن سلامة المحامي بيار-أوليفييه سور لفرانس برس، “نتمنى فتح تحقيق قضائي يسمح لنا بالوصول إلى الملف”. وأضاف “نحن أول من تقدم بشكوى بسبب بلاغات كاذبة ومحاولة الخداع في الحكم ضد المكتب الفرنسي الذي نشر التقرير الأول للتحقيقات”.
في المقابل، أشار محاميا مقدمَّي الشكوى وليام بوردون وأميلي لوفيفر إلى أنه “سيتمّ الكشف عن آلية نُظمية كاملة لإخفاء وتبييض مبالغ ضخمة”.
والمدعيان هما منظمة “شيربا” التي تنشط في مكافحة الجرائم المالية الكبرى و”جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان” التي أنشأها مودعون خسروا أموالهم في الأزمة التي تشهدها البلاد منذ 2019.
وستحظى المنظمتان الشاكيتان أيضاً بحق الوصول إلى التحقيقات وسيكون بإمكانهما طلب إجراءات تحقيق من القضاة.
وبدأت هذه الآلية القضائية عندما قُدّمت شكاوى في أبريل في باريس من جانب مؤسسة “أكاونتابيليتي ناو” (محاسبة الآن) السويسرية من جهة، ومنظمة “شيربا” و”جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان” من جهة أخرى.
يُفترض أن تسمح هذه التحقيقات الفرنسية المقامة بالتوازي مع تحقيقات أخرى في سويسرا فُتحت قبل أشهر، بتوضيح مصدر الثورة العقارية الضخمة التي يملكها سلامة الذي أصبح شخصية مكروهة في الشارع اللبناني في وقت يغرق البلد في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه.
وتستهدف شكاوى المنظمات أيضاً عدداً من أقرباء سلامة، هم شقيقه وابنه وابن شقيقه بالإضافة إلى مساعدته. وتطالب بالنظر في مسؤوليات الوسطاء والمصارف المشاركة في عملية وضع الترتيبات المالية الدولية المعقدة لهذه الثروة.
وصل سلامة إلى حاكمية مصرف لبنان في 1993، بعدما عمل على مدى عشرين عاماً مصرفيا استثماريا لدى شركة “ميريل لينش” في بيروت وباريس. واعتُبر سلامة الذي يحتفل بعيد ميلاده الـ71 السبت، لفترة طويلة شخصية مؤثرة تحظى بتقدير كبير على الساحة السياسية اللبنانية وفي عالم الاقتصاد.
لكن في وقت يواجه لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة تعد من الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب البنك الدولي، بات سلامة حاليا في طليعة الشخصيات المرفوضة من الشارع اللبناني.
ويشتبه الرأي العام اللبناني بأن سلامة على غرار مسؤولين كبار آخرين في البلاد، نقل بشكل سرّيّ مبالغ مالية طائلة إلى الخارج بالتزامن مع الحراك الشعبي في تشرين الأول 2019، رغم القيود الصارمة التي كانت تفرضها المصارف.
دافع عن نفسه عبر وسائل الإعلام معتبراً أنه “كبش فداء” الأزمة الاقتصادية.
ويشدد سلامة على أن أمواله كلها مصرح بها وقانونية وأنه جمع ثروته مما ورثه وعبر مسيرته المهنية في القطاع المالي.
بحسب صحيفة “لوموند”، يوضح حاكم مصرف لبنان أن “أصوله الشخصية كانت تبلغ 23 مليون دولار” حين تسلّم منصبه عام 1993، وأن “زيادة ثروته مذاك ناجمة عن استثمارات لا تتعارض مع الالتزامات المرتبطة بمهامه”، وهو ما ينفيه خبراء قانون لبنانيون.
قد يهمك أيضا
جمعية مصارف لبنان تعلن أن انهيار الليرة ليس مسؤوليتنا وتكشف الأسباب
بيانٌ من جمعية المصارف بشأن "سقوف السحوبات النقدية"