بغداد – جمال إمام
كشفت مصادر عراقية في القطاع الصناعي أنَّ العراق كان يملك قبل العام 2003 نحو 178 ألف مصنع، بين حكومي تابع لوزارة الصناعة والمعادن والتصنيع العسكري، وآخر تابع للقطاعين المختلط والخاص بلغت نسبة مساهمتها بدعم الناتج الوطني إلى نحو 16% حتى نهاية العام 2002، فضلًا عن تشغيل مئات آلاف الموظفين.
وأوضحت المصادر أنَّ القطاع الصناعي لم يكن في منأى عن حال التراجع وعدم الاستقرار التي شملت القطاعات الإنتاجية كلها بعد العام 2003 نتيجة عوامل كان أهمها انهيار منظومة الكهرباء وتفشي الفساد المالي والإداري وغياب التخطيط، ما أدى بالقطاع إلى تراجع نسبة مساهمته في الناتج الإجمالي الوطني لتكون 1.5% وتسبب ذلك بانقطاع أكثر من 630 ألف موظف عن العمل.
وأضافت أنَّ فتح حدود العراق أمام الاستيراد دون ضوابط أو رقابة وغياب الدعم الحكومي للقطاع، أدى إلى إغلاق نحو 110 آلاف مصنع بعضها حكومي وهدد ما تبقى منها نتيجة تقادم خطوط الإنتاج وعدم قدرتها على منافسة المنتجات الأجنبية.
ويعرب رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقيين، راغب بليبل، عن أمله في أن يتحول البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء، حيدر العبادي، إلى سياق عمل ينهض بالقطاع الصناعي وإنتاجه. وفي مقدمة ذلك توفير الحماية للمنتج المحلي على نحو يساعده في منافسة السلع والبضائع المستوردة.
ولفت إلى أن أبرز الأسباب التي أدت إلى تحميل الاقتصاد العراقي الأعباء الكبيرة نتيجة تراجع أسعار النفط في العالم أخيرًا، هو اعتماد موارد الدولة على قطاع النفط من دون القطاعات الأخرى، ما أدى إلى نشوء خلل كبير في بنية الاقتصاد العراقي بالشكل الذي نلمسه حاليًا، حسبما ذكرت "الحياة".
وأوضح بليبل أنَّ توجه الدولة حاليًا نحو تفعيل القطاع الصناعي يتطلب خطوات من الواجب اتخاذها في المقدمة، منها تفعيل المبادرة الصناعية التي أطلقت عام 2013 من خلال دعم القطاع الخاص وتشريع القوانين المساندة ومنها قانون حماية المنتج المحلي والمستهلك وقانون التعرفة الجمركية.
ودعا إلى اتخاذ تدابير سريعة لمعالجة أوضاع الشركات الصناعية الخاسرة أو المتعثرة الإنتاج أو المتوقفة عن العمل وفي طليعتها الشركات التابعة للحكومة.
وأضاف "هناك حزمة مقترحات قدمها اتحاد رجال الأعمال العراقيين عبر أوراق عمل عدة تصب في هدف إنقاذ القطاع الصناعي، منها الدعوة إلى إحالة هذه المشاريع إلى الاستثمار من خلال درس أوضاعها ومراعاة أوضاع العاملين فيها".
ومن جانبه؛ صرح رئيس اتحاد الصناعات العراقية، حسين زنكنة، بأنَّ إجراءات الحكومة بدعم القطاع بعد إطلاق المبادرة الصناعية التي لم تر النور بسبب الضائقة المالية، بددت حلم الصناعيين.
واعتبر أن المبادرات التي صدرت خلال السنوات العشر الماضية لم تحقق شيئًا يُذكر على رغم حجم الأموال التي صُرفت عليها والتي تجاوزت 750 بليون دينار خلال السنوات الأخيرة (نحو 600 مليون دولار) لأن التركة الصناعية ثقيلة وصعبة.
ونُقل عن وكيل وزارة الصناعة والمعادن العراقية، مكي عجيب، قوله إنَّ هناك 52 شركة خاسرة من أصل 76 تابعة للوزارة كانت تتسلم منحًا من الحكومة لتسديد رواتب موظفيها أو تشغيل مصانعها جزئيًا، إلا أن ذلك لا يلبي الطموح ما تسبب بخلق مصانع غير منتجة ولا يمكنها منافسة البضائع المستوردة.
ورأى أنّه لا خيار أمام وزارته سوى الاستثمار لإنقاذ هذه الشركات والوصول بها إلى أفق التنافس في السوق، إضافة إلى إمكان الذهاب نحو التخصيص.
وأضاف أن وزارته تسعى إلى دمج عشر شركات خاسرة بشركات رابحة إلا أنَّ مثل هذه الأفكار تحتاج إلى دعم وتشريع قوانين داعمة للصناعة الوطنية.
وحذر ناشطون في القطاع من النتائج المترتبة على استمرار تراجع القطاع الصناعي وتحميل الحكومة الأعباء الكبيرة نتيجة لذلك، ومنها تقديمها منحًا سنوية تبلغ نحو 4.3 بليون دولار هي عبارة عن رواتب وصيانة وتأهيل للمؤسسات الصناعية الحكومية، من دون تحقيق نتائج على صعيد تنشيط سد حاجة السوق بمنتجات محلية.
وذهب صناعيون إلى التأكيد على ضرورة تنمية الصناعات المحلية من خلال البدء بصناعات لها سوق محلية ودولية واعدة عرفت بإنتاجها النوعي، كصناعة المواد الاحتياطية والمواد الغذائية ومواد البناء بخاصة أن تلك المواد تتوافر لها مواد أولية في العراق وذات نوعيات جيدة ومشهود لها في غالبية مناطق العراق، فيما راح آخرون إلى الدعوة لإنشاء مصرف للاستثمار والتمويل أو تفعيل نشاط المصارف الخاصة ليسمح لها بإقراض أصحاب المشاريع أو الدخول مع بعضهم في شراكات داعمة لها