لندن ـ ماريا طبراني
أخبر الطبيب العام، السيدة ويندي لي، أن السبب وراء تعرقها بغزارة ليلًا، كان واضحًا وباعتبارها سيدة في منتصف الأربعينات من عمرها فإنها تمر بمرحلة أسماها الطبيب بـ "التغير"، ولكن التعرق ليلًا هو من بين الأعراض الشائعة في مرحلة انقطاع الطمث، ومرحلة ما قبل سن اليأس، وذلك خلال الفترة التي تقلل فيها المبايض من إنتاج هرمون الأستروجين، ويبدو أن ويندي كانت تعاني من مثل هذه الأعراض في أغلب الأحيان أكثر من المتوقع.
وتبلغ ويندي الآن 51 عامًا، وتتذكر ما حدث لها قائلة "كنت أشعر بتقلصات مستمرة في البطن وشعور عام بالإعياء، وعندما ذهبت لرؤية الطبيب قيل لي أني أمر بهذه المرحلة من التغيرات"، وأشار الطبيب إلى الأعراض التي تعاني منها ويندي، والتي بدأت تتحسن في عام 2009، ومع ذلك فإن هذه الأعراض لا تزال قائمة حتى الآن، وعاودت ويندي طبيبها عدة مرات على مدار عامين، إضافة إلى ثلاثة آخرين مختلفين، للوصول إلى أصل المشكلة التي تعاني منها، وكانت تشكو في كل مرة، ولكن ليس من التعرق ليلًا فقط، بل من آلام أسفل الظهر والبطن أيضًا، وقالت "لم أكن أعتقد أن الأمر له علاقة بانقطاع الطمث، فلطالما كانت منتظمة، وبالبحث على الإنترنت عن الأعراض التي كنت أعاني منها، لم يبد لي الأمر أنه مرتبط بانقطاع الطمث".
وتعمل ويندي مديرة للمبيعات في ميلتون كينز في باكينغهامشاير، وكانت ويندي تخضع لاختبارات مختلفة، لفحص مستويات الهرمون لديها، ومسحة عنق الرحم، وفحص الدم لكن أوضاعها كانت طبيعية بعد كل هذه الفحوصات، وبعدها راجعت ويندي طبيب أمراض نسائي، والذي أشار بدوره إلى أمراض الدم، ويشتبه الطبيب المتخصص في أن الأعراض التي تعاني منها ويندي بعيدة تمامًا عن انقطاع الطمث، وقد يكون وراؤها أسباب خطيرة لن يعرفها إلا بعد خضوعها لفحص بالأشعة المقطعية، وأخيرًا وفي شهر كانون الأول/ديسمبر في عام 2011 كشفت الفحوصات أن ويندي تعاني من سرطان في الغدد الليمفاوية، وتطور السرطان في الأوعية والغدد التي تشكل الغدد الليمفاوية، ويعدّ التعرق ليلًا واحدًا من الأعراض الشائعة لسرطان الغدد لكن التعرق بسبب انقطاع الطمث، يحدث في الفترة القريبة من الحيض، أما التعرق الناتج عن سرطان الغدد الليمفاوية فقد يحدث في أي وقت من الشهر وغالبًا ما يوصف بأنه غزير جدًا لدرجة أنها تبلل الأغطية، وبعد أن كشف المسح عن تضخم الغدد، ووجود تورمات داخل الجهاز اللمفاوي، قالت ويندي بعد معرفتها لإصابتها "شعر جزء مني بالفزع بمجرد سماعي أنني مصابة بالسرطان، ومع ذلك شعرت ببعض الراحة أيضًا وعرفت أنني لم أجن ولم أكن في حالة إنكار بشأن مروري بمرحلة انقطاع الطمث، فقد كان هناك شيء ما خاطئ".
