العمال يواصلون إضراباتهم
القاهرة - علي رجب
ما زال من أجل الحصول على أدنى حقوقهم في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية الحالية، متهمين الحكومة بعدم الاستجابة لمطالبهم، فالإضربات العمالية تخطت الـ100 إضراب خلال المرحلة الماضية، لافتين إلى أن إضراب عمال السكة الحديد لن يكون الأخير، مستنكرين تدخل الجيش في فض الإضراب
بطريقة أو بأخرى، واصفين الأمر بأنه عودة إلى زمن السخرية.
وأكدوا أن الدستور الحالي لا يحمي حقوق العمال، وأنهم سيلجؤون إلى المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بالعمال من أجل الدفاع عن حقوقهم، وإجبار النظام الحاكم على أن يعيد للعمال حقوقهم، وأيضًا حقهم في التظاهرات والإضراب، مشددين على فشل الحل الأمني في التعامل مع الإضرابات العمالية، لافتين إلى أن مصر مهددة بالعودة إلى القائمة السوداء الدولية في التعامل مع الحريات العمالية.
وقال المنسق العام لدار الخدمات النقابية كمال عباس: إن إصدار أي قانون لن يقضي على الإضرابات العمالية، وإذا كان الدستور أراد تقييد الإضربات وجعلها جريمة إذا تعدى حاجزًا معينًا فإنه سوف يزيد من حالات الإضراب، وإذا كانت الحكومة جادة في القضاء على الإضرابات فعليها أن تستجيب لمطالب العمال في مختلف القطاعات.
وأوضح عباس لـ "العرب اليوم" أن العمال يرفضون هذا الدستور، لن يوقف الاضربات العمالية، فالمجلس العسكري أصدر قانونًا لتجريم الإضربات، ولكن أمام إرادة العمال فشل هذا القانون، وها هو أيضًا دستور الإخوان الذي أصبح حبرًا على ورق، لافتًا إلى أن العمال سيواصلون النضال من أجل الحصول على حقوقهم.
وأضاف أن الخدمات النقابية قامت بتقديم شكوى إلى منظمة العمل الدولية من أجل الدفاع عن حقوق العمال، وإذا لم يكن هناك تعديل في الدستور وقوانين التظاهر والإضربات وفقًا لمواد 87 و98 التي تنص على المواثيق الدولية والخاصة في حريات النقابات العمالية وتنظيم الإضرابات فان مصر مهددة بالعودة إلى لقائمة السوداء خلال شهرين على أكثر تقدير، مؤكدًا أن الطريقة الوحيدة للتصدي للقوانين المقيدة للحريات هو كسرها, وطالب العمال بمواصلة اعتصاماتهم وإضرباتهم من أجل انتزاع مطالبهم المشروعة، مطالبًا الحكومة بالبحث عن حلول لمشاكل العمال بدلاً من وضع قوانين تستهدف قمع حريتهم في التعبير عن الرأي.
وعلقت المتحدثة باسم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي منى عزت على الأنباء التي ترددت عن تدخل الجيش في فض إضراب سائقي السكة الحديد، قائلة "إنها المرة الأولى التي تتدخل فيها القوات المسلحة وبشكل سافر لفض إضراب سائقي السكة الحديد، ليس بالقوة كما كانت تفعل في السابق، وليس بأوامر القبض عليهم بتهم الإضراب أو التحريض على الإضراب (وهو ما حدث مع 16 سائقًا بالفعل ضمنهم 13 من طنطا)، ولكن عن طريق إصدار قرار باستدعاء المئات من السائقين لتكليفهم بالعمل في القوات المسلحة بالصفة العسكرية لصالح إدارة النقل، وهو ما يعتبر أمرًا مخالفًا للقانون لأن التكليف يجب أن يكون في أوقات الحرب أو الأزمات".
