اقتصاد لبنان

شهد يوماً بعد يوم سقوط نظامنا السياسي، والإقتصادي، والإجتماعي والمالي والنقدي، وكل أركان الدولة التي بُنيت على أوهام وغيوم غير واقعية وغير مستقرة وغير ثابتة. ومن المؤكد أنّ لهذا الانهيار سلبيات كثيرة ومقلقة على مستقبل بلادنا، لكن في المقابل يمكن أن تكون له إيجابيات، اذا تطرّقنا إليها بطريقة واقعية ومنفتحة وجامعة، وبَنينا استراتيجيات لأسس التغيير.

 

يحمل الانهيار اليوم في طياته مخاطر عديدة، لكنه يحمل أيضاً فرصاً مختبئة تحت هذا الركام. إنّ التغيير الحقيقي يحتاج إلى أركان وتحضير واستراتيجية، ورؤية واقعية وتآزر وعمل دؤوب.

 

لقد شهدنا مطالبات محقة وديمقراطية لتغيير المقاعد النيابية والمسؤولين السياسيين الموجودين اليوم على رأس السلطات، والإستراتيجيات المالية والإقتصادية والنقدية. لكن هذه المطالبات لا يُمكن أن تُترجم إلّا من خلال مؤسسات الدولة القائمة.

 

نحن اللبنانيون، أحببنا أن تُعقد المؤتمرات الدولية من أجل لبنان وشعبه واقتصاده، لكن في الوقت عينه أيقنّا أين أوصلتنا هذه المؤتمرات الدولية، وبأيّ طريقة واكبت الحكم اللبناني وأوصلت الحكام اللبنانيين.

 

إنّ التغيير الحقيقي لا بد أن يكون ضمن مؤسسات الدولة الدستورية، بمعنى أنّ التغيير الحقيقي يبدأ بالانتخابات النيابية، وتعبير الشعب من خلال التصويت على ممثّليه الحقيقيين، وإن اعتقد البعض أنّ الإنتخابات النيابية لا تستطيع أن تُغيّر 128 نائباً بنسبة 100 %، لكن التغيير إن حصل بنسبة 10%، أو 15%، أو 20%، أو 25%، نكون قد وضعنا حجر الأساس للتغيير الديمقراطي، وأفسحنا الطريق أمام بناء الدولة الحقيقية والشفافة.

 

رسالتي اليوم إلى كل الطامحين للتغيير بأن يتّحدوا جميعاً وراء رؤية واضحة، واستراتيجية، وخطة عمل حقيقية، أكان من خلال انتخابات مُبكّرة، والتي نتمنّى أن تحصل قريباً، أو من خلال انتخابات نيابية في مواعيدها الدستورية، فإنّ الإنتخابات هي أدوات التغيير الديمقراطي الحقيقي، وينبغي أن يُحضّر لها بدءاً من اليوم.

 

إنّ الاولوية لإنجاح هذا الاستحقاق الدستوري هو أن يتّحد المجتمع المدني تحت رؤية موحدة واستراتيجية واضحة وعملية. فالانتخابات تتحضّر من خلال توحيد الأفكار الناجعة، وخطة عمل واقعية منذ الآن، والإستراتيجيات الواضحة، وليس في الدقيقة الأخيرة.

 

ما نشهده اليوم في موضوع الانتخابات الفرعية لملء شواغر المقاعد النيابية غير مشجّع وغير مطمئن. انها رسائل غير مباشرة لتحضير الرأي العام لعدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدّد، وتكملة استنزاف الشعب والاقتصاد.

 

إنّ عدم احترام الدستور هو جريمة لا تُغتفر، وتعني أخذ البلاد الى المجهول، واستعمال الشعب كرهينة في سجن مغلق

 

إنّ النيات الحقيقية مُبهمة وغير واضحة، ولسوء الحظ مرتبطة باستحقاقات ومفاوضات إقليمية ودولية. فالتغيير يبدأ من خلال أنفسنا، وطريقة تفكيرنا وأسلوبنا وتعبيرنا، وأن نخرج من العمل الفردي لنقوم بالعمل الجماعي، وبناء استراتيجيات واضحة، وتحالفات محلية، إقليمية ودولية بمساعدة الجالية اللبنانية في العالم للوصول إلى شاطىء الأمان.

 

أُنهي وأُشدّد على أنّ الحجر الأساس للتغيير يكون من ضمن مؤسسات الدولة القائمة، وفي المنصّات الدستورية، وضمن احترام الدستور اللبناني، وحرية التعبير لدى الشعب اللبناني.

وقد يهمك أيضا

"الاقتصاد" اللبنانية تداهم مستودعات تقوم بأعمال مخالفة

نقص العمالة يهدد إنعاش الاقتصاد الروسي