محافظة "خوزستان" الإيرانية

يقطن الكثير من العرب محافظة "خوزستان" الإيرانية لأنها تقع بالقرب من العراق، ولها ارتباطات تاريخية مع المنطقة العربية، كما أنها تحتضن في ترابها العشرات من الأنبياء القدماء ومنهم النبي دانيال، ويُطلَق على أهالي هذه المحافظة "الكرماء"، وهم سرعان ما يتلاطفون وينسجمون مع الزائرين ورواد هذه المحافظة، أما كرم وجود أهلها فهو ملموس ويُضرب به المثل.
وتتمتّع "خوزستان" بطبيعة خلابة، حيث تُعتبر مركزًا مهمًا لزراعة القمح والأرز وقصب السكر، كما أنها مشهورة بزراعة نخيل التمر والحمضيات والبطيخ الأحمر، إضافة إلى الزيتون في المناطق الجبلية من المحافظة.
وتقع محافظة "خوزستان" ومركزها مدينة الأهواز في جنوب غربي ايران، وتعد مركزا رئيسيا لاستخراج النفط في ايران.
ومحافظة خوزستان هي أحدى أكبر المحافظات الجنوبية لإيران، حيث يوجد فيها مناطق سياحية في المجالات الطبيعية، التاريخية والاجتماعية والثقافية، وتعتبر من المناطق القديمة ذات حضارة عريقة في العالم، وهي احدى المناطق الخصبة لإيران ويطلق عليها "زر خيز"، أي المنطقة التي تضاهي الذهب من حيث القيمة والسعر، ولها تربة ومناخ مناسب للزراعة.
وسُمِّيت خوزستان طوال التاريخ بأسماء متعددة ومختلفة فكلمة "خوزستان" هي بمعنى "بلد خوز"، ويعتقد مؤرخون يونانيون أنه كان يسكن في شرق مدينة أهواز الحالية باسم "اوكسي، وجاءت هذه الكلمة في اللغة اليونانية بشكل "اوژ" وفي اللغة البهلوية بشكل "هوح" التي تبدلت في اللغة الفارسية الى "هوز".
واقتُبست كلمتا "خوزستان وأهواز" من كلمتي "خوز" و "اوز" وجاءت في مرات عدة كلمة "خوزستان" و"خوزستاني" في النقوش الحجرية الهخامنشية بشكل "هوجه" و"هوجيه"، وتبدلت هذه الكلمة في اللغة الفارسية الى "هوز" واصبح جمعها في اللغة العربية "أهواز".
ويوجد عدد من الأضرحة للأنبياء وأبرزهم دانيال‌ بن‌ يوحنا، من‌ ذرية‌ النبي‌ داوود صاحب‌ كتاب‌ نبوة‌ ينبئ بأحداث‌ مستقبلية‌ وبعثة‌ نبي‌ آخر الزمان‌ الرسول‌ محمد (صلى الله عليه وسلم‌)، يلقب‌ بنبي‌ الله وهو معاصر للنبي‌ "عزيز" وللملكين‌ الإيرانيين‌ كوروش‌ وداريوش‌ الكبير وأُسر في‌ مدينة القدس‌ بعد فتح‌ نبوخذ نصر لها العام‌ 568هـ.ق‌، ونُقل‌ إلى بابل‌ وعاش‌ فيها، وفي‌ رواية‌ لبعض‌ المؤرخين‌ انّه‌ وقع‌ أسيراً في يد نبوخذ نصر في‌ جملة‌ من‌ أُسر من‌ بني‌ إسرائيل‌ العام‌ 606هـ.ق، وامتنع‌ في‌ بابل‌ عن‌ السجود لملكها، فأُلقي‌ به‌ إلى‌ أسود مفترسة‌، لكنه‌ خرج‌ منها سالماً لم‌ يُمسّ‌ بضرر، وبعد موت‌ نبوخذ نصر أعاده‌ بهمن‌ بن‌ اسفنديار إلى‌ بيت‌ المقدس، ومنها سافر إلى‌ أهواز مركز محافظة "خوزستان" وتوفي‌ في‌ "شوش".
ويوجد ضريح‌ النبي‌ دانيال‌ في‌ مدينة‌ شوش‌، على‌ ضفاف‌ نهر شاوور، وهو بناء واسع‌ جميل‌ وعلى‌ قدر كبير من‌ الشهرة‌ ويطالعنا في‌ بعض‌ النصوص‌ اسم‌ شوش‌ دانيال، كما نقرأ في‌ الكتب‌ الجغرافية‌ القديمة‌ أن‌ البعض‌ يعتقد بوجود القبر تحت‌ مياه‌ "نهر الكرخة‌ أو نهر شاوور" بينما يعتقد آخرون‌ أن‌ قبر هذا النبي‌ّ موجود تحت‌ جسر قائم‌ على "نهر شاوور".
وتحوَّل‌ مجرى‌ النهر ليغطي‌ القبر، وبعد قرون‌ عدة‌ أقيم‌ على‌ النهر جسر، وبُني‌ الضريح‌ فوق‌ الجسر، إلا أن‌ هذا البناء تهدم‌ بفعل‌ الأمطار حتى‌ أعيد بناؤه‌ عام‌ 1287هـ.
وفي‌ العام‌ 1973م جُرف‌ مجرى‌ النهر مرة‌ أخرى‌ بمقتضى‌ خطة‌ تنظيم‌ مدينة‌ “شوش‌” فتظهر القبر، وأبدى‌ الكثيرون‌ رغبتهم‌ في‌ إعادة‌ إعمار المقبرة.
أما الصناعة اليدوية فلها تاريخ طويل في هذه المحافظة، حيث كانت تنتج أنواعًا من الأواني والمواقد في العهد العيلامي، وكانت تُشتَهَر كذلك بإنتاج أنواع من الملابس والأقمشة مثل الحرير في العهد الساساني.