بيروت - لبنان اليوم
مع بلوغ الزيادة على أسعار السلع الاستهلاكية فى لبنان مستويات قياسية، قدّرتها ادارة الاحصاء المركزي بنحو 85 في المئة في عام، يتخوّف المستهلك اليوم من موجة ارتفاعات جديدة سترتبط حكماً بارتفاع سعر الدولار المستجد. وبما انّ لبنان أصبح من الدول الفقيرة، بات لزاماً على الشركات التجارية العالمية ان تغير استراتيجيتها تجاهه فهي تستعد للانتقال الى الخطة «ب» والتي تقضي بإدخال أصناف جديدة بنوعية مختلفة وأوزان تقارب الـone day pack.
مع الارتفاع القياسي الذي سجّله سعر الدولار مقابل الليرة الاسبوع الماضي بزيادة ما بين 700 و1000 ليرة خلال اسبوع، بات تَخوّف المستهلك من موجة ارتفاعات جديدة في أسعار السلع الاستهلاكية مَشروعاً، فهل نشهد هجمة على التسوّق هذا الأسبوع تحسّباً لارتفاع إضافي في أسعار السلع؟
يأمل رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي ألّا تؤدّي هذه الزيادة التي طرأت على سعر الدولار في السوق السوداء الى أي زيادة في أسعار السلع الاستهلاكية، لافتاً الى انّ الارتفاع الجديد للدولار في السوق السوداء لا يعني انه عندما كان على 8900 ليرة كان رخيصاً او مقبولاً والآن بعدما ارتفع الى 9500 ليرة أصبح غالي الثمن، لا بل في الحالتين شراء الدولار بات مكلفاً، لكنّ ارتفاعه 1000 ليرة في أسبوع يثير البلبلة.
ضاف لـ«الجمهورية»: صحيح انّ سعر الدولار مرتفع لكنّ ثبات سعره يريح السوق والمستهلك الذي يدَوزن ميزانيته الشهرية وفق هذا السعر، وكتجار نؤمّن الدولار للاستيراد من السوق في ظل تلاعب سعر الدولار نكون خسائرنا بالمبيعات مؤكّدة على غرار الأسبوع الماضي، حين بيعت السلع وفق تسعيرة 8800 في حين ارتفع الدولار حوالى 8% ووصل الى 9500 ليرة. ولم يعد في مقدور التجار رفع هامش الربح لأنّ الأسعار لم تعد تتحمّل أي زيادة نتيجة تراجع القدرة الشرائية للمواطن الى حدودها الدنيا. على سبيل المثال، لا يمكن اليوم بيع علبة التونة بـ 12 ألف ليرة. لذا، بات لزاماً على التجار تخفيض هوامش ربحهم او حتى بيع المنتجات بخسارة ليتمكنوا من الاستمرار.
أضاف: التجار هم اليوم ضحية ارتفاع سعر الدولار في سوقٍ ليسوا لاعبين فيها. إنطلاقاً من ذلك، نتمنّى ألا ترتفع الأسعار، لكن في حال استقر الدولار على هذا الارتفاع او أكثر فحتماً ستزيد الأسعار لكن ضمن هامش 5%.
وقال: منذ حوالى العام ونصف العام كنّا نمر في مرحلة ارتفاع يليها ثبات ثم ارتفاع فثبات، وواجهنا على هذا المنوال نحو 5 موجات من الارتفاعات ونخشى اليوم اننا امام موجة جديدة من غلاء الأسعار. تابع: الوضع اليوم ليس على ما يرام، فمنذ حوالى 4 أسابيع عندما اعلن عن إقفال السوبرماركت شهدنا هجمة عليها من المستهلكين للتموّن وليس تخوفاً من ارتفاع الأسعار، إنما اليوم اذا زادت الحركة في السوبرماركت فسيكون ذلك تحسّباً لارتفاع في أسعار السلع تزامناً مع ارتفاع الدولار.
