القاهرة ـ لبنان اليوم
مات كنزو تاكادا، واحد من أهم المصممين العالميين وعراب الموضة اليابانية في مستشفى بباريس، المدينة التي أحبها وأحبته أول من أمس. لم يمت هانئا في نومه كما كان يتمنى، بل ذهب ضحية «كوفيد - 19». كنزو تاكادا الذي لم تفارق الابتسامة وجهه يوماً حتى تخاله وُلد بها وبأنها جزء من تقاطيع وجهه، انسحب من ساحة الموضة في عام 1999 بعد 6 سنوات من استحواذ مجموعة «إل في إم أش» على داره في عام 1993.
لكنه لم يغب عن العين أو الذاكرة. فهو حاضر دائماً في عروض باريس، إضافة إلى أن تأثيره على الموضة كان ولا يزال واضحاً في صخب الألوان والطبعات التي كان يقول دائماً إنه يريدها أن تدخل السعادة على كل من يراها، ولا سيما على المرأة التي ترتديها. هذه اللوحات الغنية بالألوان هي أيضاً التي شجعت باريس على احتضانه بحرارة في عام 1964 عندما قدم إليها أول مرة كشاب جامح بالآمال والأفكار.
جاء محملاً بإرث ياباني غني، غربله محتفظاً بجمالياته وسحره فقط، ثم أضاف إليه نكهة باريسية كانت تثيره كشاب متمرد على كل ما شب عليه. هذه الخلطة كانت وراء نجاحه على المستوى العالمي، علماً بأن تخلُصه من قيود التقاليد اليابانية، بكل ما تميل إليه من تحفظ في الألوان أو القصات، أكسبه حب اليابانيين الشباب قبل الغرب. عانق الأحجام الضخمة والنقشات المتضاربة والألوان الصاخبة، كما لم يتقيد بالخطوط الفارقة بين ما هو نسوي أو ذكوري... فتميز.
لكن الطريق لم يكن دائماً مفروشاً بالورود بالنسبة للشاب القادم من الشرق. فبالإضافة إلى أنه لم يكن يتكلم الفرنسية على الإطلاق عندما قدم إلى باريس على متن باخرة، كان في عام 1970 وحين قدم أول تشكيلة له في أسبوع باريس بشكل رسمي، كان فقيراً إلى حد أنه اشترى أرخص قماش موجود في السوق ومن محلات متعددة. ولكي يغطي على هذا النقص وهذا المزيج غير المتجانس في نوعية الأقمشة، دمج النقشات المتضاربة مع بعض بشكل مقصود، مثل الورود مع الخطوط الهندسية والمربعات مع رسمات تجريدية إضافة إلى تقنية الباتشوورك. كان هدفه أن يجعل القماش كافياً لتقديم تشكيلة متكاملة، ولم يكن يتوقع أنها ستُدخله التاريخ.
كانت غريبة وجديدة في الوقت ذاته، إذ إن تناقضها كان متناغماً وصخبها مريحاً للعين. كانت واحدة من أكثر التشكيلات تقليداً واستنساخاً ذلك العام. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت عروضه من الفعاليات الأكثر إثارة إلى حد أن لا أحد كان يتجرأ ويتذمر بسبب تأخرها إلى نحو 3 ساعات في بعض الأحيان. رغبته في إدخال السعادة على الغير لم تقتصر على الأزياء، بل أيضاً على إخراج هذه العروض التي لم يكن يبخل عليها بالموسيقى الحية والتعاون مع مغنيين عالميين، وكأنه يريد أن يُعوض عن سنوات التقشف التي عاشها في بدايته.
ولا يُنكر أحد أن ما حققه من نجاح على المستوى العالمي كان له الفضل في فتح العيون على السوق الياباني كما عبَد الطريق أمام العديد من المصممين اليابانيين للهجرة إلى الغرب، من أمثال إيسي مياكي وياماموتو وغيرهما. تأثيره وصل أيضاً إلى البلجيكي دريز فان نوتن والأميركي مارك جايكوس اللذان تأثرا بفنيته وأسلوبه في ترويض المتناقضات.
قبل وفاته كان كنزو تاكادا يعمل على تصميم ملابس مسرحية «مدام باترفلاي» في طوكيو. ورغم أن الزمن رسم أخاديده على وجهه وأثر على خطواته، لكنه لم يأخذ شيئاً من حبه للحياة، مصرحاً في إحدى مقابلاته الأخيرة أنه كان يريد أن تتضمن تصاميم هذه التراجيديا، وما تُجسده من حب ممنوع ومستحيل بين يابانية وأميركي، أزهاراً ووروداً رسمها على قطعة الكيمونو التي أرادها أن تحرر المرأة. قال إنه أراد في هذه التصاميم أن «احترام التقاليد الروحانية اليابانية قدر الإمكان وفي الوقت ذاته ترجمة وجهة نظرة بوتشيني حتى تجعل المشاهد يحلم ويحلق بخياله بعيداً».
وُلد كنزو تاكادا في عام 1939 في هيمجي بالقرب من مدينة أوساكا وتوفي في باريس عن عمر يناهز الـ81 عاماً.
قد يهمك أيضا :
أبرز الفساتين الوردية لإطلالة مختلفة على طريقة النجمات تعرّفي عليها