البندقية - لبنان اليوم
ترتدي فينيسيا أروع حللها الفنية والجمالية هذه الأيام، وتتجمل شوارعها وميادينها وتستعد قنواتها وجنادلها لاستقبال زوارها من المشاهير، ولقاء مبدعي الفن السابع من كل مكان بالعالم في إحدى أكبر اللحظات الإبداعية السنوية بالعالم من خلال مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي Venice Film Festival (باللغة الإيطالية " Mostra Internazionale d'Arte Cinematografica di Venezia ) والذي يطل علينا خلال الفترة من 28 أغسطس وحتى 7 سبتمبر من العام 2024
بحسب الموقع الرسمي للمهرجان، فمهرجان البندقية السينمائي الدولي هو الأقدم بالعالم وأحد المهرجانات السينمائية الدولية "الخمسة الكبار" في جميع أنحاء العالم، والتي تشمل مهرجانات الأفلام الأوروبية الثلاثة الكبرى وهي: مهرجان كان السينمائي في فرنسا، ومهرجان البندقية السينمائي في إيطاليا، ومهرجان برلين السينمائي الدولي في ألمانيا، إلى جانب مهرجان تورونتو السينمائي الدولي في كندا ومهرجان صندانس السينمائي في الولايات المتحدة.
على أنه يظل مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي أرقى وأهم المهرجانات السينمائية والفنية المتخصصة. وبطبيعة الحال، فقد شهد المهرجان بتاريخه الطويل منذ القرن الماضي العديد من الأحداث والفعاليات التي امتزجت فيها الفنون والثقافة بالاقتصاد، فقد تأسس المهرجان بالعام 1932، وكان الهدف منه إعادة إيطاليا إلى مكانتها كزعيم سينمائي عالمي بعد الحرب العالمية الأولى التي شهدت بزوغ نجم الولايات المتحدة على كافة الصُعد خاصة الفنية والإبداعية، فقد اقتحمت الولايات المتحدة مجال الفنون البصرية بأوسع أبوابه، واستطاعت أن تنافس وتفوز بقوة منذ بداية القرن الماضي، ومن ثم أرادت إيطاليا استعادة ريادتها وألقها فقامت بتوفير وإنشاء فضاءات ومساحات مخصصة ومتخصصة للفعاليات (قصر السينما) ليتم عرض الأفلام التي أصبحت كلاسيكيات خالدة لأول مرة، كما ينظم المهرجان عروضاً لأفلام وتكريمات لشخصيات بارزة أثرت الإبداع السينمائي بمختلف مجالاته.
وهدف المهرجان منذ بدايته وحتى اليوم هو رفع مستوى الوعي بالفن السابع وصناعته.، والترويج للسينما العالمية بجميع أشكالها كفن وترفيه، ودعم روح الحرية والحوار بين الفنانين والمثقفين، وسعى المهرجان للمساهمة في فهم أفضل لتاريخ السينما.
وبحسب موقع vivovenetia-com، فقد أسس مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي جوزيبي فولبي، عضو الحزب الإيطالي الوطني بالاتفاق مع المنتجة الشهيرة مارينا سيكونجنا، في البندقية (فينيسيا) في أغسطس 1932، حيث أقنع فولبي الرئيس الإيطالي موسوليني بإنشاء مهرجان سينمائي ليجذب أنظار العالم نحو إيطاليا ولا يترك الميدان للولايات المتحدة الناشئة فنياً لتستحوذ على كعكة الفنون بالعالم، وقد لعب الكاتب والناقد والفنان الإيطالي الشهير فيتوريو بيكا دوراً أساسياً في إنشاء بينالي البندقية ونشره، حيث كان أميناً لعدة طبعات.