وأوضحت لـ "العربمصر اليوم" أن تلقي السائقين أوامر تكليف صادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وتهديدهم بالحبس 6 شهور أو الغرامة هو انتكاسه في حقوق العمال والحريات النقابية والعمالية، وعودة إلى زمن السخرة، مضيفًا أن الحكومة المصرية بدلاً من التفكير في كيفية تنفيذ مطالب العمال، والتي هي التعبير الحقيقي عن العدالة الاجتماعية، التي هي أحد شعارات الثورة الأساسية، ظلت الحكومة عامين تبتكر الطريقة تلو الأخرى لمحاولات كسر الحركة، فتارة بالتشهير بأن العمال يركبون الثورة ويطالبون بمطالب فئوية، وتارة بممارسة كل أشكال التعسف بالفصل والحبس بتهم الإضراب، لافتًا إلى أنه عندما فشلت كل طرقها في كسر الحركة العمالية، وإيقاف إضرابات واعتصامات العمال السلمية من أجل حقوقهم، رغم ترسانة القوانين التي أصدرتها لتجريم الاعتصامات والإضرابات والتظاهرات، الآن تلجأ الحكومة للجيش من دون وجه حق، فلا يحق لا للجيش ولا للحكومة إصدار أوامر تكليف لأحد (خصوصًا وأنهم تعدوا سن الـ 35 سنة) سوى في حالات محددة مثل الحروب وغيرها، على أن يصدر من رئيس الجمهورية إعلان للتعبئة العامة وهو ما لم يحدث. وعليه فإن ما يحدث الآن هو محاولة لإرهاب السائقين حتى يمتنعوا عن ممارسة حقهم في الإضراب، وهو حق منصوص عليه في الدستور، وإلا فسيحاكمون عسكريًا.
فيما قال المستشار القانوني لحركة استقلال جامعة عين شمس المحامي صالح حسب الله لـ "مصر اليوم": إن القوات المسلحة ترسل خطابات للسائقين المضربين عن العمل للعمل في القوات المسلحة لصالح مرفق النقل، وهذا القرار يخالف القانون والدستور وهو جريمة، هو يخالف نص المادة 63 من الدستور التي أوجبت أنه لا يجوز إجبار المواطن على أي عمل إلا بالقانون، وأن الذين تم استدعاؤهم لا بد أن يكلفوا بعمل يخص السلاح الذي كان كل منهم يعمل فيه وفي تخصصه وقيادة القطارات، مضيفًا أنه ليس من اختصاص القوات المسلحة في حالة امتناع الموظف عن أداء هذا العمل أن يحاكم وفقًا للمحاكم العسكرية، هو يقوم بعمل مدني لا علاقة له بالقوات المسلحة، ترتب على هذا الأمر محاكمة المضربين على العمل أمام المحاكم العسكرية وهو ما يعد التفافًا وتحايلاً على القانون من أجل قمع حق أصيل لكل عامل وهو حقه في الإضراب.
ورأى منسق اللجنة التنسيقية في الصعيد بركات الضمراني أن العمال هم الطبقة الأكثر تضررًا من دستور "الإخوان" مع أنهم أكثر من عانى من النظام البائد، وهم من كانوا الشرارة الأولى للثورة بعد أن تزاوجت السلطة مع رأس المال وبيعت المصانع، وإذا بالدستور الإخواني لم يأت بجديد، بل كمن دس السم في العسل، وكله باسم الدين، مضيفًا أن هذه المواد لن توقف العمال عن الحصول على حقوقهم المشروعة التي يطالبون بها رغم تقييدها في الدستور، فالعمال سوف يظلون يتظاهرون ويضربون من أجل الحصول على حقوقهم التي تنص عليها المواثيق الدولية.
