فعاليات منتدى القطاع الخاص العربي التحضيري للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة
تونس - أزهار الجربوعي
اقترحت تونس إنشاء بورصة عربية خاصة بالمشاريع الاقتصادية بقيمة جملية تقدر بـ3.2 مليار دولار، بهدف دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة لمدة عشر سنوات، يأتي ذلك فيما توقع البنك الدولي في تقريره عن الآفاق الاقتصادية العالمية أن يعرف نمو الاقتصاد التونسي نسقًا تصاعديًا، خلال السنوات الثلاثة المقبلة ليحقق
4.8 % سنة 2015، في حين أكد كاتب الدولة التونسية للمال سليم بسباس أن من الأولويات التي تضعها الحكومة على سلم أعمالها في المرحلة الحالية ستكون الضغط على الأسعار، وخاصة في ما يتعلق بالمحروقات .
وقد تولت تونس، خلال فعاليات منتدى القطاع الخاص العربي التحضيري للقمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة، الذي ينظمه الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية المنعقد في المملكة العربية السعودية، عرض مقترحها الخاص بإنشاء بورصة للمشاريع الاقتصادية بقيمة جملية بلغت بـ3.2 مليار دولار، على مدى 10 سنوات، للمساهمة في تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة، في مختلف القطاعات الاقتصادية في البلدان العربية.
كما يقترح المشروع الذي سيتم تقديمه خلال الدورة الثالثة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، تخصيص 20 % من قيمة البورصة للقطاع الفلاحي (الزراعي)، فيما ستحظى تونس بنسبة 5% من القيمة الجملية للمبلغ، مع التوجه نحو تمويل المشاريع المتوسطة.
على صعيد آخر، توقع البنك العالمي في تقريره المتعلق بالآفاق الاقتصادية العالمية، أن يشهد نمو الاقتصاد التونسي نسقًا تصاعديًا خلال السنوات الثلاث المقبلة، ليكون في حدود 3.2% سنة 2013 و4.5 % سنة 2014، ليبلغ ذروته في 2015، حيث من المنتظر أن يتخطى عتبة 4.8%.
كما جاء في التقرير أن "طول أمد حالة انعدام اليقين السياسي والاضطرابات الداخلية المرفقة بالاحتجاجات الاجتماعية، تمثل خطرًا كبيرًا على آفاق النمو في المنطقة، مشيرًا إلى أن إجمالي الناتج المحلي التونسي قد ارتفع بحوالي 204 % في العام 2012، بسبب تحسن النشاط السياحي.
ووفقًا لأرقام الحكومة التونسية، فإن عائدات السياحة قد سجلت خلال سنة 2012 ارتفاعًا قدر بنحو 30% مقارنة بالعام 2011، لكنه يبقى أدنى بنسبة 10 % عن مستواه الطبيعي قبل "ثورة 14 يناير 2011".
وقدرت وزارة السياحة التونسية حجم مداخيل القطاع، بـ 3,17 مليار دينار تونسي (1,52 مليار يورو)، محققة بذلك ارتفاعًا بنسبة 30,4 % مقارنة بالعام 2011. في حين بلغ عدد الليالي المقضاة في فنادق البلاد نحو 30 مليون ليلة، مقابل 35,5 مليون ليلة في 2010 و20,6 مليون ليلة في 2011.
من جهة أخرى، أكد كاتب الدولة للمالية سليم بسباس، أن الهدف الرئيسي للحكومة التونسية في الفترة الحالية يتمثل في اتخاذ إجراءات فورية استثنائية تمكن من الضغط على الأسعار، وفي مقدمتها الضغط على أسعار المحروقات، إلى جانب تهيئة الاقتصاد، مبرزًا أن توخي منوال تنموي جديد يستوجب مراجعات عميقة وهيكلية ودراسات دقيقة ومطولة، جاء ذلك خلال افتتاح ملتقى بشأن الجانب التطبيقي لقانون المال لسنة 2013.
كما اعتبر كاتب الدولة للمال سليم بسباس أن تقييم الصلابة المالية والاقتصادية لتونس يتطلب قراءة شمولية لقانون المال وموازنة الدولة لسنة 2013، موضحًا أن الطبيعة الظرفية للموازنة والظرف الاقتصادي العالمي والوطني، حالت دون القيام بإجراءات جذرية وثورية، على غرار حذف النظام التقديري في الجباية، وإحداث قيمة مضافة اجتماعية، ومراجعة نظام الدعم وغيرها.