بنسخة أولى مذهلة أقيمت في فندق إكسلسيور الرائع في جزيرة ليدو وتم الترويج للنسخة الأولى للمهرجان من قبل أهم الشخصيات السياسية والثقافية العالمية، وحظيت بدعم كامل من الحكومة الإيطالية والتي وجدت في هذا الأمر وسيلة دعاية قوية لها (كما ذكرنا)، وقد كان المهرجان في ذلك الوقت حدثاً فريداً من نوعه، فقد تم الترويج له باعتباره مشروعاً فنياً وثقافياً يشرك الناس في رؤية الإنتاجات المتنافسة فعلياً.
وكان المهرجان في البداية جزءاً من بينالي فينيسيا الخاص بالفن التشكيلي في ذلك العام، (أحد أقدم المعارض الفنية في العالم، الذي أنشأه مجلس مدينة البندقية في 19 أبريل 1893، وكان يتضمن نطاق الأعمال التشكيلية في مجال الفن الإيطالي والعالمي، والهندسة المعمارية) ثم استقل عنه عندما أصبحت صناعة السينما بمثابة "الفن السابع "، قرر مديرو البينالي أن يخصصوا لهذا الفن "التكنولوجي" الجديد حدثاً منفصلاً يقام اليوم كل عام، وأضيف إليه الموسيقى والمسرح والرقص، وكان ذلك بثلاثينيات القرن العشرين.
وكان المهرجان في نسخته الأولى غير تنافسي وأقيم تحت اسم "المعرض الدولي للفن السينمائي"، ضم العديد من الأفلام الشهيرة، مثل فيلم Frankenstein للمخرج جيمس ويل، وشهدت مشاركة نجوم عالميين مثل جريتا جاربو وكلارك جيبل. أول فيلم تم عرضه في 6 أغسطس 1932 كان فيلم دكتور جيكل والسيد هايد لروبن ماموليان.
لم يقم المهرجان بالعام التالي مباشرة، ولكنه عاد بعد عامين، ولكن هذه المرة ببعد تنافسي، فقد شاركت تسع عشرة دولة، وتم تقديم جائزة تسمى كأس موسوليني (كأس موسوليني) لأفضل فيلم أجنبي وأفضل فيلم إيطالي، وقد كان المهرجان شائعاً جداً لدرجة أنه أصبح حدثاً سنوياً في عام 1935، وتم منح كأس فولبي - الذي يحمل اسم مؤسس المهرجان الكونت جوزيبي فولبي - لأفضل ممثل وممثلة لأول مرة.
وبعد الحرب العالمية الثانية وبعد هزيمة إيطاليا تم إيقاف كأس موسوليني واستبداله بأعلى تكريم في المهرجان ليون دورو (الأسد الذهبي) الجائزة الكبرى في عام 1968.
وعانى مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي من فترة طويلة من الركود بسبب الاحتجاجات الطلابية بسبب ما اعتبروه تسليعاً متزايداً للفن؛ ونتيجة لذلك، لم يتم منح أي جوائز سينمائية في الفترة 1969-1979، وتأثرت سمعة المهرجان لفترة وجيزة.
وبمرور السنوات استعاد المهرجان ألقه بالكثير من المشاركات الرائعة من قبل عظماء المبدعين في مختلف مجالات العمل السينمائي، ومع حلول أوائل القرن الحادي والعشرين، كان المهرجان يعرض أكثر من 150 فيلماً كل عام ويفتخر بمتوسط حضور سنوي يزيد عن 50000 من محترفي السينما وعشاق السينما.
ويمنح مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي بالإضافة إلى كأس ليون دورو (الأسد الذهبي) وكأس فولبي، عدداً من جوائز التحكيم الأخرى منها ليون دارجينتو (الأسد الفضي)، والذي يُمنح لإنجازات مثل أفضل إخراج وأفضل فيلم قصير، وكذلك للمركز الثاني بين الأفلام المتنافسة على جائزة ليون دورو، وما زال المهرجان يحظى بذات ألق وسحر النسخة الأولى منه مع كثير من التطور والنمو لينافس كبرى مهرجانات العالم.
قد يُهمك ايضـــــًا :
الصندوق الثقافي يُشارك في مهرجان "كان" لتعزيز دوره في تنمية قطاع الأفلام السعودي