ما واجهه مصنع "ألفا" لتنصيع الأدوية والأمصال شكّل صفعة قوية للقطاع الطبي والاستشفائي في لبنان، هذا المصنع الذي يلبي حاجة 60 في المئة من المستشفيات، وجد نفسه مرغماً على الإقفال يوماً كاملاً نتيجة انقطاع مادة المازوت. لم تنفع الصرخة التي أطلقت بالأمس من نقابة المصانع ومصانع الأدوية جميعاً سوى بتأمين المازوت ليوم واحد فقط!

وفق المعلومات أن "المصنع سيعمل كل يوم بيومه، وسيتمّ تأمين حاجته اليومية إلى حين معالجة الأزمة. تأمين كمية محدودة سيكون الحل الموقت إلى حين التوصل إلى حل آخر شبيه بواقع المستشفيات والتسليم بالقطارة بشكل مستمر".
 
أثار خبر توقف أكبر مصنع لصناعة وإنتاج الأمصال في لبنان بسبب فقدان مادة المازوت هلعاً عند الناس التي تعاني ما تعانيه من أزمات متراكمة في الغذاء والدواء والمحروقات... هاجس واحد بات يرافق اللبنانيين طوال الفترة الماضية هو كيفية تأمين أبسط الاحتياجات في ظل الانقطاع الفاضح بكل المواد.
 
ما جرى مع مصنع "الفا" قد يتكرر مع المصانع الـ12 الأخرى التي ترزح تحت شح المازوت، ويُشارك صاحب شركة الأمصال اللبنانية أمين صندوق نقابة مصنّعي الأدوية طارق طبّارة لـ"النهار العربي" مخاوفه مما آلت إليه الأمور مؤخراً في هذا القطاع، ويقول: "نواجه المصير نفسه في حال بقيت الأزمة مستأثرة،فمصنع "ألفا" يلبي حاجة 60 في المئة من المستشفيات في حين نؤمن 40 في المئة. وعليه تواجه مصانع الأدوية والأمصال أزمة حقيقية تستوجب إيجاد حلول سريعة، وقد جرى الضغط على السياسيين والمعنيين لمعالجة المشكلة بشكل حازم". مشيراً إلى أن "حاجة المصانع الدوائية الـ12 الموجودة في لبنان تستهلك حوالى مليون ليتر سنوياً من المازوت، وتختلف كمية الاستهلاك اليومي لكل مصنع. لذلك ستعمل نقابة المصانع على رفع تقرير مفصل لوزارتيّ الصحة والصناعة يحدد فيه حاجة كل مصنع بالأرقام والنسب. ويبقى الأهم أن تكون صرختنا اليوم لتحقيق نتيجة إيجابية والصمود في وجه كل الصعوبات".
لم تصمد مصانع الأدوية والأمصال اللبنانية طويلاً قبل أن تسير على درب الجلجلة الذي سارت عليه المستشفيات قبلها. الكل يشكو من الشح القاتل والمتكرر للمستلزمات الطبية والمواد الأساسية ومؤخراً وصل الموسى إلى مخزون المازوت عند القطاع الاستشفائي.
صرخة نقيبة مصانع الأدوية في لبنان كارول أبي كرم اليوم ليست من باب التهويل وإنما من منطلق تحذيري، تؤكد لـ"النهار" أن "لا داعي لأن يهلع الناس، الأمصال موجودة وهناك احتياط في المخزون للأمصال خصوصاً بعض الأنواع، وبالتالي ستضطر الى البيع من مخزونها من دون أن تغزي احتياطها. ومن هنا جاءت صرخة الأمس لأن استخدام الأمصال هو حاجة دائمة وكبيرة (لاسيما مع و#كورونا) وهي مؤمنة بنسبة 100 في المئة من الصناعة الوطنية وتحتاج إلى الإبقاء على انتاجها بشكل مستدام وتفادي الوصول إلى انقطاعها في حال الاستهلاك من المخزون من دون الانتاج. وأكثر الأمصال تأثراً هي الأمصال المستخدمة لغسيل الكلى والتي يصنع منها كميات محدودة. وبعد توقف المصنع عن انتاج الأمصال لمدة يومين، تمّ تأمين كمية بسيطة كفيلة في التعويض عن العمل". مشيرة إلى أنه "سنرفع اليوم تقريراً مفصلاً بالكميات المستهلكة شهرياً للمصانع حتى يتم البحث بها وتطبيق آلية توزيع المازوت على هذه المصانع كما جرى مع المستشفيات مؤخراً. وعليه، سنتابع مع كل المعنيين حتى يؤمن المازوت لمصانع الأدوية، والمخزون لبعض الأمصال يكفي لمدة شهرين أو ثلاثة لكن المشكلة فقط في أمصال غسيل الكلى التي قد تشح كميتها في حال لم يواصل انتاجها بشكل دائم ومستمر".
وكشف نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون لـ"النهار" أن "المستشفيات عادة تقوم بإجراء تلبيتين في الأسبوع الواحد للأمصال، حيث يحتاج المريض الواحد إلى قرابة 5 أمصال يومياً".
أما بالنسبة إلى المازوت، يوضح هارون أن "المنشآت النفطية التابعة لوزارة الطاقة لم تسلم أي كمية من المازوت إلى المستشفيات بل نستلمها من شركات خاصة وتكون "بالقطارة" والتي تكفي أحياناً يوماً واحداً أو يومين. ولقد تلقيت اتصالات اليوم من أكثر من مستشفى ومنها مستشفى "بهمن" و"الحياة" و"القرطباوي" تبلغني بنفاد المازوت الذي لم يعدّ يكفيها إلا ساعات قليلة. وبرغم اشتداد الأزمة، لم نتلقَ بعد أي جواب نهائي من وزارة الطاقة لتسليم الكميات المطلوبة حسب اللوائح التي سلمت إليهم تشرح بالتفصيل حاجة كل مستشفى من المازوت".
ويكشف هارون أنه "في انتظار تبلغ الوزارة تعلميات والتي على أساسها نتوقع تأمين المازوت للمستشفيات. وتستهلك المستشفيات يومياً حوالى 350 ألف ليتر أي ما يعادل 10 ملايين ليتر شهرياً".
ولا يستبعد نقيب المستشفيات أن نصل إلى مرحلة نشهد فيها نقل المرضى إلى مستشفيات أخرى بعد تعذر تأمين حاجتها من المازوت. وأمام هذا الواقع لا يمكن القول سوى "ليرحموا العالم".

قد يهمك أيضا

أسباب طلب حسن الأوكسيجين من سوريا

المستشفيات تطالب برفع الأسعار مع تهاوى الوضع الصحى