وتابع الضمراني لـ "مصر اليوم": "رغم أن المادة 63 من الدستور جعلت إضرابات العمال محجمة إلا أن العمال سوف يستمرون في نضالهم من أجل الحصول على حقوقهم، والتى تعد من أعلى مراتب التعبير عن المطالب العمالية بالإضراب كي تجبر أصحاب المصانع والشركات والمنشآت على النظر في المطالب العمالية، كما أن مشايخ مصر القادمين من خلف الجدران يسنون الآن ما هوأاخطر للعمال، وهو ما يسمى بقانون حماية التظاهرات، ولم يكلفوا خاطرهم لدرس أسباب التظاهر، ومن ثم لا يصبح الاحتياج لمثل هذا القانون الذي يكبل الحريات العمالية، وما زال العمال ينتظرون المزيد على يد مجلس منتخب من حفنة من الشعب ومطعون عليه".
وقال المحامي في المركز المصري محمد عادل: الدولة تجاوزت في الإضراب الأخير بإصدار قرار بالتعبئة العامة وإصدار أمر تكليف رقم 1 لسنة 2013 طبقًا لأحكام القانونين 87 لسنة 1960 ، 12 لسنة 1999 في شأن التعبئة العامة، ومفاد هذا الأمر هو تكليف المبلغين من العمال المضربين بالعمل في القوات المسلحة بالصفة العسكرية لصالح إدارة النقل، وطلب منهم تسليم أنفسهم، الثلاثاء 9 نيسان/ أبريل، من الساعة الثانية عشرة ظهرًا لمركز التعبئة للمكلفين بالفوج 39 سكة حديد.
وهدد القرار العمال بالحبس 6 أشهر وغرامة 5000 جنيه إذا تخلفوا عن الحضور، كما أجبرت قوات خاصة بعض العمال في اليوم السابق بكسر إضرابهم وتشغيل القطارات جبرًا، مشددًا على أن مثل هذا الأمر المتضمن استدعاء موظفين للعمل في وزارة الحربية لا يمكن صدوره إلا في حالة إعلان التعبئة العامة التي لا تعلن إلا بقرار من رئيس الجمهورية في حالات، توتر العلاقات الدولية أو قيام خطر الحرب أو نشوب حرب أو حدوث كوارث أو أزمات تهدد الأمن القومي، علاوة على أن ممارسة الاختصاصات المترتبة على إعلان حالة التعبئة العامة لا يمكن أن يتم إلا بواسطة الوزير المختص أو مجلس الدفاع الوطني، وهو ما لم يحدث مما يوجب إلغاء القرار أولاً ومعاقبة مصدره بالحبس والغرامة كما ينص القانون.
وأكد عادل أن الدولة المصرية تقف الآن على المحك بين الالتزام بدولة القانون أو العصف بالقانون واستخدام القوى الغاشمة، بين الالتزام بالمواثيق الدولية لحقوق الانسان، والالتزام بحقوق الحركة العمالية والفقراء أو الاستمرار في تجاوزها وانتهاكها. فتنتهك الدولة حقوق عمالها في التنظيم والتظاهر والإضراب في هذه الاجراءات، بل وتذهب بالقرار المطعون عليه إلى فرض العمل الجبري على العمال المضربين متجاوزة جميع الأطر القانونية والأعراف في هذا المجال، ولذا يحذر المركز المصري من هذا الاتجاه، ويعلن تضامنه الكامل مع عمال السكة الحديد المضربين ومطالبهم.
فيما تقدم محامو المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدعوى طعن رقم 40149 لسنة 67 قضائية موكلة عن بعض سائقي السكة الحديد المضربين، ضد كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع الإنتاج الحربي، ورئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومدير عام الإدارة العامة للحاجات التعبوية، لإلغاء قرار رئيس الوزراء طعنًا على قرار مدير عام الإدارة العامة للحاجات التعبوية الصادر بتكليف المدعين بالعمل في القوات المسلحة المصرية لصالح إدارة النقل، وهو إجراء استثنائي لا يتخذ إلا في حالات الحرب والطوارئ القصوى.