مهرجان برلين السينمائي

يبدو أن أخبار السينما هي وحدها التي تحمل الأمل في هذه الأيام إلى اللبنانيين. فدخول أكثر من عمل لبناني في مهرجان برلين السينمائي، ينعكس إيجاباً على المواطن، الذي باتت همومه ومشكلاته تصلح لصناعة أفلام سينمائية طويلة.فبعد الإعلان عن دخول فيلم «دفاتر مايا» للمخرجين جوانا حاجي توما وخليل جريج هذه المسابقة، فيلم سينمائي لبناني آخر يدخل على خط المنافسة للمخرج اللبناني جورج بربري بعنوان «ع أمل تجي».وهذان الفيلمان لا يشكلان وحدهما الخبر المنتظر لدى المهتمين بهذه الصناعة في لبنان. فالمخرجة إليان الراهب ستشارك أيضاً في المهرجان المذكور ضمن قسم «البانوراما» من خلال فيلمها «حرب ميغيل». وكذلك الأمر بالنسبة لهايج إيفازيان الذي يدخل مهرجان برلين الدولي في عرض فيديو تشكيلي له بعنوان «كل نجومك تضع التراب على حذائي». وتأتي مشاركته ضمن قسم «المنتدى الموسع» في دورته الـ16 التي تحل في الدورة الـ71 في المهرجان المذكور.

يتناول فيلم «ع أمل تجي» مرحلة الانتقال من الشباب إلى الرجولة مع حيثيات وتفاصيل الجوانب العاطفية التي ترافقها. مدة الفيلم 86 دقيقة وهو الأول لمخرجه وكذلك لمنتجتيه رين سمعان وكريستيل يونس عبر شركتهما «bee on set productions». أما فريق التمثيل فيتألف من عدنان خباز وإتيان عسل وإلياس سعد وجان بول فرنجية وفيروز أبو حسن وثريا بغدادي.ويحاول المخرج اللبناني جورج بربري المولود في الأرجنتين، الإضاءة من خلال عمله هذا على فترة عمرية انطلاقاً من تجربته الخاصة. فهو يرى أنه لمس حاجة لتناول هذا الموضوع لأنه على اقتناع بأن الكثير من الشبان يمرون بها والمقصود فيها تسليط الضوء على عدم معرفة مواجهة الحياة في هذه المرحلة.

يتألف فريق الفيلم بمجمله من الشباب اللبناني المتعطش لترجمة طموحاته في عمل ناجح. فكما المخرج بربري (32 سنة)، كذلك الأمر بالنسبة لمنتجتيه كريستيل ورين والممثلين، الذين تركوا أعمالهم في الحياة للتفرغ للفيلم. وتقول كريستيل يونس ، «يعد الفيلم باكورة أعمالنا الإنتاجية رين وأنا. وتحمسنا كثيراً للقيام بهذه الخطوة بعدما اطلعنا على قصة الفيلم التي لم يسبق أن تم تناولها في عمل سينمائي لبناني. فأن نبدأ رحلتنا المهنية مع عمل رُشح لدخول مهرجان برلين السينمائي لهو إنجاز كبير نفتخر به».سيطل الفيلم في عدة مهرجانات سينمائية أخرى عربية وغربية، وتوضح يونس: «لن يرى النور في الصالات قبل نحو عام. وفي هذا الوقت سيشارك في مهرجانات عديدة في المغرب والإمارات العربية وتورونتو وغيرها».صُور الفيلم في مدة 11 يوماً بينها 4 أيام خصصت للعمليات التقنية التي تغلفه. اختار المخرج بلدته الأم البترون لتصوير مشاهده متخذاً من بحرها محوراً أساسياً. وتعلق كريستيل: «رغب جورج في التركيز على البحر بشكل عام للإشارة إلى مدى انغلاقنا ومحدودية أفكارنا، مقابل مساحة زرقاء واسعة لا حدود لها، كان يجب أن تنعكس علينا بشكل إيجابي أكبر، وتفتح أعيننا على أمور الحياة بأسلوب أوسع».

مؤسسة «آفاق» التي تبرعت للمخرج بمبلغ 25 ألف دولار شكلت مساهمتها هذه حجر الأساس الذي كان ينتظره بربري للانطلاق بالفيلم. وتقول يونس: «هو مبلغ رمزي ولكنه كان كافياً لتحفيزنا وللانطلاق بالعمل. وجميع الذين شاركوا في الفيلم مشكورون لأنهم بمثابة متطوعين. فحماسهم وحبهم للبنان دفعهم للقيام بهذه الخطوة من دون مقابل. فهو عمل سينمائي يشبهنا ويخاطبنا بلسان حالنا، وحواراته تدور بلغتنا الشعبية، التي نستخدمها في يومياتنا. فكان من الجميل جداً أن نقدم منتجاً لبنانياً يعرف عنا كلبنانيين، وعن أحلامنا وتطلعاتنا المستقبلية. فإنتاجه لم تسكنه حسابات مادية بل مهارات فنية نريد أن نسلط الضوء عليها عربياً وعالمياً».وتشير يونس الذي يلمس محدثها حماسها وتفاؤلها بالفيلم إلى أن «كل ما يدور حولنا لا يسمح لنا بأن نحلم ونتوقع الكثير. ولكننا وعلى عكس ذلك فإننا كفريق عمل متفائلون، ونأمل أن يحقق الفيلم الكثير من النتائج الإيجابية».

وعن سبب إطلاق اسم «ع أمل تجي» على الفيلم تقول يونس، «يحمل الفيلم ثلاثة عناوين بالفرنسية والإنجليزية والعربية. ورغبنا في عنوانه العربي استخدام هذه العبارة التي نرددها كثيراً في يومياتنا. كأن نقول (ع أمل يجي الفرج) أو (يجي الخير)، وما هنالك من عبارات تشبهها. فنحن شعب لا يموت رغم كل الأزمات التي يمر بها. نتطلع إلى الغد بعين مشرقة متأملة وطامحة لا شيء يمكن أن يهز عزيمتنا».تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي يرتكز على أبطاله، الشباب الأربعة، يحاول مخرجه بربري أن ينقل أفكاره الشخصية إلى المشاهد من خلال الممثل الرئيس للفيلم إتيان عسل. وتشرح يونس: «ما نعنيه هنا هو أن المخرج يحضر في مجمل الفيلم من خلال خلفية صوتية للممثل الرئيس ضمن تعليقات له على مشهد معين. وهو أراد بذلك أن يوصل رسالة أساسية محورها عدم ممارسة الحكم المسبق على الآخر. فلا يمكن لأحد أن يعرف خلفية وتركيبة ومعاناة شخصيات نلتقي بها.وهذه التعليقات التي تجري ضمن مشاهد من الفيلم يمكنها أن تبرز تقلبات الحياة، ومفاجآتها وتناقضاتها وانعكاساتها على صاحبها. فتصبح الصورة عنه أكثر وضوحاً بحيث يولد الفيلم عندنا الشعور بضرورة إعطاء الآخر الفرصة بدل أن نصدر عليه أحكاماً سابقة».

قد يهمك أيضا

منح محمد رسولوف جائزة "الدب الذهبي" في مهرجان برلين السينمائي

فوز فيلمين من إنتاج ألماني لبناني مشترك بجائزة فيلم على هامش مهرجان برلين السينمائي