القدس المحتلة - لبنان اليوم
تهدد الأزمة المالية المتفاقمة في «وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) عملها في المناطق الخمس التي يوجد فيها أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، (الضفة الغربية، قطاع غزة، الأردن، سوريا، لبنان) على الرغم من تعهدات الدول الأعضاء في مؤتمر المانحين، الجمعة، بتقديم دعم يصل إلى نحو 812 مليون دولار. وقال المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني بعد مؤتمر المانحين الذي عُقد في نيويورك بمشاركة الكثير من الشخصيات الدولية والأممية، بمن فيهم الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العمومية، إنه «في الوقت الذي نشعر فيه بالامتنان للتعهدات المعلنة، فهي أقل من الأموال التي تحتاج إليها الوكالة للإبقاء على أكثر من 700 مدرسة و140 عيادة تابعة لـ(الأونروا) مفتوحة بداية من سبتمبر (أيلول) فصاعداً». وكانت الدول الأعضاء لدعم «الأونروا»، قد تعهدت مجتمعة بتوفير مبلغ 812.3 مليون دولار، منها 107.2 مليون دولار مساهمات جديدة، ستوزع على النحو التالي: ميزانية البرنامج 53 مليون دولار، ونداء الطوارئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة 32.2 مليون دولار، ونداء الطوارئ لأزمة سوريا 12.9 مليون دولار، والنداء العاجل لزلزال سوريا 2.1 مليون دولار، ومشاريع 7 ملايين دولار. ولا تساعد هذه الأرقام «الأونروا» التي تواجه ضغطاً متزايداً في مناطق اللاجئين قد يسبب لها انهياراً وشيكاً. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن «الأونروا» «على وشك الانهيار المالي»، داعياً الدول المانحة إلى تحمل مسؤولياتها ودعم «الأونروا» للإيفاء بالتزاماتها تجاه لاجئي فلسطين.
وقال غوتيريش خلال اجتماع في مقر الأمم المتحدة: «ندرك جميعاً الدور الأساسي الذي تلعبه (الأونروا) كشبكة أمان للفئات الأكثر ضعفاً، وركيزة للاستقرار الإقليمي، ومحفزة للتنمية، وأداة مهمة لمنع الصراع، وشريان حياة ممتلئ بالأمل والفرص للملايين، ويجب ألا نترك «الأونروا» عالقة في مأزق مالي، والاحتياجات المتزايدة يقابلها ركود في التمويل». وأكد غوتيريش أنه «عندما يكون مستقبل (الأونروا) في الميزان، فإن حياة الملايين من لاجئي فلسطين الذين يعتمدون على خدماتها الأساسية، ستكون كذلك». وتوفّر «الأونروا» خدمات التعليم لأكثر من نصف مليون طالب وطالبة، والرعاية الصحية لنحو مليوني شخص، وفرص عمل للشباب، وشبكة أمان اجتماعي لما يقرب من نصف مليون من الفلسطينيين الأكثر فقراً. قبل المؤتمر، كانت «الأونروا» تعاني من عجز مالي كبير وصل إلى 1.3 مليار دولار، وأصبح بعد المؤتمر نحو 820 مليون دولار. وقال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في «منظمة التحرير» أحمد أبو هولي، إن «الأونروا» تحتاج سنوياً إلى 1.6 مليار دولار لتلبية احتياجات اللاجئين المتزايدة، التعليمية، والصحية، والإغاثية، وتحسين سلم رواتب موظفيها. وأصبح العاملون في الوكالة جزءاً من مشكلة «الأونروا» بعد دخولهم في الضفة الغربية، إضراباً عن العمل منذ أكثر من 100 يوم احتجاجاً على عدم استجابة إدارة «الأونروا» لطلبهم تحسين سلم الرواتب، وهو إضراب أضر بالخدمات الحيوية لنحو 900 ألف لاجئ في أرجاء الضفة الغربية. ويقول اتحاد العاملين إن لديه قرابة 16 طلباً، إضافة إلى تحسين سلم الرواتب، لكن «الأونروا» ردت بأنها بدأت عامها هذا بمديونية كبيرة، وأن رواتب موظفيها هي فعلياً أعلى بنسبة 12 في المائة في المتوسط من رواتب السلطة الفلسطينية المقارنة لدى الوكالة، وأعلى من الزيادات في الرواتب المرتبطة بالتضخم في السلطة الفلسطينية. ويفترض أن يعقد اجتماع في السابع من يونيو (حزيران) في نيويورك لبحث قضية حل إضراب العاملين في «الأونروا»، وذلك بعد الانتهاء من مؤتمر التعهدات. لكن مع التهديدات الكبيرة بانهيار وشيك، فإن استجابة «الأونروا» لطلبات العاملين تبدو معقدة. ويخشى الفلسطينيون أن يكون كل ذلك مقدمة لتقليص خدمات «الأونروا» إلى حد كبير، وهي افتراضات تحدث عنها مسؤولون في المخيمات، وعاملون في الوكالة، ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي موقعها الإلكتروني، نشرت الوكالة مقطعاً مصوراً، قالت فيه إن خدماتها التي تقدمها منذ ما يقرب من 75 عاماً، «والمساعدات الإنسانية الهامة، والمساعدة في التنمية البشرية للاجئي فلسطين في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية، بما في ذلك شرق القدس، وغزة، والتي دأبت (الأونروا) على تقديمها، معرضة للخطر، ابتداءً من سبتمبر، ما لم تحصل على تمويل منتظم وطويل الأجل ومرن». وحذر لازاريني من الإخفاق في جمع الأموال اللازمة للوكالة، والآثار الإنسانية والسياسية الهائلة على المنطقة وخارجها. وقال في مؤتمر المانحين بولاية نيويورك: «لا أملك الأموال اللازمة لإبقاء مدارسنا ومراكزنا الصحية وغيرها من الخدمات قيد التشغيل بداية من سبتمبر». وتفاقمت أزمة «الأونروا» على الرغم من استعادتها الدعم المالي من الإدارة الأميركية، بسبب أن كبار المانحين وأكثرهم موثوقية لـ«الأونروا» أعلنوا مؤخراً أنهم سيخفضون مساهماتهم. ووقّعت «الأونروا» فعلاً تجديد الاتفاق الإطاري لعام 2023 - 2024 مع حكومة الولايات المتحدة، لكن ذلك جلب انتقادات فلسطينية كذلك ما يزيد الضغط على الوكالة. واستنكرت حركة «حماس» توقيع «الأونروا» الاتفاقية، مطالبة إدارة الوكالة بالتراجع الفوري عنها، وتقديم كل مساندة سياسية وقانونية ومعيشية للاجئين الفلسطينيين في كل مواقع وجودهم. وقالت الحركة في تصريح صحافي السبت: «إن الاتفاقية تعبّر عن رضوخ إدارة الوكالة مرّة أخرى للضغوط الأميركية بحجة الأزمة المالية»، مؤكدة أن «ذلك يخرج (الأونروا) عن التفويض الممنوح لها من الأمم المتحدة عند تأسيسها». ورأت «حماس» أن «الأزمة المالية مصطنعة بهدف تقويض وكالة الغوث، كشاهد حي ومستند قانوني للحفاظ على أهم حقوق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة والتعويض والنضال في سبيل ذلك». وطالبت إدارة الوكالة بالبحث عن حلول للأزمة المالية بعيداً عن أي اتفاقيات تتناقض مع التفويض الممنوح لها، خصوصاً مع الإدارة الأميركية المنحازة بشكل كامل وغير مشروط لصالح الاحتلال.
قد يهمك ايضاً