عمان - إيمان أبو قاعود
بلَغَ عدد الاحتجاجات العمالية التي شهدها الأردن خلال العام 2013 حوالي (890) احتجاجًا، بتراجع طفيف عما كانت عليه في العام 2012، إذ بلغت (901) احتجاج، وفق التقرير السنوي الرابع الصادر، اليوم الأربعاء، عن المرصد العمالي التابع لمركز "الفينيق" للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريش ايبرت".
ورَصَد التقرير عدد الاحتجاجات، التي لم يتم تحقيق مطالبها، وبلغت (839) احتجاجًا,بينما تحقق مطالب (51) احتجاجاً بشكل كامل أو بشكل جزئي بنسبة (5.7%) من مجمل الاحتجاجات، وهذا يبين غياب حوار اجتماعي حقيقي بين أطراف الإنتاج، وضعف مؤسسات الدولة، وغياب واضح لغالبية النقابات التي تمثل العمال، ومحدودية تجربة العاملين في فنون التفاوض والحوار.
وبحسب التقرير، فإن الإضرابات تشكّل ما نسبته (54 %) من مجموع الاحتجاجات العمالية، وحلّت الاعتصامات، تالياً، بنسبة (32%)، كما تم إدراج عمليات التهديد بتنفيذ اضرابات عمالية باعتبارها احتجاجات لتحقيق أهداف عمالية لتشكّل ما نسبته 11.9% من مجمل الاحتجاجات، التي شملت، كذلك، بعض التحركات الفردية، وتركزت في عمليات إيذاء النفس وقتلها (الانتحار) لأغراض تندرج في إطار الاحتجاج على وضع عمالي معين.
ولفَتَ التقرير أن أسباب استمرار وتيرة الاحتجاجات انخفاض الأجور والرواتب، الذي دفع إلى تنظيم ما يقارب نصف الاحتجاجات و المطالبة برفع الأجور والعلاوات.
أما التحديات التي يعاني منها سوق العمل بحسب مدير مركز الفنيق "أحمد عوض" تحسين الوضع المعيشي، إلى جانب تراجع مستوى شروط العمل لغالبية العاملين من حيث عدم تمتع قطاعات واسعة بالحقوق العمالية الأساسية، التي نصّت عليها تشريعات العمل الأردنية، وتشمل: ساعات العمل اليومية، والإجازات السنوية والمرضية والرسمية، وتوفر وسائل الصحة والسلامة المهنية، والاستفادة من التأمينات الاجتماعية التي توفرها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والتأمينات الصحية وغيرها من شروط العمل.
وأكد عوض أن (44%) من العاملين بأجر في الأردن لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.
وأشار التقرير إلى أن ظاهرة إيذاء النفس والانتحار والتهديد بها لأسباب ذات علاقة بالعمل تنامت بشكل كبير خلال عام 2013، إذ رصدت 23 حالة ومحاولة انتحار وإيذاء للنفس نتج عنها وفاة شخص واحد، وإصابة البعض بإصابات بليغة.
وبرَز بوضوح خلال العام 2013 العديد من الضغوط الأمنية على العديد من نشطاء وقادة بعض الاحتجاجات العمالية للتحقيق والضغط عليهم وعلى أفراد أسرهم لوقف الاحتجاج، وتدّخلت بعض الأجهزة الأمنية والحكومية لدى بعض أصحاب العمل بهدف إيقاف امتيازات العاملين المحتجين في حال استمرار باحتجاجهم، إلى جانب تسريب معلومات حول تحركات المحتجين لأصحاب العمل، حسب نشطاء نقابيين. وبلغ عدد الاحتجاجات التي تم وقفها بالقوة من قبل الحكومة وأجهزتها (50 احتجاجا وبنسبة (5.6 %) من مجموع الاحتجاجات.
وأكّد التقرير أن استمرار الاحتجاجات العمالية وبقاءها في مستويات مرتفعة منذ ثلاث سنوات، يؤشر الى أن الاختلالات في علاقات العمل ما زالت عميقة، داعيًا إلى ضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق بمختلف عناصره على جميع العاملين في الأردن، وإعادة النظر في مستويات الأجور في القطاعين والعام والخاص باتجاه زيادتها لأن مستوياتها منخفضة جدا، إذا ما أخذ بعين الاعتبار خط الفقر المطلق المعلن عنه، وضرورة ربط الأجور بمعدلات التضخم، وإعادة النظر بالحد الأدنى للأجور، ووضع حد أعلى للأجور وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل جميع العاملين.
وركّز على أهمية تعديل نص المادة 31 من قانون العمل الأردني المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات، والتي تسمح بعمليات الفصل الجماعي من العمل، وتعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية والسماح لجميع العاملين بأجر بتشكيل نقاباتهم بحرية، مع ضرورة الإسراع إلى المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، وتعديل نصوص نظام الخدمة المدنية ليسمح للعاملين في القطاع العام من تأسيس نقاباتهم بحرية.
وشدد التقرير على ضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بمفهوم النزاع العمالي وآليات تسوية النزاعات العمالية، والتي أثبتت فشلها الذريع في إيجاد حلول عادلة للنزاعات العمالية المتفاقمة، وبات مطلوبًا استخدام آليات وتقنيات جديدة لتسوية النزاعات العمالية، بما ينسجم مع نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ووزيادة فاعلية عمليات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل على سوق العمل لضمان تطبيق نصوص قانون العمل.