مراكش_ثورية ايشرم
لطالما كانت ساحة "جامع الفنا" في مدينة مراكش الوجهة الأولى التي يقصدها الزوار؛ لاكتشاف جمالها ومعالمهما وخصائصها المتعددة والمتنوعة التي تمتاز بها، وتجعلها تصنف ضمن الساحات العالمية الأكثر إقبالًا من السياح الذين يقصدونها من داخل المغرب وخارجه، كما أنّ مميزاتها المتعددة مكنتها من الدخول إلى لائحة أفضل عشر ساحات في العالم، حيث احتلت المرتبة الثانية بحسب تصنيف الموقع العالمي "Adioso " المتخصص في تحديد أفضل الوجهات السياحية في العالم، فضلًا عن تصنيفها تراثا شفويا للإنسانية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".
وتشهد الساحة التي تعرف بـ"القلب النابض لمدينة مراكش"، على مدار فصول العام، حركة دؤوبة كونها تلك الوجهة الملهمة التي يقصدها الزوار من كل حدب وصوب، فضلًا عن كونها مكانا مفضلًا لدى الشعراء والأدباء والمؤرخين والمبدعين من خلال بعدها الثقافي الرمزي وحركة نشاطها التي تمتاز بها على مدار العام.
وتعتبر المزار والمسرح الكبير الذي يقدم مختلف العروض في الهواء الطلق لفائدة زوار المدينة وعشاقها الذين مع مجرد أن تطأ أقدامهم الساحة حتى يظهر لهم ذلك التباين المختلف في تلك الحلقات التي ينظمها صناع الفرجة في هذه الساحة التي تتنوع وتختلف؛ لتجعل الساحة نابضة، لا سيما في الفترات المسائية، حيث يطلق عليها البعض اسم "ساحة العجائب" بينما يرى فيها البعض الآخر ذلك المطعم الشعبي المفتوح أمام مختلف فئات المجتمع، ولا يخرج منها الزائر جائعا.
فضلًا عن وصفها من البعض بـ"الملتقى الشعبي لمختلف الثقافات والجنسيات" حيث تختلط فيها مختلف المظاهر المجتمعية منها العرافات مزينات الحناء وبائعات الخبز ومختلف الفطائر والمطاعم الشعبية التقليدية التي تقدم مختلف الأطباق المغربية عمومًا والمراكشية خصوصًا، والتي تجدها مزدحمة ومكتظة بالرواد من مختلف الجنسيات، ما يدفعك إلى الوقوف في طابور للحصول على مقعد شاغر للاستمتاع أثناء أكل هذه الأطباق اللذيذة.
كما أن للساحة معالمها وسحرها الفاتن الذي يختلف مع اختلاف فترات اليوم، حيث تجد الساحة مكتظة جدًا بالزوار في الفترة المسائية حين يحلو السهر والتجوال في أرجاء الساحة، لا سيما في فصل الصيف، إذ حققت الساحة كعادتها نسبة إقبال تتجاوز 80 في المائة يوميًا، فتجد الزوار يلتفون حول مختلف العروض التي يقدمها صناع الفرجة في الساحة والتي تتنوع بين الغناء الكلاسيكي والغناء الشعبي المغربي ومختلف ألوان الفولكلور المغربي الذي يعبر عن ثقافة مجموعة من المناطق المجاورة للمدينة الحمراء.
كما أنها تعتبر حلبة للألعاب البهلوانية التي ينفذها مختصون في هذا المجال لتحقيق نوع من الفرجة الممتعة التي يستمتع بها الزوار، فضلًا عن حركات وعروض حيوانية مقدمة من أصحاب القردة والثعابين، من دون نيسان الرواة الذين تجدهم يحكون قصصا خيالية مقتبسة من الزمن الجميل، في طريقة سلسلة ومشوقة تبعث على الرغبة في الاستماع إلى النهاية من دون أنّ يخترقك شعور الملل.
ولا يمكن لجمالها أن يبرز فقط خلال النهار، فلكل وقت سحره الذي يخطف الأنظار ويحول الساحة إلى وجهة لا يمكن إهماله عند زيارة مراكش، خصوصًا أنّ ليلها لا ينكشف إلا لمن يعرف كيف ينفلت من ضجة النهار، ليندس بين خيوط الظلام، حيث يرخي الليل سدوله ليكون ليلًا مميزًا لا يشبه الليل في أي مكان آخر ليتحول إلى ستار كما يطلق عليه المراكشيون، تساهم فيه تلك الأضواء المنبعثة من مختلف المحلات التجارية والأسواق التقليدية والمطاعم المنتشرة في أرجاء الساحة.
ولا يمكن نسيان لمسة الإضاءة الخافتة والمنبعثة من تلك الفوانيس التقليدية التي تزين جدران صومعة مسجد الكتبية التي تعتبر الحارس الليلي الذي يحرس الساحة طيلة الليل، حيث يحلو السهر الشعبي والمتعة التقليدية التي يرغب فيها كل زائر لهذه المدينة التي لا تهدأ ولا تنام.