ووجه المتدخلون في اللقاء انتقادات إلى مظاهر التهرب الجبائي التي يكرسها النظام التقديري، داعين الى ضرورة تقييم الحوافز التي تمنحها الدولة في كثير من القطاعات الاقتصادية.
من جانبها، أشارت المديرة العامة للدراسات والتشريع الجبائي بوزارة المال التونسية، حبيبة اللواتي إلى الإجراءات الجديدة لقانون المال والرامية إلى التشجيع على إحداث المؤسسات. وتتمثل هذه الإجراءات في إعفاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة الجديدة من الأعباء الجبائية لمدة ثلاث سنوات متتالية، بالإضافة إلى توسيع مجالات تطبيق امتيازات المصالحة، والإعفاء من الخطايا، والتخفيف في إجراءات تحويل الموارد والأرباح إلى الخارج.
وفي سياق متصل، أكدت مجموعة من التقارير الجديدة الصادرة عن مراكز متخصصة في تحليل الأوضاع الاقتصادية العالمية، أن الاقتصاد التونسي قد سجل انتعاشة، وبدأ يسير على درب التعافي. حيث اعتبرت مجموعة "بلومبرغ" الأمريكية المختصة في تحليل الأوضاع الاقتصادية، أن تونس تخطت منطقة الخطر، وأن الاقتصاد التونسي في وضع أحسن بكثير من الاقتصاد في دولة مصر، التي تمر بتطورات اجتماعية وسياسية مشابهة.
من جهتها، أبقت وكالة "موديز" على تصنيف تونس الائتماني، على خلفية ما اعتبرته نجاح البلاد في تجاوز الانتكاسة، وتسجيل نمو إيجابي، رغم تعدد العقبات والتحديات الاقتصادية خلال سنة 2012.
وترى الحكومة التونسية أن معظم وسائل الإعلام التونسية ما زالت تكن الولاء للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ونظامه، متهمة إياها باستجلاب أدعياء خبرة في المال والاقتصاد، ليقدموا صورة كارثية بهدف تشويه البلاد وإنجازاتها، حتى يخيل للرأي العام التونسي والخارجي أن الاقتصاد التونسي على باب الانهيار، وأن تونس ستلحق بإثيوبيا أو الصومال، مستشهدة بواقعة بث وكالة الأنباء الرسمية خبرًا يعلن عجز الدولة عن خلاص الموظفين، في الوقت الذي كان رصيد خزينة الدولة كافيًا لخلاص مرتبات ثلاثة أشهر مسبقًا.
إلا أن المعهد الوطني للإحصاء وهو من بين المؤسسات الرسمية للدولة التونسية، قد أكد أن الوضعية الصعبة التي يعيشها الاقتصاد التونسي تتجاوز حدود التضليل والاستهداف الإعلامي لحكومة الترويكا، بعد أن كشف في أحدث إحصاءاته أن العجز التجاري التونسي قد تطور بشكل لافت في العام 2012 بالمقارنة مع العام 2011، حيث بلغ 11.635 مليار دينار (7.506 مليار دولار).
وذكر المعهد الوطني التونسي للإحصاء أن إجمالي حجم عائدات الصادرات التونسية تطور خلال العام الماضي بنسبة 5.8%، ليبلغ 26.547 مليار دينار (17.127 مليار دولار).
وفي المقابل، تطورت قيمة الواردات التونسية خلال العام الماضي بنسبة 13.3%، حيث بلغت 38.182 مليار دينار (24.335 مليار دولار)، ما يعني أن العجز التجاري تفاقم ليبلغ 11.635 مليارًا (7.506 مليارات دولار)، مقابل 8.603 مليارات دينار (5.550 مليارات دولار) في العام 2011.
وتسبب هذا التفاقم الملحوظ في تراجع نسبة تغطية الصادرات بالواردات، لتستقر في حدود 69.5%، مقابل 74.5% خلال العام 2011.
من جهته، جدد وزير المالية التونسي المستقيل، حسين الديماسي وصفه للوضع الاقتصادي الحالي للبلاد التونسية بـالـ "كارثي بكل المقاييس"، متهمًا الحكومة بالاهتمام بالتجاذبات السياسية أكثر من بحثها عن حلول عاجلة للأزمة الاقتصادية التي تهدد البلاد.