واشنطن - مادلين سعادة
رفض مجلس النواب الأميركي، منح الرئيس باراك أوباما صلاحيات واسعة يطلبها لتوقيع اتفاق تجاري ضخم مع دول منطقة "آسيا المحيط الهادئ".
وشكّل تصويت مجلس النواب، أمس الجمعة، ضربة قاسية لأوباما الذي جعل من اتفاق التجارة الحرة الأولوية الاقتصادية لنهاية ولايته، ولو أنّ الغالبية "الجمهورية" التي تؤيده في المشروع لا يزال بإمكانها إعادة طرح المسألة على جدول أعمال المجلس.
ورفض مجلس النواب بسبب معارضة "الديمقراطيين" نصًا حول دعم موظفين تأثروا من المنافسة نتيجة العولمة، إلا أن هذا النص ولأسباب إجرائية معقدة كان الشرط المسبق لتبني مشروع قانون يتيح اعتماد إجراء سريع هو "ترايد بروموشن أوثوريتي" وهو موضوع الخلاف الحقيقي.
وهذا الإجراء السريع آلية بسيطة من شأنها إرغام الكونغرس على التصويت بالقبول أو الرفض من دون إمكان التعديل لأي اتفاق تجاري توقعه السلطة التنفيذية في حلول العام 2018 أو العام 2021 في حال تمديد العمل بالإجراء.
وكان أوباما يأمل بالاستفادة من السلطات الأوسع لتوقيع اتفاق الشراكة عبر الهادئ قبل انتهاء ولايته الرئاسية في كانون الثاني/ يناير 2017 مع 11 دولة مطلة على المحيط الهادئ من بينها اليابان، إلا أنه وإذا كان يحظى في هذا الملف بدعم غالبية "الجمهوريين"، فقد عجز في المقابل عن إقناع "الديمقراطيين" الذين كان بحاجة لتأييدهم عدديًا.
وحضّ أوباما مجلس النواب على إعادة التصويت "في أقرب فرصة" لتتمكن الشركات الأميركية من "بيع منتجات مصنعة في الولايات المتحدة في سائر أنحاء العالم"، بينما نسب الناطق باسم البيت الأبيض إخفاق الأمس على "تويتر" إلى "بلبلة إجرائية أخرى".
ويريد غالبية النواب "الديمقراطيين" أن يكون لديهم رأي حول مضمون أي اتفاقات تجارية مستقبلية، كما يخشون أن يؤدي فتح الحدود إلى إغلاق مصانع في دوائرهم الانتخابية، ويحيل عدد كبير منهم إلى مثال اتفاق "نافتا" الموقع في العام 1993 مع كندا والمكسيك.
وبررت زعيمة الكتلة "الديمقراطية" نانسي بيلوسي موقفها بالقول: "علينا عدم التسرع فنحن نريد اتفاقًا أفضل للعمال الأميركيين".
وبعد نقاشات مطولة، أقر مجلس الشيوخ ذو الغالبية من "الجمهوريين" الإجراء السريع في 22 أيار/ مايو الماضي، إلا أن الفشل في مجلس النواب يحمل النواب على مراجعة إستراتيجيتهم لتنظيم تصويت جديد محتمل، وقال النائب "الجمهوري" بول راين، إن "أمامه عمل لا يزال يتعين عليه انجازه مع حزبه".
وتم توقيع 15 اتفاقا تجاريًا بفضل إجراء مماثل من قبل الكونغرس منذ العام 1979، كما أن الاتفاق الذي لا يزال قيد التباحث مع الاتحاد الأوروبي يمكن كذلك أن يستفيد من الإجراء السريع، ويدعم أرباب العمل الإجراء بقوة إلا أن أوباما خسر تأييد عدد من حلفائه التقدميين في هذا الملف.
واعتبر النائب "الديمقراطي" كيث اليسون أن الاتفاقات التجارية "ستؤدي إلى إثراء طائل لبعض الشركات المتعددة الجنسية".
وتتركز المخاوف حول آليات التحكيم للبت في الخلافات بين الولايات والمستثمرين من الأفراد كما حصل في البرلمان الأوروبي الذي شهد انقساماً هذا الأسبوع حول مسألة الاتفاق المستقبلي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وكانت أكبر نقابة فيديرالية أميركية "إيه إف إل - سي آي اوه" شنت حملة كبيرة لإفشال التصويت في مجلس النواب أمس، كما أن المنظمات غير الحكومية التي تعنى بالبيئة رفضت المشروع إذ تخشى تراجعًا في المعايير.
ورحب مدير جمعية "سييرا كلوب" مايكل برون بعد التصويت قائلا إنَّ "عهد اتفاقات التجارة الحرة التي تسيء إلى البيئة والعمال شارف على النهاية"، وعلى الصعيد الإنساني، عارضت منظمة "أطباء بلا حدود" اتفاق الشراكة عبر الهادئ إذ يمكن أن يجعل من الصعب الحصول على أدوية رديفة لعلاج السل والملاريا وفيروس نقص المناعة المكتسب.