بيروت - العرب اليوم
اعتبر رئيس جمعية مصارف لبنان ,رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، أن الصفقة النووية التاريخية مع إيران وانعكاساتها الجيوسياسية والاقتصادية والمالية المحتملة "احتلت حيزًا واسعًا من الاهتمام العالمي، نظرًا إلى الإمكانات الضخمة لإيران المكبوتة نتيجة العقوبات الضخمة المفروضة عليها منذ عقود".
وأشار طربيه في حديث إلى "الحياة"، إلى أن الاقتصاد الإيراني يقدّر بـ393 مليار دولار، وفقاً لصندوق النقد الدولي، وهي تملك ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم (1046 تريليون قدم مكعب) ورابع أكبر احتياطي للنفط الخام في العالم (158 مليثار برميل)".
ورأى أن العقوبات "انعكست سلبًا على معدلات النمو التي لم تتخطَّ 3 في المائة سنويًا منذ العام 2012، نتيجة انعزال اقتصادها عن الاقتصادات العالميّة"، لذا "لم تستفِد من تدفّق رؤوس الأموال الوافدة من المستثمرين الأجانب، كما لم تُتح لها فرصة الاستثمار المباشر في الاقتصادات الواعدة، ما حدّ من سقف النمو الحقيقي الذي حقّقته".
وأوضح أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصافية الوافدة إلى إيران "بقي مستقرًا خلال الأعوام الماضية على ما بين ثلاثة مليارات دولار وأربعة مليارات سنويًا"، لافتًا إلى أنه "رقم يناهز الاستثمارات الوافدة إلى لبنان على رغم أن الاقتصاد الإيراني يساوي ثمانية أضعاف الاقتصاد اللبناني"، وتوقع أن "تسجل رسملة البورصة زيادة مهمة في الأعوام المقبلة والتي تصل حاليًا إلى 100 مليار دولار، فضلًا عن ارتفاع في حجم التداول من جانب المستثمرين الأجانب".
وأشار إلى أن "توظيف معظم إيرادات النفط والغاز مع المصارف المحليّة نظرًا إلى العقوبات، يفسّر حجم موازنة القطاع المصرفي الإيراني (نحو 693.15 مليار دولار)، والذي يشكّل نحو 170 في المائة من حجم اقتصادها، مقارنةً بنسبة 352 في المائة في لبنان".
ولفت طربيه إلى أن "إيران تشهد توافدًا لشركات النفط العالميّة، حيث أنها تحتاج إلى استثمارات أجنبيّة تتراوح بين 50 مليار دولار ومائة مليار للعودة إلى مستويات الإنتاج التي كانت عليها قبل العقوبات"، ولم يستبعد أن تسعى المصارف العالميّة إلى إعادة تفعيل خدمات المراسلة مع المصارف الإيرانيّة بهدف تنشيط حركة التجارة العالميّة".
وبيّن أن "رفع العقوبات تدريجيًا سيفتح آفاقًا جديدة للتبادل التجاري بين إيران ولبنان، خصوصًا لجهة الصادرات اللبنانية إلى إيران (تشكّل الأجهزة والمعدّات الميكانيكيّة 41 في المائة منها، والورق ومشتقّاته 20 في المائة، والمعادن العاديّة ومصنوعاتها 11 في المائة)، والتي لم تتعد عتبة 3.23 مليون دولار عام 2014، ما سيشكّل مكسبًا كبيرًا للمزارعين والصناعيين اللبنانيين".
وشدد على أن القطاع المصرفي اللبناني "قد يستفيد من هذا الاتفاق من خلال مشاركة بعض المصارف في تمويل مشاريع واستثمارات أجنبيّة معلّبة تحت مظلّة قروض مشتركة، أو اعتمادات مستنديّة لتمويل حركة التجارة البينيّة أو غيرها من آليات التمويل".
ورجّح أن يكون لهذه الصفقة "تداعيات على أسعار النفط عالميّاً مع توقع تراجع سعر النفط والغاز في ظلّ الزيادة الكبيرة المتوقّعة في العرض على الساحة العالميّة"، وذكر "سيكون لهذا التراجع في الأسعار تأثير إيجابي في المؤشّرات الماكرو اقتصاديّة في لبنان كونه مستورداً للنفط والغاز".
وتوقع أن "يكون هذا الاتفاق سيفًا ذو حدّين بالنسبة للدول العربية، بحيث يحسّن التجارة بين إيران والدول العربيّة من جهة (علماً أنّ الاقتصاد الإيراني يشكّل 12.7 في المائة من اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، فيما قد يكون له أثر سلبي في الصادرات النفطيّة للمنطقة العربيّة"، ولم يغفل احتمال أن "تشكل إيران منافسة قويّة على المدى المتوسّط مع بعض المراكز الماليّة والاقتصاديّة في منطقة الخليج العربي".
وخلُص طربيه إلى أن "الأثر الإيجابي في اقتصاد لبنان والمنطقة لن يكون فوريًا، بل سيستغرق وقتاً إلى حين رفع العقوبات الاقتصاديّة تدريجيًا عن إيران، وتعافي الاقتصاد الإيراني في شكل كامل من هذه العقوبات، ما يستغرق أعوام".