القاهرة - لبنان اليوم
كتب الشاعر عبد الرحيم منصور ما يقرب من 225 أغنية وأكثر في الفترة من حرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر العظيم، وأغلب هذه الأغاني شاركه فيها الموسيقار الكبير بليغ حمدي، لكن الأبرز هي أغنية "أنا على الربابة بغني"، التي ما زالت تتردد بين الأجيال في كل ذكرى لنصر أكتوبر.
لم يقتنع "منصور" و"بليغ" أن الأغنية تنتهي عند ترديدها على ألسنة الناس وإنما كانا يقولان إن الأغنية مثلها مثل الجندي الذي يقف على الجبهة، فالأغنية جندي من جنود الحرب، ولابد أن تصل إلى كل الناس وأن تكون هناك في الميدان أيضا، وأن يرددها بعزم حقيقي كل الناس بجميع فئاتهم وطوائفهم ومستوياتهم الاجتماعية، وبالرغم من عدم تأمين مبنى الإذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت إلا أن "منصور" و"بليغ" أصرا على التواجد هناك طوال فترة الحرب.
وليس الإثنين فقط وإنما كان معهم الصوت الجزائري الجبار وردة الجزائرية والعالم العربي أجمع "وردة" وفرقة بليغ بأكملها، عسكروا جميعًا هناك.
كتب "منصور" العديد من الأغاني التي لحنها "بليغ" على الفور وقامت "وردة" بغنائها، ولم يلتفتوا جميعهم إلى التهديدات الكثيرة التي جائتهم بخصوص عدم تأمين المبني في الأجواء غير الآمنة وقتها.
وعبر جنودنا الأحرار، وتحقق ما عمل لأجله "منصور" و"بليغ" لمدة أيام طويلة، وهو أن الأغنية مثلها مثل الجندي الذي يحارب على الجبهة، فأول كلمات عبروا عليها هي "بسم الله.. الله أكبر.. بسم الله... أذن وكبّر.. بسم الله".. والتي تعد النشيد الوطني للعبور العظيم.
ذهب بعدها "منصور" إلى بيته بعد غياب أيام كثيرة عنه كان ماكثًا في مبنى الإذاعة مع "بليغ"، وبعد أن اطمأن على العبور في أول لحظاته قرر أن يرتاح ساعات قليلة بعد سهر أيام طويلة.
ولم يلبث أن يغمض عينيه ساعتين، ومن شدة الطرق أوشك باب شقة عبدالرحيم منصور على الكسر، فأسرع "منصور" لفتح الباب وإذا بـ"بليغ" ومحمود حلمي "مدير أعمال عبدالرحيم منصور" يقفان على الباب والفرحة تهلل أسارير وجههما، و"منصور" لا يهتم في تلك اللحظة سوى بالنوم الذي سرق من عينه.
قال "منصور" وقتها لـ"بليغ": "في ايه يا بليغ بس ما صدقت أنام!!".
فقال "بليغ" بصوت متقطع سريع للغاية يكاد لا يجمع حروف الجملة من كثرة السرعة: "أصحى وصحصح وفتح عينك يا رحمي إحنا عبرنا وانتصرنا"..
فرح "منصور" فرحًا عظيما وقال بصوت خافت: "آآآآآآه.. يابوووووي.. نفسي كنت أبقى في البلد دلوقتي.. بس أروحها إزاي...يابووووي"
فقاطعه "بليغ" قائلا: "كنت هتعمل أيه يا رحمي؟.. قولي لو كنت في البلد كنت هتعمل أيه؟".
فقال له: "يابووووي... كنت همسك ربابة وأغني بيها في كل البلد".
وهنا قال "بليغ" في شغف شديد: "اكتب دا بسرعة يا عبدالرحيم.. خد ورقة وقلم واكتب بسرعة".. ووقف في انتظار وترقب ما سيكتبه عبدالرحيم منصور.
وبالفعل كتب منصور:
وأنا على الربابة بغني
م أملكش غير أني أغني وأقول
تعيشي يا مصر
حلوة بلادي السمرا
بلادي الحرا
بلادي
وهكذا كانت "وأنا على الربابة بغني" التي تغنى بها أجيال الأجيال بعدهم.. رحم الله المبدعين عبدالرحيم منصور وبليغ حمدي.
قد يهمك ايضاً
7 اختلافات بين فيلم "الطريق إلى إيلات" والقصة الحقيقية و“شخصية مادلين