وأشارت التقديرات إلى أنه يوجد 13 مليون سيدة في بريطانيا، انقطع عنها الطمث أي حوالي ثلث عدد الإناث البالغات، وعانى منهن نحو 70% من أعراض مثل التعرق ليلًا وجفاف المهبل والهبات الساخنة، وزيادة الوزن وفقدان الذاكرة، وانخفاض الرغبة الجنسية، وتدني الحالة المزاجية، وتستمر هذه الأعراض لأشهر أو حتى لأعوام قبل أن يتوقف الجسم نهائيًا عن التبويض وتوقف الطمث، وتم تعريف متوسط سن انقطاع الطمث رسميًا بعد آخر طمث للمرأة في عمر 51 عامًا، ولكن هناك مخاوف من أن الأطباء يكونوا متسرعين في تشخيص النساء وتسميتهم في الفترة من منتصف وحتى أواخر الأربعينيات، حيث يكون انقطاع الطمث بسبب حالة صحية أخرى، وخلال الشهر الماضي، وعلى سبيل المثال وجدت دراسة قامت بها جامعة كوليدج لندن ومعهد أبحاث السرطان في بريطانيا، كانت قد أجرت بحثًا على 2000 مريض بسرطان الأمعاء، وأن النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بالسرطان، لأن الأعراض قد اختلطت على الأطباء والنساء أنفسهن مع أعراض انقطاع الطمث، لدرجة أنه يمكن تشخيص سرطان المبيض وفرط نشاط الغدة الدرقية، والاكتئاب على أنهم أعراض لانقطاع الطمث.
ويصف الدكتور مارك فاندربامب وهو استشاري الغدد الصماء في عيادة الأطباء في لندن، الوضع قائلًا "إنها حالة طبية شائعة بالنسبة فرط نشاط الغدة الدرقية ليتم الخلط بينها وبين انقطاع الطمث، إذا كانت المرأة تتعرض لهبات ساخنة". وقال الدكتور مارك أن الاختلاف هو أن الهبات الساخنة بسبب انقطاع الطمث تكون مفاجأة ومتقطعة، أما فرط نشاط الغدد الدرقية يؤدي إلى عدم تحمل الحرارة الأكثر من مزمنة والتعرق".
وأضاف مارك "الأمر يتطلب فحص بسيط للدم من قبل الطبيب المعالج لمعرفة مستويات الهرمون، وينبغي تقرير ما إذا كانت الحالة هي انقطاع للطمث أم شيء آخر"، وهناك أيضًا تعارض بين أعراض انقطاع الطمث والاكتئاب، ربما بسبب تقلب المزاج وفقدان الرغبة الجنسية، وحتى أعراض بدايات الخرف فكل من أعراض انقطاع الطمث والخرف، يمكنها أن تؤدي إلى فقدان الذاكرة أو ما يسمى بـ "ضباب الدماغ" وهو شعور بالارتباك الخفيف، وهذا يعني أن الظروف تخلط على البعض، ويقول جورج ماكنامارا رئيس قسم السياسات في جمعية الزهايمر "سمعنا عن بعض الحالات التي ظهر فيها أعراض مبكرة للخرف، ولم يعتد بها كأعراض لانقطاع الطمث" ومع ذلك تقول الدكتور جيني بيروم استشاري الأمراض النسائية في مستشفى برمنغهام للمرأة، إنه ينبغي التأكد من أن أغلبية النساء في سن الأربعينيات والخمسينيات اللاتي تعرضن للتعرق أو تقلبات مزاجية على سبيل المثال، يكون بسبب انقطاع الطمث".
وتابع الدكتور لويس نيوسون، وهو طبيب عام يدير عيادة في مستشفى سباير باركواي، في سوليهول في وركويكشاير، أن المشكلة هي أن الطبيب العام لديه أقل من 10 دقائق لتقرير ما إذا كانت المرأة تمر بمرحلة انقطاع الطمث، أو أنها تعاني من مرض يهدد الحياة ويعلق أيضًا قائلًا "إذا عانت المرأة من مثل هذه الأعراض التي تقلق حيالها فعليها مراجعة الطبيب خلال 3 أسابيع، وإذا لم تكن راضية عن تشخيص الطبيب فإنها يحل عليها اللجوء لمختص خلال أسبوعين، وإذا كانت المرأة تشعر بالقلق حقًا فإنها يجب أن تخضع لمزيد من الفحوصات". أما بالنسبة لويندي فإنها الآن في فترة خمول، لكن الأطباء قالوا لها إنه من المرجح أن يعاودها السرطان مرة أخرى وأنها ستحتاج على علاج مرة أخرى، وتقول ويندي معلقة على حالتها "كنت مريضة حقًا عند تشخيصي وقد انتقل السرطان من الغدد اللمفاوية إلى نخاع العظم، بسبب تأخر التشخيص وربما إذا تأخر التشخيص أكثر من ذلك لما كنت بينكم اليوم".