وعن احتمال نقص البضاعة في السوق، يقول بحصلي: النقص يحصل لكن هناك فارق بسيط بين توفّر البضاعة وإمكانية المواطن للحصول عليها. على سبيل المثال، إنّ ثمن كيلو الرز الأبيض هو حوالى دولار واحد بالجملة إنما وفق سعر دولار 9000 يُضاف اليها الكلفة والارباح فيصبح سعره حوالى 10 آلاف ليرة، إلّا انه اذا ارتفع سعر الدولار الى 15 الف ليرة فسيرتفع سعره الى 16 الف ليرة، لكن هل في مقدور المستهلك شراءه وفق هذا السعر؟
نموذج جديد للبنان
من جهة أخرى، وبعدما كانت الغالبية الكبرى من السلع الاستهلاكية تستورد من دول الاتحاد الأوروبي، بات من الملاحظ انّ هناك العديد من السلع الجديدة التي دخلت الى الاسواق اللبنانية بتغيير في النوعية والجودة، هل يمكن ان تنسحب الشركات الغذائية الكبرى من السوق اللبنانية كما يحصل في بعض العلامات التجارية الفرانشايز؟
يقول بحصلي اننا كتجّار نعلم اننا نمر في أزمة كبيرة، لذا نحاول ان نؤمّن بدائل عن بعض المنتجات شرط ان تكون جودتها مقبولة أي يمكن ان يتقبّلها المستهلك اللبناني. نحن نأمل ألّا نصل الى أيام يدخل فيها المواطن الى متجر يطلب فيه الرز فلا يجده ويضطر الى استبداله بالعدس لأنه المتوفر حالياً. نحن نجهد لتوفير البضائع في السوق شرط ألّا تكون مغشوشة او مقلّدة او ذات مواصفات أقل من تلك التي تسمح بها ليبنور. نحن اليوم نبحث عن علامات تجارية بالنوعية نفسها والجودة الأقرب الى تلك التي اعتاد عليها المواطن إنما بسعر أقل بما يتناسب مع قدرته الشرائية. ولفت بحصلي الى انّ هناك تموضعاً لبعض الماركات في السوق، أمّا المستهلك فهو في مرحلة انتقالية يبحث فيها عن ماركات جديدة أقل ثمناً. وبين دخول ماركات جديدة الى السوق وإقدام المواطنين على شرائها وتقبّلها او رفضها والبحث عن غيرها سيستغرق هذا الأمر عاماً على أقل تقدير، لذا ما زال من المبكر تقويم مدى تقبّل المستهلك للسلع الجديدة.
وكشف بحصلي انّ الشركات الكبرى بدورها تُجري إعادة تموضع لأصنافها في لبنان، فبعد تغيّر نمط حياة اللبناني وتراجع قدرته الشرائية وتصنيفه كدولة فقيرة، تُعيد هذه الشركات النظر بالمنتجات التي ستصدّرها الى لبنان وأحجامها وذلك انطلاقاً من الخبرة التي اكتسبتها من خلال تواجدها في كل دول العالم الغنية كما الفقيرة. لهذه الشركات استراتيجيات وأصناف تتلاءم مع القدرات الشرائية كافة، ونحن للأسف، وبعدما بتنا من الشعوب الفقيرة، تعدّ لنا هذه الشركات الاستراتيجية المتّبعة في هذا النوع من الدول.
فعلى سبيل المثال، بدل أن تطرح إحدى الشركات الكبرى حليباً للأطفال مُصنّعاً من الحليب الهولندي، فإنها تُدخِل نوعية أخرى تمتاز بالجودة نفسها إنما أقل ثمناً، وعادة ما تدخلها الى البلدان الفقيرة لتوازن بين ثمن السلعة وقدرة المواطن الشرائية.
كذلك، سنشهد إعادة تموضع في الاحجام، أي بَدل عرض علبة حليب بزنة 3 كيلو على رفوف السوبرماركت، والتي باتت تعتبر باهظة الثمن بالنسبة الى المستهلك اليوم، سيتم استبدالها بزنة 500 غرام او 350 غراماً او one day pack أي sachet. وقال: من شأن هذه السياسة ان تعرض اسعاراً أقل على المستهلك، فيستطيع بدوره ان يضبط ميزانيته وفق الأسعار القائمة. وبالتالي، بدل شراء مجمع شامبو يكفي 6 اشهر بـ 80 الفاً، سيتمكن المواطن من شراء علبة شامبو بـ10 آلاف تكفيه شهراً. واكد بحصلي انّ الشركات العالمية بدأت تعمل على هذه الاستراتيجية، على ان تباشر في تطبيقها في المرحلة المقبلة.
وقد يهمك أيضا