روما - لبنان اليوم
كانت قد بدأت جولة فنية لتقديم قراءات مسرحية من رسائل ومذكرات مغنية الأوبرا ماريا كالاس، لكن «كورونا» أطل برأسه وأجبر الممثلة الإيطالية على وقف الجولة، واصطحاب ابنتيها ديفا وليوني، والمكوث في منزل على المحيط بمقاطعة الباسك، جنوب غربي فرنسا، في انتظار انصراف الفيروس القاتل. ورغم السحر الطبيعي الذي يتمتع به ساحل المنطقة، فإن مونيكا بيلوتشي اختارت هذا الموقع لكي لا تحرم ابنتيها من رؤية والدهما؛ طليقها الممثل فنسان كاسيل الذي يقيم في الجوار.
وتلتزم مونيكا بشروط العزلة الصحية بشكل كامل، وتفرضها على ابنتيها البالغتين من العمر 15 سنة و9 سنوات. وفي مقابلة هاتفية لها مع مجلة «باري ماتش»، أوضحت أنها لا تشعر بالضيق بسبب الحظر لأنها في الأساس كائن «بيتوتي»، لكنها تقلق بشدة بسبب الوباء، إذ قالت: «كيف لا أحزن إزاء ما نراه من أحداث معقدة رهيبة لا سابق لها. إن وطني إيطاليا هو صاحب المصاب الأكبر في أوروبا، وعائلتي هناك بخير، لكنني بعيدة عنهم، بالإضافة إلى معارفي وأصدقائي وزملائي كافة في روما. بالتأكيد أعيش في خوف بسبب هذه اللحظة الخطيرة، وفي الوقت نفسه أثق كثيراً بالأطباء، وبأن العلماء سيعثرون على الدواء المطلوب، ثم على اللقاح. وفي انتظار ذلك، فإننا في حالة جمود وترقب. وكما قال الممثل الكاتب إدوارد ودي فيليبو المقيم في نابولي، فإن الليل لا بد أن ينقضي، وسنشهد واقعاً جديداً بالتأكيد».
الممثلة البالغة من العمر 55 عاماً، التي كانت قد وصفت بأنها أجمل امرأة في العالم، تمضي أيام الحظر وفق إيقاع ابنتيها، فهما تتلقيان الدروس عبر الشاشة، وهي تراقبهما بعين لا تغفل لكي لا تتهربا من الواجبات، وترى أن التأطير ضروري. أما بقية الوقت، فإنها تمضيه في مشاهدة الأفلام، وقراءة عدد من السيناريوهات. عدا ذلك، فإنها تطيع التعليمات، وتلتزم بعدم مغادرة البيت. ومن المؤكد أن تشتاق مونيكا للعودة إلى استوديوهات التصوير، حيث ينتظرها فيلم للأخوين المخرجين فوينكينوس، يتألف من عدة حكايات حول الخيالات العاطفية. كما تأمل أن تستأنف جولتها الفنية التي تستعير فيها صوت ماريا كالاس وانفعالاتها. لذلك فإنها تخصص وقتاً لحفظ دورها في المسرحية باللغة الإيطالية، بعد أن أدتها بالفرنسية. وهناك عروض كانت مقررة في إيطاليا.
ولأنها تحب المكوث في البيت، ولا تعده مشكلة، فإن أسابيع الحظر تعيد إلى بالها طفولتها في ريف إيطاليا، مع والديها وأبناء الأعمام والجدة العجوز. هذا مع الفارق بين تلك العيشة البيتية الاختيارية وبين ما يعانيه العالم اليوم من عزل إجباري. كانت العائلة هي العالم كله، وكانت القرية هي النقيض لأجواء العمل في السينما، وما يرافقها من أضواء وضجيج. لقد أمضت عقوداً من عمرها وهي تتنقل بين الفنادق والمطارات والحفلات وأماكن التصوير.
وتحاول مونيكا تعليم ابنتيها ضرورة رؤية الجانب الإيجابي من الصورة. فالمرء يكتئب حين يتابع الأرقام اليومية لانتشار المرض وتزايد أعداد الضحايا. لذلك لا بد من موازنة الهلع باكتشاف المعاني البسيطة والأساسية للعيش، التي كان الناس يهملونها أو يمرون بها مرور الكرام، مثل العائلة والصداقة والحب. وتكشف في المقابلة أنها نموذج للأم الإيطالية التقليدية التي تضم أولادها تحت جناحيها مثل الدجاجة، وتقول: «هناك نساء يستطعن تحقيق وجودهن بشكل رائع من دون أطفال. أما أنا فإن ما يمنح وجودي معناه هو هاتين البنتين. لقد خُلقت لكي أحبهما. وأنا واثقة أن هذا الحب يمنح حياتي صلابة للآتي من الأيام. والحب هو الهدية التي تلقيتها من أبويّ. لقد كانا شديدي الحماية، لكن علي الاعتراف بأنهما تركا لي مجالاً واسعاً لكي أكون معتمدة على نفسي. وقد بدأت عرض الأزياء في سن السادسة عشرة، وكنت أسافر إلى ميلانو وإلى باريس، ثم أعود بكل تعقل إلى مدرستي الثانوية لأواصل تعليمي. ولعل تلك التربية المستقلة وحرية الذهاب والإياب هي ما سلحني لحياتي التالية، أي للمغامرة والعمل في السينما، وأيضاً الانكفاء الضروري نحو الأمان العائلي».
قد يهمك أيضا: