الرياض ــ محمد الدوسري
تتجه المملكة العربية السعودية إلى تقليص الاستهلاك المحلي للنفط في البلاد إلى أقصى درجة ممكنة،باتخاذ تدابير وإجراءات،للحد من المعدل المتنامي لهذا الاستهلاك،الذي تجاوز خمسة ملايين برميل نفط مكافئ يوميًا، مرشحًة للزيادة في الفترة المقبلة إلى أرقام غير مسبوقة من قبل،بحسب ما كشف محللون اقتصاديون.
وحذر المراقبون والمحللون الاقتصاديون من مغبة الصمت تجاه المعدل المتنامي للاستهلاك المحلي للطاقة في السعودية، مشيرين أن تنامي هذا المعدل يهدد حجم صادرات السعودية من النفط،فيما يرى آخرون أن الدعم الحكومي على الطاقة في السعودية،سواء في أسعار المحروقات أو الكهرباء،يحفز الكثيرين على الاستهلاك بدون حساب،مؤكدين أن ثقافة المواطن السعودي في استهلاكه للطاقة ليست بالدرجة الكافية من الترشيد المتزن.
وجاء إعلان مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول رئيس البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز،عن موافقة والتزام 78 شركة مبيعات للمركبات في السعودية بتطبيق المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة، ليكون خطوة جادة في برامج ترشيد الاستهلاك المحلي للطاقة.
وتمثل المركبات الخفيفة ما نسبته 82 % من إجمالي حجم أسطول المركبات في السعودية،البالغ نحو 12 مليون مركبة، تستهلك يوميًا من البنزين والديزل نحو 811.000 برميل،ما أسهم بشكل رئيس في بلوغ معدل استهلاك قطاع النقل نحو 23 % من الاستهلاك الإجمالي للطاقة في السعودية.
ووقّعت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في الرياض قبل أيام مذكرات تفاهم مع عدد كبير من الشركات الصانعة للمركبات الخفيفة،تلتزم بموجبها الشركات بالمعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الجديدة، وهو ما يعد أول معيار من نوعه يتم إطلاقه في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
ويأتي توقيع هذا العدد الكبير من مذكرات التفاهم في إطار الجهود التي ينفذها البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة،الذي يعمل على إعداده المركز السعودي لكفاءة الطاقة،خاصًة وأن عمل المختصون في البرنامج على وضع هدف طموح لتحسين اقتصاد الوقود في السعودية،بنسبة تزيد على 50 % من إجمالي استهلاك الوقود في قطاع النقل البري،بحلول عام 2025، ما يجعل السعودية تصف بمصاف الدول المتقدمة التي تملك معايير مماثلة.
ويرى بن عبد العزيز أن توقيع العقود سيمهد لإصدار المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة،والمساهمة في رفع كفاءة استهلاك الطاقة في قطاع النقل البري في السعودية.
ويؤكد المحلل الاقتصادي،فضل البوعينين،أن ثقافة المواطن السعودي تجاه الترشيد في استهلاك الطاقة تحتاج إلى مزيد من البرامج والتوعية، موضحًا أن المواطن الغربي عندما يريد أن يذهب إلى مكان ما يمسك بالآلة الحاسبة،ويجري بعض العمليات الحسابية، التي تبين له أقل كلفة يمكن دفعُها في سبيل الوصول للمكان الذي يريده،سواء كان بالسيارة الخاصة، أو القطار، أو الليموزين، أو الباص، وفي نهاية هذه العمليات يختار الوسيلة الأقل كلفة.
وأضاف البوعينين،بأن المواطن السعودي تعوّد على وسيلة واحدة، هي السيارة الخاصة، التي يستطيع أن يعبئها بالوقود بنحو عشرين ريالًا فقط، ويذهب إلى أي مكان يرغب فيه،وسيجد في طريقه محطات وقود توفر له البنزين بأسعار أقل بكثير من أسعار المياه.
ويرى البوعينين ،أن أرخص أسعار الوقود في السعودية عامل مُغْرٍ لاستخدام السيارات الخاصة، مشيرًا إلى أن ارتفاع أسعار الوقود في البلاد سيدفع المواطنين إلى حساب الكلفة،ويقلص استخدام السيارات التي ملأت الشوارع في السعودية، بسبب الزيادة المفرطة في عدد السكان.
وطالب المحلل الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة،من السعودية إعادة النظر في أسعار الوقود محليًا، واقتصار دعم الوقود على الأسر الفقيرة فقط.