الأمين العام السابق لحزب الشعب الناصريّ محمد البراهمي
تونس - أزهار الجربوعي
أكّد الخبير التونسي المختصّ في المخاطر المالية مراد حطاب لـ"العرب اليوم"، أن الاقتصاد التونسيّ، تعرّض إلى نكسة خطيرة عقب حادث اغتيال والثانية من نوعها في ظرف 6 أشهر، مشدّدًا على أن تونس باتت مفتوحة على مصيرٍ مجهولٍ يواجهه أكثر من احتمال، من
بينها إمكان انهيار البورصة وسوق المال وتهاوي سعر الدينار، والقضاء على الموسم السياحي الذي يعيش ذروته في هذه الفترة، لافتًا إلى أن كُلفة الإضراب العام الذي دعت إليه كبرى المنظمات النقابية في البلاد (الاتحاد العام التونسي للشغل)، الجمعة، احتجاجا على الاغتيالات السياسية كَلّف البلاد حوالي 120 مليون دولار.
وأوضح الخبير المالي التونسي أن مصير الاقتصاد الوطني بات في يد رجال السياسة، وخرج من ملعب خبراء المال ومُنظّري الاقتصاد، لافتًا إلى أن كُلفة الإضراب العام الذي دعت إليه كبرى المنظمات النقابية في البلاد (الاتحاد العام التونسي للشغل)، الجمعة، احتجاجا على الاغتيالات السياسية كَلَّف البلاد حوالي 120 مليون دولار .
واعتبر المختصّ في المخاطر المالية مراد حطّاب أن الخطر السياسي يُعتبر من أهم المحاور التي تُحرّك خارطة المخاطر المالية، والتي ستطال 3 قطاعات حيوية في الاقتصاد الوطني لتونس، وهي قطاع السياحة وسوق المال ومنظومة الاستثمار.
وأَكَّد حَطّاب أن قطاع السياحة الذي يُعتَبر شريان الحياة الرئيسي لاقتصاد تونس، سيكون أولَ المتضرّرين من تجدّد عمليات الاغتيال السياسي في البلاد، سيّما في ظل ضبابية الرؤية في الوقت الراهن وحالة الترقب في انتظار ردة فعل السفارات الأجنبية ووكلاء الشركات السياحية الكبرى في العالم بشأن إلغاء الحجوزات وتغيير وجهتهم إلى أقطار أخرى غير تونس، الأمر الذي سيهدد مداخيل الدولة المتأتية من قطاع السياحة الذي يشغل 2 مليون من اليد العاملة، ويساهم بـ 19 % من الناتج الداخلي الخام.
أما بشأن المحور الثاني في جدولة المخاطر المالية المتعلق بسوق المال، فدعا الخبير التونسي المختصّ في المخاطر المالية مراد حطّاب هيئة سوق المال إلى وقف التسعير في حال انهيار الأسهم إلى ما دون 10 نقاط، مذكرًا بتهاوي البورصة التونسية عقب عملية الاغتيال الأولى التي عاشتها تونس مطلع العام الجاري، بمقتل القيادي السابق في "الجبهة الشعبية" شكري بلعيد رميًا بالرصاص في 6 شباط/ فبراير 2013، والذي قُدّر بـ4 نقاط كاملة، موضحًا أن تراجع البورصة بنقطتين فقط سيُكلّف الاقتصاد التونسي يوميًا حوالي 11 مليون دولار (16 مليون دينار تونسي).
كما حذر مراد حطاب من تداعيات كارثية لعملية الاغتيال على موسم الاستهلاك والتجارة الذي يعتبر ركيزة المعاملات الاقتصادية التونسية في ظل تفاقم ظاهرة التداين المفرط والتضخم المالي، مشدّدًا على أن مناخ الأعمال التونسي الهشّ بطبعه سيتأثر بالوضع الأمني في البلد، وسيفقد المستثمرون الثقة في السوق التونسية.
واكد الخبير التونسي أن البلاد مهدّدة بفقدان جميع المؤشرات الإيجابية التي نجحت في تحقيقها بصعوبة كبيرة في الفترة الأخيرة، والتي وصفها محافظ البنك المركزي بـ"المتفائلة"، من ذلك مقاربة نسبة النمو 3 %، إلى جانب بلوغ قيمة الاستثمارات الأجنبية نحو 1.6 مليار دينار.
أما خارجيًا، فتوقع المُحلّل المالي مراد حطاب أن مؤسسات التصنيف الائتماني الأجنبية الأربع المهمّة، على غرار "ستاندارد آند بورز" و "موديز"، ستواصل تخفيض تصنيف تونس الذي يواصل الانحدار في الافاق السبية ليصل إلى "BB"، بعد استقراره في "BA 3"، وهو ما سيجعل الدولة تواجه وضعية حرِجة أمام كبار المقرضين وصعوبة كبيرة للتداين والاستثمار والظهور في الأسواق العالمية.
وأوضح الخبير التونسي أن تقدير كُلفة عملية الاغتيال السياسي الأخيرة التي عرفتها تونس يحتاج إلى وقت أطول من قبل الخبراء، مشدّدًا على أن أهم مرحلة من إدارة المخاطر المالية تتمثل أساسًا في حلقة التقييم، سيّما في ظل الوضعية الحرجة التي تعيشها البلاد وسط تضارب التقييمات والمؤشرات.
وأشار مراد حطاب إلى أن مصير ومستقبل اقتصاد تونس بات في ملعب الساسة وخرج من دوائر رجال المال والاقتصاد، مشدّدًا على أن الاقتصاد مرتبط جوهريًا بالأرضية السياسية التي تتحكم في سوق المال ومناخ الأعمال وسعر الدينار الذي انحدر بشكل قياسي في الأشهر الأخيرة.
وبشأن تكلفة الإضراب العام الذي شنّه الاتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة الشغيلة التونسية)، الجمعة، أكّد الخبير المالي مراد حطاب أن الخسائر الناجمة عن يوم إضراب في تونس تُقدّر بحوالي 170 مليون دينار (120 مليون دولار)، مشدّدًا على أن البلاد بطبعها تعيش حالة من الشلل والصدمة والركود إثر حادث الاغتيال.
ويرى خبراء المال والأعمال في تونس أن البلاد مُقبِلة على واقع مجهول وسط تنامي حالة الاحتقان السياسي والاضطراب الأمني، التي فجّرتها ثاني عملية اغتيال سياسي في البلاد خلال ستة أشهر، متوقّعين انكماش الاقتصاد المترهل أصلا بفعل تداعيات "ثورة 14 يناير 2011"، والتي أعقبتها جملة من الأحداث السياسية والأمنية التي أحبطت المستثمرين، ودفعت برؤوس الأموال إلى البحث عن وجهات أكثر أمنًا، فيما يطالب رجال الأعمال ومنظمات الأعراف الحكومة باتخاذ قرارات سياسية حاسمة تقطع الشك باليقين، وتضع جدولة زمنيّة واضحة ونهائيّة لنهاية المرحلة الانتقالية، وإقرار مواعيد الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي من شأنها إعاد مناخ الثقة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.