لقطة لـساعة الذروة في حركة السير بشوارع طهران
طهران ـ مهدي موسوي
يرى خبراء الاقتصاد أن "الصين نجحت في الاستفادة من المقاطعة الاقتصادية التي يفرضها الغرب على إيران، إذ تنعزل يومًا بعد يوم عن الأسواق العالمية بسبب هذه المقاطعة".وتشير صحيفة "الغارديان البريطانية" في هذا الصدد إلى "افتتاح توكيل جديد شمال العاصمة طهران، لبيع سيارات صينية
تناسب أفراد الطبقة المتوسطة، ويحمل التوكيل اسم "جيليران". وبالقرب من السفارة من المقر السابق للسفارة البريطانية في طهران، يوجد مقر توكيل سيارات "جيلي" الصينية وهو ثاني مصنع للسيارات الصينية في إيران. أما شركة السيارات الصينية الأخرى التي تعمل في إيران منذ خمس سنوات، فهي شركة شيري موتورز، وهي شركة تقوم بتصنيع عدد من موديلات السيارات الاقتصادية من خلال خطوط تجميع إيرانية.
وتعقد الصحيفة مقارنة بين أسعار السيارة رينو ميغان الفرنسية التي كانت حتى وقت قريب، أكثر السيارات استعمالا في السوق المحلية والتي تضاعف سعرها ثلاث مرات حتى وصل إلى 22450 جنيهًا إسترلينيًا، وبين سعر السيارة جيلي إيمغراند إي سي7 الصينية الهاتشباك الذي يبلغ حوالي عشرين ألف جنيه، بما يعني أن شركة زيجيانغ جيلي تسعى للحصول على شريحة كبيرة من سوق الاستهلاك المحلية، مستغلة بذلك المقاطعة التي يفرضها الغرب على إيران وانخفاض أسعارها كثيرًا عن مثيلاتها الأوروبية".
ويشير محلل مالي في طهران إلى "تدفق السيارات الصينية إلى السوق الإيرانية"، ويقول إن "الصين تغمر السوق الإيرانية ببضائع استهلاكية ذات أسعار رخيصة، مقابل النفط الإيراني، وذلك بسبب الصعوبات النقدية والمصرفية التي تعاني منها إيران".
وتؤكد الصحيفة البريطانية أن "الصين باتت في وضع يمكنها من الاستفادة مما تبقى من الاقتصاد الإيراني المضطرب". ونظرًا لأن الصين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني في العالم، فقد استطاعت منذ وقت طويل أن تستغل عزلة إيران العالمية في دعم مصالحها التجارية، التي لم تعد تقتصر فقط على قطاع الطاقة. يذكر أن أحدث العقوبات التي تفرضها أميركا على إيران، كانت في السادس من شباط/فبراير الجاري، والتي تتمثل في فرض قيود دولية إضافية على الكيانات التجارية تتعامل مع إيران والتي من المرجح أن تمس هذا المجال.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن "الصين تستورد 441 ألف برميل نفط إيراني يوميًا، الأمر الذي يجعلها أهم شريك تجاري لإيران، وهناك ما يقرب من 70 شركة صينية تمارس نشاطها حاليًا في إيران، وفضلا عن التركيز على قطاع الطاقة، فإن نطاق العلاقات التجارية يتسع ليشمل البناء والتشييد والنقليات والتصنيع . وتمثل هذه العلاقات أهمية إستراتيجية في إطار مساعي بكين لإحداث نوع من التوازن في وضعها في الشرق الأوسط في مواجهة المصالح الأميركية. وعلى الرغم من انخفاض ورادات النفط الصينية من طهران بنسبة 21 % تقريبًا خلال العام الماضي، لكن هناك قلة في إيران من يعتقدون أن ذلك بداية لضعف العلاقات الصينية الفارسية على المدى البعيد.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي أعلنت مؤسسة زوهاي زينرونغ النفطية أنها "ستواصل استيراد 230 ألف برميل نفط إيراني يوميًا طوال العام الجاري 2013"، فيما تفسره وسائل الإعلام الإيرانية بأنه "تحدٍ للعقوبات الغربية، كما تنوي المؤسسة أيضًا استيراد الغاز المكثف من حقل الغاز الطبيعي في الخليج العربي التي تتناصفه كل من قطر وإيران".
ويقول أحد خبراء النفط في الصين إنه "طالما أن المؤسسة مدرجة على القائمة السوداء الأميركية، فإنها لا تشعر بأي ضغوط سياسية، تضطرها إلى التوقف عن استيراد النفط من إيران".
يذكر أن العقوبات الدولية المفروضة على إيران، تزيد من صعوبة حصول إيران على مبالغ نقدية مقابل صادراتها في مجال الطاقة، الأمر الذي تستغله الصين في ابتكار وسائل للتغلب على تلك المشكلة من خلال تقديم بضائع وخدمات كبديل نقدي، ومن المرجح أن ينعكس سلبًا على القطاعات غير النفطية التي تعاني حاليًا من حالة شلل. وتحاول الولايات المتحدة من خلال تهديد الشركات التي تقوم بتحويل أموال نقدية إلى البنك المركزي الإيراني، وتهدف العقوبات الجديدة التي أعلنت عنها خلال هذا الشهر إلى "محاصرة الكثير من دخل إيران النفطي في البنوك الصينية". وهذا في حد ذاته يعود على الصين بفائدة مزدوجة، فهو يسمح لها بمزيد من الاقتراب من مجال الطاقة الإيراني، إضافة إلى مزيد من فرص الاستثمار في القطاعات غير النفطية، كما أن ذلك يمنح الصين المزيد من القدرة على المساومة على أساس أن "المقايضة هي السبيل الوحيد أمام الحكومة الإيرانية لتلقي مستحقاتها".
وما من شك في أن ذلك له تأثيره العميق على المواطن العادي في إيران. وفي ظل كثافة البضائع الصينية في المخازن والمحلات الإيرانية، تواجه المصانع الإيرانية صعوبة في منافسة المنتج الصيني ولاسيما منذ هبوط قيمة العملة المحلية، وما ترتب على ذلك من ارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة.
وفضلا عن ذلك، فإن غرفة التجارة والصناعة الإيرانية، تشير إلى "شكاوى التجار من عدم مطابقة البضائع الصينية للمواصفات المطلوبة".
ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية، ناصر التميمي إن "تدفق البضائع الإيرانية الرخيصة والأقل من حيث الجودة في بعض الأحيان، قد أثارت استياء شعبيًا ضد الصين".
وعلى مدى عقدين من تدعيم العلاقات الإيرانية الصينية، استطاع المهندسون الصينيون الاستحواذ على أعداد لا حصر لها من مشاريع البنية التحتية، الأمر الذي أثر كثيرًا على حركة العمالة المحلية في إيران.
ويرى محلل في الشؤون التجارية الإيرانية الصينية أن "الأفضل لإيران أن تكون مقايضة النفط بمشاريع بناء طرق وجسور وسدود وليس مجرد بضائع استهلاكية".
وفي الوقت الذي يشهد ارتفاع معدلات البطالة والتضخم في إيران، تتزايد فيه صورة العمالة الصينية في مواقع مشاريع البناء والتشييد العامة، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة استياء الشارع الإيراني.